الأهداف الخمسة من كثافة طائرات الاحتلال في أجواء غزة

بقلم: أيمن تيسير دلول*

تحليق طائرات الاستطلاع الصهيونية المقاتلة على مدار الساعة في سماء قطاع غزة، وبهذه الكثافة والانخفاض، لا يمكن بحالٍ من الحال اعتباره أنه مسألة اعتباطية أو عادية يمكن قراءتها في سياق الروتين من قبل سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي، وهذا التوجه الذي أتحدث به مستنبط من أحداثٍ أخرى سابقة عاشتها الساحة الفلسطينية.
وحتى لا نبتعد كثيراً عن الحديث في هذه المسألة، فلا يمكن قراءة أسباب وأهداف هذا التحليق إلا لواحدة من المسائل التالية أو أكثر:
1- قيام قوات الاحتلال بتنفيذ عملية أمنية داخل قطاع غزة وخشيتها من انكشاف وانفضاح أمرها، كما حدث في عملية حد السيف التي اكتشفت خلالها كتائب القسام وفضحت مخطط كبيرة لوحدة “سيرت متكال” على مشارف خانيونس قبل سنوات، فقتلت قائد الوحدة وأصابت آخرين وسيطرت على أجهزة تنصت ومعدات بالغة الحساسية، الأمر الذي لا تزال ارتداداته تتوالى على قيادة الاحتلال حتى يومنا هذا، رغم مرور سنوات على افتضاح تفاصيل ذلك المخطط. فقوات الاحتلال قد تكون تتابع تنفيذ عملية مهمة داخل القطاع ولذلك تقوم بالتغطية عليها بهذا الكم من الطائرات، وبعضها محمل بالصواريخ للتدخل في لحظة الصفر إن حدث أي طارئ، كي لا يتكرر مشهد ما جرى في خانيونس.
2- وقد يكون الهدف من هذا التحليق المكثف تحديث بنك أهداف لقوات الاحتلال الإسرائيلي، بعدما وقعت في حرجٍ شديد من الأهداف التي استهدفتها في المواجهات السابقة مع المقاومة الفلسطينية، ولم تكن أهدافها “على مستوى طموحات وتطلعات قيادة جيش الاحتلال” للإضرار بالمقاومة الفلسطينية ومخططاتها.
3- أما الهدف الثالث من هذا التحليق، فقد يكون محاولة للوصول إلى معلومات حقيقية وموثوقة عن تجهيزات واستعدادات تقوم بها المقاومة الفلسطينية هذه الأيام لتطوير منظومة عملها العسكرية والأمنية.
4- وفي الحديث عن الهدف الرابع، فمن غير المستبعد على قوات الاحتلال أن يكون هذا التحليق بهدف الإشراف على عملية للموساد الإسرائيلي داخل غزة ولا ترغب قوات الاحتلال “كعادتها” في مثل هذه العمليات بترك بصمات تشير إليها؛ لإدراكها أن أي اعتداء على غزة واتضاح تورط الاحتلال الإسرائيلي فيه سيكون مردوده صعباً على حكومةٍ تترنح.
5- وفي هدفها الأخير من وراء هذا التحليق لأسراب هذه الطائرات ليلاً ونهاراً، قد يكون طموح قيادة قوات الاحتلال هو الوصول لقيادي أو أكثر في غزة بالاغتيال أو الاختطاف، وهي بهذا الكم من الطائرات لا ترغب بحدوث أي فشل خلال التنفيذ الميداني لمثل هذا الهدف، خاصةً مع طموحها لأن يكون نجاح الخطوة الأولى في تنفيذ عملية من هذا القبيل ساتراً لها من مغبة فضيحة داخلية قد تُطيح بحكومتها غير المتجانسة التشكيل.
أخيراً، فقيادة الاحتلال الإسرائيلي تُدرك جيداً أن العبث مع ساحة غزة يختلف كثيراً عن تدخلاتها في العديد من الساحات بمناطق مختلفة في الساحات الدولية، ولأجل ذلك فقد بات تنفيذ أية عملية في هذه الساحة الملتهبة يخضع لدراسات معمقة وتخطيط يختلف كثيراً عن أي مكان في العالم. وأمام هذا الواقع فلا مناص من بقاء قيادة غزة وأهلها على أهبة الاستعداد الدائم، فلا نوم لهم إلا وعيونهم مفتوحة، ولا غفوةٍ إلا والبندقية في اليد والاصابع على الزناد.

*كاتب وإعلامي فلسطيني من غزة

Email: [email protected]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى