سائق تاكسي يُلهم عبد الوهاب وحسين السيد «نشيد ناصر»/ فيديو

 

كان النشيد المصري الشهير «ناصر» واحدا من أروع ألحان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وتأليف حسين السيد، لكن المفاجأة أن كلمة السر في هذا النشيد هو سائق تاكسي.

اما كيف التقى المؤلف حسين السيد بهذه الكلمات الساحرة ومن الذي أوحى إليه بها (كلنا بنحبك يا ناصر.. يا حبيب الكل يا ناصر)؟.. فيقول المؤلف إنه ظل حائرا هو وعبد الوهاب أسبوعا بعد أسبوع في البحث عن أغنية وطنية جديدة.. “وأمضينا الساعات الطويلة نفكر معا وكلما أقترح أحدنا فكرة جديدة قال الآخر: قديمة”.

وقال حسين السيد: لم يعد أمامنا جديد نقدمه في عيد الثورة، ولكن في أحد الأيام كان عبد الوهاب يرتدي ملابسه في غرفة النوم، وكنت أنا جالسا في غرفة الجلوس وسمعته يدندن ببعض الأنغام كعادته فخيل إلي أنه توصل إلى فكرة اللحن، فذهبت إليه وسألته عن هذه الأنغام التي يدندن بها فيما بينه وبين نفسه، فسألني أنغام أيه؟ قلت اللي كنت بتقولها دلوقتي، ففوجئت به وقد نسى كل شيء، ولكن كانت الأنغام قد تعلقت بأذني فأخذت أرددها على مسامعه مرة أخرى.

ويستطرد حسين السيد: قلت له ما رأيك في أن تكون هذه الأنغام هي بداية النشيد الجديد؟ فقال عبد الوهاب وفين الكلام؟ فقلت سيبني أفكر..

خرج الاثنان واستقل حسين السيد تاكسيا من الزمالك إلى شقته بالعمارة السعوديين، وفي الطريق وجد حسين السيد شيئا ملفوفا في جريدة فسأل سائق التاكسي عنه، فأوقف السائق سيارته وقال إنه كان يوصل زبونا إلى الوزارة المركزية ويظهر أن هذا الزبون قد نسى هذه اللفة، وفتحها السائق فإذا بها صورة بالألوان للرئيس جمال عبدالناصر.

هتف السائق بدهشة ! الله .. ده ناصر، وعاد السائق إلى مكانه ثم علق صورة الرئيس على زجاج النافذة التي على يمينه وهو يقول للصورة: خليك أنت هنا جنبي يا حبيب الكل.

وانطلق السائق بالسيارة وسأله حسين السيد: أنت بتحبه قوي؟ فقال السائق كلنا بنحبه يا بيه .. وعاد حسين السيد إلى بيته وفي ذهنه هذه الكلمات الرائعة التي جاءت على لسان سائق التاكسي: ناصر يا حبيب الكل .. كلنا بنحبه.

وبدأ حسين السيد يردد هذه الكلمات بنفس الأنغام السابقة التي سمعها من عبدالوهاب وفي ساعة متأخرة من الليل اتصل المؤلف بعبدالوهاب وألقى عليه الكلمات بالتليفون، وكاد عبدالوهاب أن يجن من الفرحة موجها كلامه له: قولي تاني، كلنا بنحبك يا ناصر وبعدين يا حبيب الكل يا ناصر.. هتف عبد الوهاب هو ده ..قلت: لأ مش هو لان ده كلام بسيط وأنا عايز أوضبه.

قال عبدالوهاب: ما توضبش حاجة .. هو كده عال قوي .. ده كلام عادي جدا … يا سيدي أنا في عرضك هات الكلام زي ما هو كده، المسألة مش عايزه فلسفة .. ما فيش أجمل من كده ولا ابسط من كده ولا أقوى من كده، أرجوك ابتدي من هنا .. وتعالى دلوقتي حالا أحسن أنا حاسس أننا وصلنا.. وبعد نصف ساعة كان حسين السيد جالسا يستمع إلى عبدالوهاب وهو يردد النشيد.

وخرجت كلمات أروع نشيد قومي من قلب الشعب.. من قلب سائق التاكسي المجهول الذي يجوب الآن انحاء القاهرة، وهو لا يدري أنه صاحب فكرة ذلك النشيد الذي يردده في ساعة مبكرة من صباح كل يوم مئات الألوف من طلبة وطالبات المدارس، بحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم المصرية في 4 مارس 1961.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى