زعيم المعارضة كلشدار أوغلو يُبدي قلقه من الاغتيال السياسي، لأن إردوغان “يمكنه فعل أي شيء للبقاء في السلطة”

لا يكاد يمر يوم في تركيا من دون أن يستفيق الشارع الداخلي على نقاش مثير أو جدل جديد، في ظروف ينظر إليها من زاوية تصاعد حدة الاستقطاب السياسي ما بين أحزاب المعارضة التركية و”حزب العدالة والتنمية” الحاكم وحليفه “حزب الحركة القومية”.

قبل يومين أثارت تصريحات لزعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كلشدار أوغلو نقاشا جدليا واسعا، حيث قال في مؤتمر صحفي إنه “قلق من جرائم الاغتيال السياسي”، معتبرا أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان “يمكنه فعل أي شيء للبقاء في السلطة”.

وبعد تلك الاتهامات قال نائب رئيس “حزب الجيد”، كوراي أيدن في تأكيده على حديث كلشدار أوغلو: “لقد سمعنا أيضا أنه ستكون هناك اغتيالات سياسية”، بينما شارك زعيم “حزب المستقبل”، أحمد داوود أوغلو في النقاش مضيفا: “علينا جميعا أن نكون في حالة تأهب”.

ويأتي ما سبق في الوقت الذي تشهد فيه تركيا تطورات متلاحقة على صعيد الاستعداد للانتخابات المقبلة في يونيو 2023، حيث كان ملاحظا قبل أكثر من عام تركيز المعارضة على توجيه الاتهامات للحزب الحاكم، سواء تلك المرتبطة بالسياسة الداخلية للبلاد أو التي تصب في إطار الوضع الاقتصادي العام.

في المقابل يلتزم “العدالة والتنمية” وحليفه “الحركة القومية” في مسار لم يخرج عن إطار الاستعدادات أيضا، لكن بصورة مختلفة، حيث أكد على خطواته المرتبطة بتعديل الدستور، والإجراءات المرتبطة بتنظيم الانتخابات.

وما بين هذين المسارين تتضارب نتائج الاستطلاعات التي تنشرها مراكز الأبحاث في تركيا، وبينما يظهر البعض منها انخفاض ملحوظ في شعبية الحزب الحاكم، توضح أخرى أن النتائج لا يمكن حسمها في الوقت الحالي، مع ترجيحات بميلان كفة “العدالة والتنمية” على حساب الأحزاب الأخرى في الاستحقاق الذي ينتظره الكثيرون.

“تحقيق وروبوتات”
لم تبق تصريحات كلشدار أوغلو ومسؤولي المعارضة التركية دون رد، وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام تركية امس الخميس فقد فتح مكتب المدعي العام في العاصمة أنقرة “تحقيقا بحكم منصبه”، فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة من قبل زعيم “حزب الشعب”.

من جانبه اتهم رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، كلشدار أوغلو بمحاولة “إثارة مناخ من الخوف” في البلاد، داعيا إياه لإرسال الوثائق التي بحوزته إلى الادعاء العام التركي “إن كان يملكها”.

وأضاف ألتون: “استحضار مثل هذه الأكاذيب بشكل غير مسؤول، يستهدف ثقة الأمة التركية بدولتها، والغرض الرئيس من هذه الادعاءات هو الإضرار بالوحدة الوطنية، ووحدة البلاد وتعطيل السلم الاجتماعي”.

أما وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو فقد أشار اليوم الجمعة إلى أن “69 بالمئة من أولئك الذين يتلاعبون بجدل الاغتيال السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي هم من حسابات الروبوتات”.

وأضاف صويلو: “كلشدار أوغلو قدم ادعاءً مماثلا في عام 2016، ثم كانت هناك محاولة انقلابية في 15 يوليو. هل هذه كلمة مرور؟”.

“الحالة لن تنتهي”
تشير جميع المعطيات المفروضة إلى أن حالة الاستقطاب والجدل السياسي لن تنتهي بسهولة في الداخل التركي. ويرتبط ذلك بمحاولات أحزاب المعارضة استثمار أي أزمة أو كارثة لمجابهة الحكومة، في خطوة للاستعداد للانتخابات المقبلة في 2023.

وخلال الأسابيع الماضية ساد جدل بشأن ملف اللاجئين في البلاد، وصولا إلى ما يدور الحديث عنه الآن من تبعات تدهور قيمة الليرة التركية في سوق العملات الأجنبية، بعد سلسلة قرارات إقالة اتخذها إردوغان بحق شخصيات في المناصب العليا بالبنك المركزي التركي.

وقبل ذلك تصاعد جدل كبير في الأشهر السابقة، بسبب قضية “زعيم المافيا” التركي، سادات بكر، والفيديوهات التي نشرها، وقال إنها تكشف ملفات الفساد داخل الحكومة.

الكاتب التركي المقرب من الحكومة التركية، برهان الدين دوران اعتبر أن “كل المؤشرات في تركيا تقود إلى أن عام 2022 سيكون مليئا بالحجج والمناقشات المكثفة”.

وأضاف دوران في مقالة له اليوم الجمعة على صحيفة “ديلي صباح”: “إذا كانت هناك خطة كهذه (اتهامات الاغتيال السياسي)، فسيتعين على جميع المعنيين أن يتحملوا المسؤولية عنها”.

ويرى دوران أن اتهامات أحزاب المعارضة تهدف “إلى تأجيج الاستقطاب والتوتر، من خلال حث الرئيس رجب طيب إردوغان على عدم السعي إلى إعادة انتخابه، لتجنب التعرض لهزيمة ساحقة”.

وكان ذات الكاتب قد أشار في سلسلة مقالات سابقة إلى أن “تركيا ستواجه حملة تشويه بشأن قضيتين قبل انتخابات عام 2023: الحياة السياسية لإردوغان والصحة، والمكانة الدولية للبلاد”.

“القضية أبعد من تغيير سلطة”
في المقابل نشرت صحيفة “جمهورييت” مقالا امس الخميس طرحت فيها تساؤلا: “لماذا قال كيليجدار أوغلو قد تكون هناك اغتيالات سياسية؟ لأن القضية أبعد من تغيير السلطة”.

وتضيف الصحيفة المقربة من “حزب الشعب الجمهوري”: “مناخ التوتر والفوضى والاعتداءات على الصحفيين والفنانين والسياسيين في ازدياد مستمر. لهذا السبب السياسيون والصحفيون والفنانون والمثقفون يجب أن يعبروا في كل فرصة عن أنهم لا يخافون من خطط التوتر للحكومة والسلطات التي تقف وراءها”.

من جانبه حذر الكاتب التركي، عبد القادر سلفي في تقرير نشر على صحيفة “حرييت” من تصريحات كلشدار أوغلو “الخطيرة”، قائلا إنه يجب أن تؤخذ على محمل الجد والتحقق منها.

وأضاف سلفي: “إذا كان لدى كلشدار أوغلو أي معلومات استخباراتية فعليه إحالتها على الفور إلى السلطات القضائية، وإذا كان حديثه ناجما عن قلقه بسبب التوتر السياسي في البلاد فعليه أن يشرح ذلك للرأي العام”، معتبرا أن “إردوغان الذي يدير البلاد منذ 20 عاما أنهى حقبة الاغتيالات السياسية التي كانت سائدة في فترة التسعينيات”.

الحرة – واشنطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى