من أمريكا الى العملاء !!!
بقلم: السيد زهره/ العراق
من المؤكد ان الدول الغربية، وكل دول العالم في الحقيقة، تنشغل هذه الأيام وستظل منشغلة لفترة طويلة قادمة بدراسة الكارثة التي حلت في أفغانستان بانسحاب أمريكا المشبوه وسيطرة طالبان على الحكم، ومحاولة استخلاص النتائج والتبعات وما يعنيه ذلك للمستقبل.
ونحن في الدول العربية يجب بداهة ان نفعل نفس الشيء. يجب ان ندرس بدقة وعناية ما جرى من كل جوانبه وابعاده، وما يعنيه ذلك بالنسبة لمصالحنا وامننا وعلاقاتنا الدولية. سأعود لاحقا الى مناقشة القضية من وجهة النظر العربية بشكل تفصيلي موسع.
لكن الأمر الذي لفت نظري مبدئيا ان كثيرين من المحللين في العالم في قراءاتهم لما جرى وابعاده ونتائجه توقفوا عند جوانب هي في صلب اهتمامات الدول العربية، وتعنينا نحن قبل أي احد في العالم. ويجب ان نتابع ما كتبوه ونتأمله.
من اهم الجوانب التي توقفوا عندها في هذا الإطار ان ما جرى في أفغانستان يجب ان يفتح ملفات ما فعلته أمريكا في العالم عبر العقود الماضية وان تعيد دول العالم قراءة هذه الملفات.
يقصدون هنا تحديدا ان ما جرى في افغانستان يعيد للنقاش والتقييم ما فعلته أمريكا حين غزت واحتلت وتدخلت بشكل سافر في شئون عديد من الدول تحت شعارات تحقيق الديمقراطية والحريات وبناء الدول الحديثة، ثم تركت هذه الدول في حالة من الدمار والخراب على كل المستويات وارجعتها الى سنوات طويلة قبل الاحتلال مثلما حدث في العراق وغيره من الدول.
أيضا فتح المحللون ملف القوى والجماعات العميلة لأمريكا في مختلف دول العالم والتي استخدمتها أداة لتنفيذ اجندة الدمار والخراب الأمريكية في الدول التي تنتمي اليها هذه الجماعات، واي مصير يمكن ان ينتظرها في نهاية المطاف.
من بين كل ما قرأته مما كتبه محللون في العالم حول هذه الجوانب، توقفت مطولا بالذات امام ما كتبه احد المحللين ونشرته جريدة الكترونية آسيوية. ما كتبه هو كما سنرى نفس ما نقوله نحن منذ سنين طويلة، لكن يجب في الظروف الحالية ان نتأمل ما قاله جيدا.
هذا المحلل كتب يقول: (.. بغض النظر عما جري وما سوف يجري في أفغانستان، فان أفغانستان تقف اليوم مثالا ساطعا دامغا آخر يؤكد ان شعارات أمريكا ودعاواها حول “بناء الدولة” و”نشر الديمقراطية”، ومبررات التدخل في الشئون الداخلية للدول.. كل هذا لا يقود في نهاية المطاف الا الى الإذلال والموت والدمار. يحدث هذا بحيث ان أي احد يتولى امر الدولة بعد رحيلهم عليه ان يبدأ من الصفر او ما تحت الصفر).
لنتأمل ما جرى للعراق والشعب العراقي عل يد أمريكا وسنجد ان ما قاله هذا المحلل هو ما تحقق حرفيا.
وتطرق هذا المحلل الى جانب له معنى حاسم قلما يتطرق اليه الغربيون. كتب يقول: (ان مشاهد المتعاونين مع أمريكا في افغانستان وهم يقاتلون بشكل يائس من اجل ان يجدوا لهم مكانا في طائرة تغادر كابول، هي بمثابة تحذير لكل عملاء أمريكا في ا ي مكان في العالم كله)
وأضاف: (.. انه تحذير لجماعات وقوى المعارضة في مختلف انحاء العالم هؤلاء الذين يقومون بالاحتجاجات تحت دعوى “المطالبة بالديمقراطية” وما شابه ذلك من شعارات. تحذير يجب ان ينبههم الى حقيقة المواقف والنوايا الأمريكية. تحذير من المصير الذي ينتظر هؤلاء العملاء، حيث لا تتردد أمريكا في ان ترمي بهم حين تحقق ما تريد وتنتهي الحاجة اليهم).
هذه هي الرسالة التي وجهتها أمريكا الى كل عملائها من كابول.
لا أحسب ان ما قاله المحلل يحتاج الى أي تعليق. لكن السؤال هو: هل يعي عملاء أمريكا وغيرها من القوى والدول الأجنبية في دولنا العربية هذا؟ هل يمكن ان يفيقوا؟ هذا أمر مشكوك فيه، فمن تجري في عروقه دماء الخيانة لوطنه والعمالة للخارج يصعب عليه جدا ان يعود الى رشده او يستمع الى أي لغة وطنية.