آيات الرحمن في جهاد الأفغان

بقلم: حسام عبد الكريم*

سنة 1985 , عندما كنتُ صبياً في مدارس الحكومة بمدينة الزرقاء الأردنية, انتشر في أوساط الطلاب والشباب كتاب ألّفه الشيخ الفلسطيني/الأردني عبدالله عزام , الذي كان قد هاجر الى أفغانستان للمشاركة في “الجهاد ضد الغزاة الشيوعيين السوفييت”.
وذلك الكتاب وكما هو ظاهرٌ من اسمه , آيات الرحمن في جهاد الأفغان, خصّصه مؤلفه لإظهار مدى عظمة وروعة وايمان وبطولة هؤلاء “المجاهدين” في أفغانستان الذين كانوا يحظون بالرعاية الالهية التي تسدد رميهم وتجعلهم ينتصرون بصدورهم العارية على آلة الحرب السوفييتية الجبارة . الكتاب كان واسع الانتشار في ذلك الوقت أي best seller بلغة ايامنا, وكان يمكن الحصول عليه بسهولة من ارصفة الشوارع في عمان او الرياض وجدّة او القاهرة او الكويت وغيرها من المدن العربية.
ويتحدث المؤلف عن معجزات وكرامات كثيرة جداً حصلت أثناء قيام “المجاهدين” بتنفيذ عملياتهم ضد الجيش السوفييتي. ويسرد روايات لا حصر لها عن “شهود عيان” من أرض الميدان توضح كيف سخّر الله تعالى الحجرَ والشجر , والحيوانات, والريحَ والمطر ,,,,, لصالح “المجاهدين” الذين لم يمتلكوا سوى ايمانهم بدينهم ولم يسعوا إلاّ لنيل رضا ربهم ,,,, ولا زلتُ أذكرُ بعضاً من تلك “المعجزات” التي شهدها عبد الله عزام :
– الأفاعي والحيّات والعقارب كانت تقاتل الى جانب “المجاهدين” عن طريق لدغ الضباط والجنود الروس بسمّها القاتل عندما كانوا يستعدون لتنفيذ مهامهم ,,,,
– العصافير والطيور أيضاً كانت تقاتل الى جانب قلب الدين حكمتيار وعبد رب الرسول سياف وزملائهما عن طريق الدخول في محركات motors الطائرات الروسية مما يؤدي الى سقوطها قبل تنفيذ عمليات القصف لمواقع “المجاهدين” ,,,,,
وأكتفي بهذين المثالين وأترك للقارئ الفرصة لاستخدام مخيلته لمعرفة المزيد من “آيات الرحمن” تلك.
وأذكر جيداً كيف أن معظم الاولاد في المدارس كانوا ينبهرون ويتأثرون عندما يسمعون عن تلك الادعاءات والمزاعم بشأن معجزات “المجاهدين” وكراماتهم , ويصدقونها رغم انه ليس عليها أي دليل سوى ما يقوله الشيخ عبد الله عزام وشهودُه العيان.
وفي خضم موجة التأييد الجارف “للمجاهدين” والإعجاب بشيخهم الكبير عبد الله عزام لم يكن كثيرون يجرؤون ان يقولوا ان تلك القصص ليست في حقيقتها سوى أكاذيب وتلفيقات وأخبار لم تحدث وان كل ما حواه ذلك الكتاب تضليلٌ وكذب, ولا ان هؤلاء “المجاهدين” الافغان كانوا في حقيقهم أمراء حرب قاتلوا في سبيل مصالحهم ومناطقهم وقبائلهم قبل أي شيء آخر, ولا أنّ الذي كان يقاتل الى جانب الافغان لم يكن الله بل كان المخابرات الامريكية CIA ومعها أموال النفط العربي ,,,, كان من يتبنى آراء من هذا النوع يعرض نفسه للنبذ والمقاطعة والتشهير, وربما لما هو أشد.

في ظل التطورات الجارية حالياً في افغانستان, ربما تصبح هناك حاجة الى انتاج نسخة جديدة من الكتاب , update يعني, على ان يكون اسمها “آيات الرحمن في انتصارات طالبان” .

*كاتب و باحث من الاردن

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى