الماء مقابل الكهرباء.. معادلة تطبيعية لعينة توسّع مساحة التداخل والاعتماد المتبادل بين الأردن وإسرائيل

من المقرر ان يوقّع الأردن وإسرائيل الأسبوع المقبل اتفاقية المياه مقابل الطاقة، بدعم من الولايات المتحدة والإمارات، وهي اتفاقية نتجت عن أشهر من المفاوضات حول الحلول المشتركة لأزمة المناخ، فيما يعتبر مراقبون هذه الخطوة بمثابة حركة تطبيعية جديدة تستهدف إعادة بناء الثقة بين عمان وتل أبيب، ما قد يؤدي إلى تبريد الخلافات بينهما وإنهاء أزمة دبلوماسية مستمرة منذ سنوات.
ويشمل إعلان النوايا الذي ستوقعه الدول الأربع قيام إسرائيل بشراء الطاقة الشمسية من الأردن، مقابل زيادة كمية المياه المحلاة التي تبيعها للمملكة، حيث تتطلع إسرائيل إلى دول الجوار لبناء محطات للطاقة الشمسية وخفض الانبعاثات الكربونية.
وتجري إسرائيل محادثات لبناء محطات طاقة شمسية في دول مجاورة، في إطار خططها لخفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز قطاعها للتكنولوجيا الخضراء.
وقال يائير باينز المدير العام بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن “المحطات ستُبنى في دول بها مساحات من الأراضي غير المستغلة أكثر من إسرائيل المكتظة بالسكان، والتي ستشارك بخبرتها التكنولوجية”.
ويقول مراقبون إن التعاون في مجال الموارد المائية قد ينتعش تحت ضغط التغير المناخي الذي يتسبب بموجات جفاف تزداد حدة، ما يلعب دورا أيضا في مضاعفة تطبيع العلاقات بين البلدين على أصعدة أخرى.
وأظهرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الأمم المتحدة مؤخرا، أن المناخ يتغير بوتيرة أسرع مما كان متوقعا، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على إمدادات المياه المحدودة، في حين أن الطلب يشهد بدوره نموا أكثر من أي وقت مضى.
ويرى خبراء أنه بدلا من إثارة الخلافات، فإن الوضع قد يحمل إسرائيل والأردن إلى زيادة غير مسبوقة في التعاون في مجال المياه، في ظل التقدم التكنولوجي والضغوط المناخية، وتعزيز العلاقات.
وتقول الأستاذة في جامعة ديوك الأميركية المتخصصة في السياسة البيئية العالمية إريكا وينثال، التي عملت على الكثير من القضايا الإسرائيلية – الأردنية إن “المياه مورد يسمح للخصوم بإيجاد طرق للتعاون”.
ويعتبر الأردن من أكثر الدول التي تعاني نقصا في المياه وهو يواجه موجات جفاف شديد، ويعود تعاونه مع إسرائيل في هذا المجال إلى ما قبل معاهدة وادي عربة التي وقعاها في العام 1994.
وعلى غرار كل أوجه العلاقات الثنائية بين الأردن وإسرائيل، عانى ملف المياه أيضا في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، إذ اتهمه خصومه بالسعي إلى توطيد العلاقات مع أعداء إيران في الخليج على حساب الأردن.
ولكن منذ تولي رئيس الوزراء نفتالي بينيت السلطة في يونيو الماضي، تلوح إشارات تطبيعة في الأفق بعد الموافقة في يوليو على أكبر صفقة للمياه على الإطلاق بين الطرفين. ويُلزم اتفاق يوليو إسرائيل بيع 50 مليون متر مكعب إضافي من المياه للأردن.
وتظهر تقديرات مختلفة أن الدولة العبرية لا تمتلك أراضي كافية لتكثيف إنتاج الطاقة الشمسية اللازمة وسيتعين عليها شراؤها من الأردن لتحقيق أهدافها.
ويقول المسؤول في منظمة “إيكو بيس ميدل إيست” غير الحكومية جدعون برومبرغ إن “توافق المصالح غير المسبوق قد يساعد في تصويب العلاقات الدبلوماسية شبه المقطوعة”، معتبرا أن “ثمة فرصا قليلة لمحاولة إعادة بناء الثقة، المياه والطاقة هما من هذه الفرص القليلة”.
والعلاقات بين عمان وتل أبيب مأزومة بسبب خلافات في عدة ملفات، إلا أن إشارات إيجابية تلوح في الأفق لتبريد الخلافات في ظل قيادة إسرائيلية جديدة أبدت انفتاحها على الجار الإقليمي المهم.
وشهدت العلاقات بين الأردن وإسرائيل جفاء واضحا في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو (2009-2021)، إلى درجة دفعت العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إلى وصفها خلال جلسة حوارية في الولايات المتحدة بأنها “في أسوأ حالاتها”.
ودفعت انتهاكات إسرائيل المستمرة بحق المسجد الأقصى وفي القدس بشكل عام نحو المزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، حيث تمثل تجاوزا صريحا من تل أبيب لدور عمان ووصايتها على المقدسات الفلسطينية.
وأدت الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وما رافقها من حراك أردني رسمي واحتجاجات شعبية واسعة، إلى المزيد من اتساع الشرخ في العلاقات بين عمان وتل أبيب، لاسيما وأن الأخيرة تجاهلت بانتهاكاتها، الدور الأردني تجاه مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى.
ويتطلب تصويب عمان لعلاقاتها مع تل أبيب مجموعة من الضوابط، يقول مراقبون إن القيادة الإسرائيلية الجديدة لن تستجيب لأغلبها رغم الانفتاح الذي تبديه.
ويؤكد مراقبون أن الأردن لديه متطلبات أساسية في تعامله مع إسرائيل، ولا بد من احترامها (من جانب تل أبيب)، وفي مقدمتها الأماكن المقدسة ووصاية المملكة عليها وحل الدولتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى