سعيد صالح.. سلطان الكوميديا الذي دخل السجن مرتين لهذا السبب

موهبة متفردة لا يشبه سوى نفسه، أحب الفن ومنحه عمره، نقائه وتلقائيته المعهودة، جعله يدخل القلوب بلا استئذان، ملك الارتجال والخروج على النص في المسرح، كوميديان من طراز خاص، وأحد أهم الفنانين في السينما المصرية، صاحب بصمة في المسرح وسلطان الكوميديا، صاحب أشهر الافيهات التي لا تنسى”بتحطي كلونيا” و”أذاكر وأنجح.. الاتنين؟” و “أنا عارف كل حاجة بس مدكن” و”يادين النبي ايه الحلاوة دي”، هو “فتى المسرح” الفنان الكبير سعيد صالح.

ولد سعيد صالح في 31 يوليو 1938 بقرية مجيريا مركز أشمون في محافظة المنوفية، وتربى في حي السيدة زينب بالقاهرة، كان طفلًا مدللا وشقياً ولكن منحه الله خفة ظل غير عادية، درس في المرحلة الثانوية بمدرسة السعيدية مع زميله عادل إمام، حصل على ليسانس الآداب 1960، خطف المسرح قلبه وبات أسيراً له ومن فرقة مسرح التليفزيون كانت البداية في 1962، بدور صغير في مسرحية “روض الفرج”.

قدم بعدها عدة مسرحيات منها “حارة السقا” و”عودة الروح” لتوفيق الحكيم، و”المتحذلقات” لموليير، بدأ في التوهج عندما انضم لفرقة الفنانين المتحدين ليقدم في مسرحية “البيجامة الحمراء” مع أبو بكر عزت، حتى جاءت مشاركته في مسرحية “هاللو شلبى” التي كانت بمثابة طاقة القدر، عندما قدم دور “محفوظ أبو طاقية”، وشهدت المسرحية بداية حقيقية لزملائه أحمد زكي ومحمد صبحي.

انطلاقته الحقيقية جاءت عندما راهن المنتج سمير خفاجي على الشباب سعيد صالح، وعادل إمام، ويونس شلبي، وأحمد زكي وقدمهما في مسرحية “مدرسة المشاغبين” وجسد “صالح” دور “مرسي الزناتي” الذي فتح له باب النجومية، ووصلت ذروة نجاحه في “العيال كبرت” وحقق بها نجاحا طاغيا في دور “سلطان السكري”.

بالتزامن مع عمله في المسرح كان يعمل في السينما ، وقدم عدة أفلام فترة السبعينيات أبرزها “مولد يا دنيا، الرصاصة لا تزال في جيبي، سونيا والمجنون، الحب قبل الخبز أحياناً”، مع موجة أفلام المقاولات التي اجتاحت السينما في الثمانينات قدم “صالح” عدة أفلام أبرزها “حسن بيه الغلبان، محطة الأنس”في المقابل قدم أفلام مهمة في تلك الفترة أبرزها “الشيطان يعظ، نأسف لهذا الخطأ، الصبر في الملاحات، يا عزيزي كلنا لصوص”.

أراد سعيد صالح صنع كوميديا خاصة به على المسرح، وراح يغرد خارج سرب أبناء جيله مرتجلاً تارة ويخرج عن النص تارة آخرى، حالما بأن يكون “خليفة” لمن سبقوه نجيب الريحاني، وعلي الكسار، وأساتذته فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي، فقدم منتصف الثمانينات مسرحية “كعبلون” من إنتاجه واستعان بأشعار صلاح جاهين، وفؤاد حداد، وأحمد فؤاد نجم.

فى فترة التسعينيات قدم مسرحية “البعبع” وعدد كبير من الأفلام أبرزها “توت توت، مجرم مع مرتبة الشرف”، ومع بداية الألفية شارك على استحياء في عدة أفلام من بطولة النجوم الشباب فقدم مع محمد هنيدي “بلية ودماغه العالية”، ومع هاني رمزي “جواز بقرار جمهوري”، وعدة مسلسلات أبرزها “أوان الورد، المصراوية، دموع في حضن الجبل”.

شكل سعيد صالح مع رفيق دربه عادل إمام ثنائياً في عدد كبير من الأفلام المهمة “على باب الوزير” في دور “خميس”، وقدم معه دور شقيقه “بيومي سيد علي” في “المشبوه”، وتوالت أعمالهما “رجب فوق صفيح ساخن، أنا اللي قتلت الحنش”، و”دسوقي” عامل مقهى المحطة في “الهلفوت”، وصديقه الوفي “بركات” في “سلام يا صاحبي”، وضيف شرف في فيلمي “أمير الظلام” و”زهايمر” وظهر في مشهد وحيد اختزل فيه “صالح” كل موهبة السنين، ومسلسل “أحلام الفتى الطائر”.

ما بين السينما والتليفزيون والمسرح تجاوز رصيد “صالح” 300 عمل فني كان آخرها فيلم الرسوم المتحركة “الفارس والأميرة” وقدم الأداء الصوتي لشخصية “أبو الرياح”

خروج “صالح” عن النص وارتجاله في مسرحياته أوصله للسجن الذي وصف فترة سجنه في حوار له مع الإعلامي عمرو الليثي بأنها كانت أجمل أيام حياته، وفي حوار آخر له مع “الليثي” قال أنه في السجن قابل شخصا يدعى “عم يوسف” غير مجرى حياته إذ جعله يقرأ القرآن ويحافظ على الصلاة وبعد خروجه من السجن ذهب للحج 14 مرة.

تزوج مرتين الأولى من سيدة تدعى “نادية” وأنجب منها ابنته الوحيدة “هند” والزيجة الثانية من الفنانة شيماء فرغلي، وكان يكبرها بنحو 40 عاماً، وكانت صديقة لابنته وظلت معه حتى وفاته.

خسر سعيد صالح معركته مع المرض وقبل رحيله بساعات دخل في غيبوبة كاملة، وتوفي إثر نوبة قلبية في أول أغسطس 2014، عن عمر ناهز 76 عاماً، ولكن تبقى أعماله خالدة في تاريخ السينما والمسرح وفي ذهن محبيه تاركاً خلف حب كبير وضحكات كلما مر من على الشاشة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى