اردوغان اكلهم لحماً ورماهم عظماً.. تصاعد موجة العنف والعنصرية والكراهية في تركيا ضد اللاجئين السوريين

أنقرة – انتشرت مجددا موجة عنف وعنصرية في تركيا ضد اللاجئين السوريين، حيث يغذيها تجاهل الحكومة لشكوى الأتراك من أن اللاجئين صاروا ينافسونهم على مصادر الدخل والحياة في بلادهم، علاوة على خطاب المعارضة الذي يلقى صدى في نفوس الأتراك الغاضبين من منافسة السوريين والقلقين من موجة لاجئين قادمة من أفغانستان هذه المرة.

ولم يكن الحادث، الذي استجد في وقت متأخر، امس الأربعاء، وأدى إلى مقتل شاب تركي في أعقاب شجار بين سكان أتراك ولاجئين سوريين في حي ألتينداغ بأنقرة، حالة شاذة، بل هو مشهد يتكرر باستمرار منذ أن روجت أنقرة لسياسة “الباب المفتوح” مع اشتداد الحرب في سوريا.

وقتها كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حاجة إلى ورقة ضغط يستفيد منها في الداخل ويلعب بها مع القوى الخارجية. وهذا ما كان حيث استفاد من تجنيس السوريين في الانتخابات وجعل من اللاجئين وسيلة ضغط على الأوروبيين.

كما استغل أردوغان ورقة اللاجئين لتبرير التدخل العسكري داخل الأراضي السورية، من ذلك ما حصل في عفرين. وقد قال حينها إن أحد الأهداف الرئيسية للعملية تمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم.

وعلى مدى سنوات، تزايد التوترات بين الطبقات العاملة، حيث يتنافس السوريون مع الأتراك من أجل الحصول على سكن بأسعار معقولة ووظائف منخفضة الأجر.كماا اشتكى رجال الأعمال الأتراك من التسهيلات والفرص التي يمنحها حزب العدالة والتنمية لرجال الأعمال السوريين مقابل الحصول على الجنسية التركية.

وقد اخذ هذا التنافس يحول السوريين من “أصدقاء” للأتراك إلى “خصوم”. وبعد أن استفاد منهم النظام تحولوا إلى ورقة ضغط تستفيد منها المعارضة التركية التي تتبنى خطابا يغذي العداء للاجئين السوريين ويرفع من موجة العنف ضدهم.

الاضطرابات الأحدث تأتي في ظل القلق من تنامي أعداد اللاجئين الأفغان الذي يصلون شرق تركيا من إيران، مع احتدام الصراع في أفغانستان

وقال دوغوس سيمسيك، المحلل التركي المختص في شؤون الهجرة، إن “موجة من رهاب الأجانب تدمر حياة اللاجئين السوريين في تركيا حيث يُنظر إليهم كمجرمين، متهمين بسرقة الوظائف ومسؤولين عن أي شيء خاطئ يحدث. فالتحريض الإعلامي وتقاعس الدولة يعملان على تأجيج الأزمة.”

ومؤخرا فرض رئيس بلدية مدينة بولو تانجو أوزجان، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض رسوما تزيد بنسبة 10 أضعاف على فواتير المياه الخاصة بالسوريين، فيما تعهد زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو بترحيل جميع اللاجئين السوريين من تركيا في مدة زمنية أقصاها سنتان حال وصل حزبه إلى الحكم.

وقد تفاعل ناشطون أتراك في موقع التواصل الاجتماعي مع هذا الخطاب. وشنوا حملات تحض على إجبار السوريين على العودة إلى ديارهم. ولقي هذا الخطاب صدى في الشارع التركي الذي سبق وأن استهدف السوريين في مناسبات كثيرة.

في سنة 2012، اندلعت مظاهرات مناهضة للسوريين في محافظة هاتاي التركية. وفي اسطنبول، خصوصا القسم الأوروبي، حيث رفعت لافتات عدم الترحيب باللاجئين. وخرج الأتراك مرات كثيرة في مظاهرات ضد استغلال اللاجئين السوريين في سوق العمل التركي. وأحرقت خيام السوريين في أضنة ومنازلهم في حي ألتينداغ بأنقرة، الذي تكررت فيه أعمال العنف ومنها الحادث الأخير.

وقد اندلعت أعمال الشغب في وقت متأخر مساء امس الأربعاء، في أعقاب شجار بين سكان أتراك ولاجئين سوريين، تم خلالها طعن شاب تركي حتى الموت، بحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام محلية.

وأظهرت صور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الرجال الغاضبين وهم يخترقون طوقا أمنيا فرضته الشرطة ومن ثم يحطمون سيارات ومحال تجارية.

وقالت شرطة أنقرة إنها احتجزت أكثر من سبعين شخصا لضلوعهم في الاضطرابات أو لنشر منشورات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف استفزاز المواطنين الأتراك بعد المعركة في ألتينداغ.

ونشر مدير الهلال الأحمر التركي كريم كينيك مقطع فيديو على تويتر يظهر إلقاء مقذوفات على المنازل. وقال “أي من تقاليدنا تنطوي على رشق منازل الناس بالحجارة خلال الليل؟ الكثير من اللاجئين تواصلوا معنا وقالوا إنهم يخشون على حياة أطفالهم”.

ونشر كينيك صورة لطفل سوري غطت وجهه الدماء بعد أن أُصيب بحجر أُلقي عليه من عبر نافذة، وقال إن الطفل نُقل للمستشفى للعلاج. وأضاف “دعونا نخمد هذا الحريق فهو لن يعود بالنفع على أحد”.

وجاء هذا التوتر في وقت تظهر استطلاعات الرأي تنامي المشاعر المعادية للاجئين في صفوف العديد من الأتراك. وتؤوي تركيا 3,7 مليون لاجئ سوري، بموجب اتفاقية أبرمتها عام 2016 مع الاتحاد الأوروبي لمنع تدفق اللاجئين إلى دوله. ويعمل الطرفان حالياً على تعديل الاتفاق.

وتلقت أنقرة، مقابل إنشائها مخيمات للاجئين في جنوب شرق البلاد تؤوي حالياً بالمجمل أكثر من أربعة ملايين شخص، تمويلاً بمليارات الدولارات.

وكشفت منصّة تيت التركية، المتخصصة في التحقق من صحة الأخبار والتي تحظى بمتابعة واسعة في تركيا، هذا الأسبوع عن العديد من التعليقات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن اللاجئين، يتعلّق العديد منها بالأفغان.

وتحظى المسألة باهتمام متزايد على وقع المكاسب السريعة التي يحققها رجال حركة طالبان في أفغانستان، ما من شأنه أن يؤدي إلى تدفق المهاجرين بمجرد استكمال عملية انسحاب القوات الأجنبية في نهاية الشهر الحالي. وتشكل تركيا واحدا من الممرات الرئيسية للمهاجرين الأفغان الباحثين عن مأوى في أوروبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى