بعدما سبق ان تجرعت مرارة الحصار.. قطر قد تتوسط لتخفيف حدة المقاطعة الخليجية للبنان

أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، امس الإثنين، أنه “سيوفد وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت قريباً للبحث في السبل الكفيلة بدعم لبنان، ولاستكمال البحث في الملفات المطروحة، ولا سيما معالجة الأزمة اللبنانية – الخليجية”، في وقت دعا وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب السعودية إلى الحوار لحل الأزمة الراهنة بين الدولتين.

وجاء الإعلان القطري وفق بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الإعلامي، الذي أشار إلى أن ميقاتي أجرى، في اليوم الأول لمشاركته في قمة غلاسكو للمناخ، سلسلة اجتماعات ولقاءات عربية ودولية تناولت الوضع في لبنان وسبل دعمه للخروج من الأزمة التي يمرّ بها، وقد “شكر ميقاتي أمير قطر على موقفه الدائم الداعم للبنان”، وفق ما جاء في البيان.

كذلك، أكد رئيس الوزراء اللبناني لنظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح خلال اجتماعهما “حرص لبنان على العلاقة الوطيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على معالجة أي ثغرة تعتريها بروح الأخوّة والتعاون”.

وقال بيان ميقاتي إن “رئيس وزراء الكويت أكد حرص بلاده على لبنان، وسعيها المستمر لدعمه في كل المجالات، وفي الوقت ذاته حرصها على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي”. كما شدد على أن “لبنان قادر بحكمته على معالجة أي مشكلة أو ثغرة، وسيجد كلّ الدعم المطلوب من الكويت وسائر الدول العربية”.

وعقد رئيس الحكومة اجتماعاً مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا. وخلال الاجتماع، أكدت جورجييفا أن صندوق النقد الدولي “عازم على مساعدة لبنان للنهوض من أزمته الحالية”، معتبرة أن “خطة التعاون التي يجري العمل عليها تشكل فرصة يجب إنجاحها من كل المعنيين لأنها باب الحل الوحيد المتاح”.

ولا تلوح في الأفق أي بوادر لحلحلة الأزمة اللبنانية – السعودية التي كان واضحا أنها نتيجة تراكمات، وليس فقط بسبب تصريحات الوزير جورج قرداحي حول حرب اليمن قبل أن يتم تعيينه في منصبه الحالي في حكومة ميقاتي.

وقد تتدخل الدوحة بعد عودة الدفء للعلاقات بينها وبين الرياض وأبوظبي لترطيب الأجواء واحتواء الغضب الخليجي، لكن أي وساطة من هذا النوع قد تصل إلى طريق مسدود في ظل موقف السعودية المتعنت من حزب الله اللبناني.

وقد شكلت قمة المناخ في غلاسكو فرصة أيضا لميقاتي للقاء عدد من المسؤولين العرب والغربيين لطلب الدعم، بينما يواجه مأزقا سياسيا بعد تصريحات قرداحي وآخر اقتصاديا وهو نتاج صراعات داخلية وتراكمات سياسات منظومة الحكم التي يتهمها خصومها بـ”الفساد”.

فعلى هامش القمة ذاتها، تابع نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، سلسلة لقاءاته العربية والدولية في غلاسكو عاصمة استكنلدا (كوب 26)، محاولاً من جهة طلب المساعدة في حلّ الأزمة المستجدة مع السعودية وبعض دول الخليج، وفي الوقت نفسه الاستغاثة للحصول على دعم مالي في ظلّ تسارع مسار الانهيار الاقتصادي.

ولم تنجح مشاورات ميقاتي واتصالاته حتى اللحظة في تخفيف حدّة الأزمة مع الرياض،، أو أقلّه فرملة الإجراءات الصارمة التي تتخذها وغالبية الدول الخليجية في المجالات كافة، في مؤشر إلى عمق الخلاف، وصعوبة الخروج منه هذه المرّة.

وأبدت الأطراف الدولية حرصها على استمرار الحكومة، وامتعاضها في الوقت عينه من تخبّطها، رغم أنه لم يمضِ على تشكيلها شهرَيْن حتى، وجدّدت التذكير بأنّ أي دعم مالي لن يشق طريقه إلى لبنان قبل البدء بالإصلاحات.

واليوم الثلاثاء، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في تغريدة على “تويتر”، إنّه عقدت “اجتماعاً مثمراً” مع ميقاتي، مشيراً إلى أنهما ناقشنا “الحاجة لتطبيق الإصلاحات اللازمة لحل الأزمة الاقتصادية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة العام المقبل”، في إشراة إلى الانتخابات النيابية المقررة في 27 مارس/آذار 2022.

وبحسب بيان رئاسة الوزراء اللبنانية، جدد بلينكن جدّد خلال اللقاء مع ميقاتي، “دعم استمرار جهود الحكومة في اعادة الاستقرار وتحقيق التعافي الاقتصادي والمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي وصولاً إلى تنظيم الانتخابات النيابية”.

وأكد بلينكن “مواصلة دعم الجيش اللبناني والقطاعات التربوية والصحية والبيئية”، ونقل “الأهمية والعاطفة الخاصة التي يكنّها الرئيس جو بايدن للبنان ولاستقراره وتعافيه، تمهيداً لنهوضه من جديد”.

من جهته، عرض ميقاتي مقاربة الحكومة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان. كما عرض التحضيرات الحثيثة لإطلاق الخطة الاقتصادية وبدء التواصل مع صندوق النقد الدولي، طالباً “دعم الولايات المتحدة لهذه المسار”.

على صعيد اللقاءات أيضاً، قال المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء اللبنانية إنّ ميقاتي تحادث مع رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون بشأن العلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة المتحدة والدور البريطاني في دعم لبنان، لا سيما في عملية النهوض الاقتصادي.

كذلك اجتمع ميقاتي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وبحثا الوضع اللبناني لا سيما في الجنوب، والتعاون القائم بين الجيش وقوات اليونيفيل. وقد دعا ميقاتي غوتيريس لزيارة لبنان فوعد بتلبية الزيارة قبل نهاية العام الحالي.

وقد يكون الحدث الأبرز الذي سُجّل أمس الإثنين، إعلان ميقاتي أنّ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيوفد وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت قريباً للبحث في السبل الكفيلة لدعم لبنان، واستكمال البحث في الملفات المطروحة، ولا سيما معالجة الأزمة اللبنانية – الخليجية، وبعض الأجواء الإيجابية التي خرجت عن لقاء رئيس الوزراء اللبناني بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ويقول عضو “كتلة الوسط المستقل” (يرأسها ميقاتي) النائب علي درويش، إننا “ننتظر عودة ميقاتي إلى لبنان في الأيام القليلة المقبلة ليضعنا في أجواء الاجتماعات التي عقدها، والتصوّر لديه، حيث أنّ استقالة الحكومة حتى الآن غير واردة، فهي حاجة وطنية في الوضع الراهن، كما أنّ إقالة قرداحي وطرح الثقة به في مجلس النواب ليست مطروحة حالياً، لأنّ من شأنها أن تزيد الانقسام والشرخ الداخلي”.

ويلفت إلى أنّ “إحدى المؤشرات الإيجابية التي ظهرت في اجتماعات ميقاتي، هي الإعلان عن زيارة وزير خارجية قطر إلى بيروت، وقد تكون باباً لحلول تحفظ الجميع لأن لبنان جزء من الوطن العربي، ولا يمكن إخراجه منه أو مقاطعته، وهي مؤشر أيضاً أن هناك من يرغب بإعادة الأمور إلى الهدوء والروية في لبنان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى