مفاجأة غير متوقعة حدثت للموسيقار فريد الأطرش، عندما رن جرس الهاتف في شقته المطلة علي النيل ليجد على الطرف الآخر من الهاتف مكتب كبير الأمناء برئاسة الجمهورية يبلغه أن الرئيس جمال عبدالناصر قد قرر منحه وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، تقديرا لخدماته للموسيقى العربية, الامر الذي شكّل أجمل لحظات حياة فريد التي وصفها بـ”فرحة العمر” على حد تعبيره .
كانت المفاجأة أكبر من أن يتحملها قلب فريد الأطرش فبكى من الفرحة, وتم تحديد موعد له لاستلام براءة وسام الاستحقاق من صلاح الشاهد كبير الأمناء آنذاك.
ولم يستطع فريد الأطرش أن ينام ليلة سماعه الخبر قبل أن يذهب لاستلام الوسام في اليوم التالي، فكانت فرحته وامتنانه بلا حدود لهذا التقدير، ولم يعبر عن هذه المشاعر أي شيء غير البكاء.
وعندما ذهب فريد إلى القصر لاستلام الوسام من صلاح الشاهد تدفقت مشاعره وهو يقرأ نصه:
من جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة إلى الموسيقار فريد الأطرش, تقديرا لحميد صفاتكم وجليل خدماتكم للموسيقى, قد منحناكم وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى.
أمسك فريد بالقلم وحاول التعبير عما يدور في قلبه والمشاعر التي تعتمل في أعماقه, ليكتب في سجل التشريفات:
سيدي الرئيس.. إن تقديركم النبيل قد جعلني أشعر بأنني قد ولدت من جديد, وأن هذا اليوم المشهود الذي نلت فيه شرف تقديركم وتقدير وطني, لهو يوم خالد في حياتي سوف أعتز وأفخر به ما بقي لي من عمر في هذه الحياة, فلكم كل شكري وامتناني ولوطني الغالي مصر حياتي وكل قطرة في دمي, ووفقكم الله لنصرة وطننا العزيز لترتفع دائما راية العروبة شامخة عالية.
ومن خلال مشاعر التأثر والحب خرج صوت فريد يقول، وهو يمسك بالوسام بين يديه:
لا أدري ما أقول في هذا الموقف المشهود في حياتي, فإنني مهما بذلت من جهد ومهما قدمت من عمل بعد ذلك لن أستطيع التعبير عن امتناني وحبي ومشاعري تجاه الرئيس جمال عبدالناصر، الإنسان العظيم والقائد الحق, وراعي الفنون والثقافة العربية, بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة المصرية في عددها الصادر بتاريخ 18 مارس 1970.