توقعت أوساط سياسية أن تلعب روسيا، من خلال استقبالها القيادي الفتحاوي المفصول، ممثل تيار الإصلاح محمد دحلان خلال زيارته لموسكو والتي تستبق زيارة مرتقبة لمحمود عباس، دور الوساطة في محاولة لإعادة ترتيب البيت الداخلي لحركة فتح وإنقاذها من التشذرم، وذلك بعد خلافات حادة برزت وتفاقمت خلال التحضيرات للانتخابات التشريعية التي كان مقررا إجراؤها في مايو الماضي قبل أن يتم إلغاؤها.
فقد حملت الزيارة التي قام بها دحلان على رأس وفد من تياره إلى موسكو، مجموعة من الدلالات السياسية التي يمكن أن تؤثر على الأوضاع داخل فتح والقضية الفلسطينية برمتها.
وقد استقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الثلاثاء الماضي، محمد دحلان وسمير المشهراوي وجعفر هديب، في مقر الوزارة بصفتهم ممثلين عن تيار الإصلاح، وذلك قبل أن يتم استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في موسكو أيضا.
ففي الوقت الذي يستعدّ فيه محمود عباس، لزيارة روسيا، خلال الأسابيع المقبلة، استبق القيادي المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان، تحرّك «أبو مازن»، بزيارة عاجلة إلى موسكو، على أمل إعادة إحياء حظوظه في خلافة عباس، عبر «المصالحة الفتحاوية» والدعم الروسي والعربي المأمول له.
ويزور رئيس السلطة العاصمة الروسية، من أجل بحث «دعم القضية الفلسطينية»، وفق المتحدّث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، الذي لم يُعطِ تفاصيل أوفى، لافتاً إلى أن «العلاقة الفلسطينية – الروسية جيّدة ومتوافقة».
غير ان وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي اكد، اليوم السبت، أن الرئيس محمود عباس سيزرو موسكو في 23 نوفمبر المقبل.
وبين المالكي، أن عباس سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تلك الزيارة.
وفي الانتظار، أثارت زيارة دحلان لموسكو حفيظة أطرافٍ فتحاوية مقرّبة من عبّاس، اعتبرت أن خطوته تحمل «أهدافاً تخريبية على جهود الرئيس»، في الحصول على دعمٍ روسي لطرحه الأخير المتّصل بإمهال دولة الاحتلال عاماً واحداً للعودة إلى المفاوضات.
وفد «التيار الإصلاحي»، بقيادة محمد دحلان الذي التقى وزير الخارجية سيرغي لافروف، تباحث معه في عددٍ من القضايا، أبرزها «المصالحة الفتحاوية» التي بات دحلان يأمل في أن تحدث في وقت قريب، والوضع الفلسطيني الراهن ومآلاته بعد رحيل عباس، في حين يشهد «التيار الإصلاحي» ذاته تصدّعات، نتيجة اختراقات أحدثها فيه جهاز المخابرات التابع لعباس، لإعادة أعضاء منشقّين إلى صفوف حركة «فتح»، شريطة إعلان تبرّئهم من دحلان.
وتُعدّ زيارة الأخير لموسكو الثانية خلال سنوات، بعدما ظهر عام 2015 في مؤتمر داخل مقرّ الكرملين، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين. وترى أوساط «فتحاوية» أن زيارته تأتي في محاولة منه لتلميع صورته، والقول إنه حاضرٌ وقوي على الساحتَين العربية والدولية، ويحظى بدعمٍ روسي وعربي، وربّما أميركي، لوراثة عباس في رئاسة السلطة، و«منظمة التحرير».
وبالفعل، يأتي تحرّك دحلان، في ضوء خشيته من قرب مغادرة عباس المشهد السياسي الفلسطيني، فيما لا تزال حظوظه هو متضائلة في وراثة «أبو مازن» في قيادة حركة «فتح»، نتيجة العداء الواضح له من أقوى رجال عبّاس، أي رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حسين الشيخ. ومن هذا المنطلق، يُسرّع دحلان الخُطى للعودة إلى الحركة، في ظلّ حديثٍ عن قرب عقد مؤتمرها الثامن، وبدء التحضيرات له، عبر السعي لاستجلاب ضغط روسي، بجوار ضغط عربي، لإجراء مصالحة بين الرجُلَين وترتيب أوراق «فتح»، قبل المؤتمر.
وكان أمين سرّ اللجنة المركزية للحركة جبريل الرجوب، أعلن تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الثامن المرتقب عقده في 21 آذار 2022، تتكوّن من 25 عضواً من اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري.
وتعدّ شعبيّة دحلان لدى عناصر حركة «فتح» في قطاع غزة وعددٍ من مخيّمات الضفّة الغربية المحتلّة، مصدر قلق بالنسبة إلى عدد من أقطاب حركة «فتح» في الضفة، الذين يرفضون عودته إلى الحركة بشكل قاطع، خشية أن يؤدّي ذلك إلى تقلّص فرصهم في وراثة عبّاس.