الإرهاب المحلي في أمريكا

بقلم: السيد زهره/ العراق

 

هذا التطور لم يحظ بالاهتمام السياسي والإعلامي الواجب في الوطن العربي على الرغم من انه تطور تاريخي ويعنينا متابعته ومعرفة ابعاده.

التطور الذي نقصده هو ان إدارة الرئيس الأمريكي بايدن اطلقت قبل أيام استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب المحلي في أمريكا.

هذا حدث تاريخي بالمعنى الحرفي لأنه لأول مرة في تاريخ أمريكا يتم اطلاق مثل هذه الاستراتيجية.

وما تضمنته الاستراتيجية من مفاهيم حول الإرهاب المحلي وطبيعة القوى والجماعات الارهابية، وكيفية مواجهته، له أهمية كبيرة بالنسبة لأمريكا في المقام الأول بالطبع، وبالنسبة لنا أيضا من زوايا عدة.

الذي حدث بحسب ما نشر موقع البيت الأبيض في عرضه للملامح الرئيسية للاستراتيجية ان الرئيس بايدن في اليوم الأول لتوليه الحكم وجه فريق الأمن القومي لاعداد مراجعة شاملة لجهود الحكومة الأمريكية في التصدي للإرهاب الداخلي والتحديات التي يمثلها للأمن القومي للبلاد واعداد تقرير بذلك.

أجهزة المخابرات والمؤسسات المعنية المعنية المختلفة اعدت هذا التقرير بالفعل واعلنته في مارس الماضي. وبناء على ما تضمنه التقرير أصدرت إدارة بايدن الاستراتيجية الجديدة.

مفهوم بالطبع الأساباب التي دعت إدارة بايدن الى اخذ هذه القضية بجدية تامة والى الحرص على اعداد هذه الاستراتيجية عن مواجهة الارهاب المحلي.

في السنوات القليلة الماضية، تصاعد الخطر الذي يمثله الإرهاب الداخلي في أمريكا بشكل مخيف على نحو ما تابع العالم كله.

التقرير الذي أعدته الأجهزة والمؤسسات الأمنية بهذا الصدد تضمن رصدا بالأرقام والوقائع عن عمليات الإرهاب المحلي التي شهدتها أمريكا وضحاياها واعداد المقبوض عليهم، وعما تمثله الظاهرة من خطر شديد يهدد امن الولايات المتحدة.

وقد بلغ هذا الارهاب الذروة كما نعلم مع عملية اقتحام الكونجرس الأمريكي التي اثارت الفزع في أمريكا وكانت جرس انذار للحد الخطير الذي يمكن ان تبلغه الظاهرة.

ومع الأحداث والوقائع الإرهابية التي رصدها التقرير ومع اقتحام الكونجرس، تنبه الأمريكيون الى حقيقة معروفة منذ سنين ولكن لم يكن يتم القاء الأضواء السياسية والإعلامية عليها.. حقيقة ان الإرهاب المحلي لا يتمثل فقط في حوادث عنف او إرهاب فردية يرتكبها بعض الأشخاص، وانما يتعلق الأمر بقوى مسلحة ومليشيات منظمة تمتلك السلاح ولديها اجندات سياسية واجتماعية تريد فرضها بالعنف والإرهاب.

وكما نعلم، وصل خطر الإرهاب المحلي في أمريكا الى الحد الذي دفع الكثيرين من الساسة والمحللين الأمريكيين الى ان يتحدثوا صراحة عن احتمال نشوب حرب أهلية في البلاد يمكن ان تندلع في أي وقت بما يعنيه ذلك حال حدوثه من تداعيات وتأثيرات مرعبة لا احد يستطيع ان يعرف حدودها الآن.

اذن على ضوء هذه التطورات وتفاقم الخطر على هذا النحو أقدمت إدارة بايدن على اعداد واطلاق هذه الاستراتيجية، وهو امر يحسب لها بالتأكيد.

المهم في هذا التطور انه لأول مرة تطرح إدارة أمريكية قضية الإرهاب المحلي بهذا الوضوح والصراحة.

كل الإدارات الأمريكية السابقة ظلت باستمرار تتجاهل الإرهاب المحلي وتغض النظر عنه ولا تتطرق اليه علنا. ليس هذا فحسب، بل ان الساسة واجهزة الاعلام لم تكن تطلق على هؤلاء الإرهابيين لقب إرهابي مهما كانت شناعة الجرائم التي يرتكبونها ومهما كان عدد ضحاياها.

حين كان يجري الحديث عن الإرهاب المحلي في أمريكا كانوا يكتفون بالحديث او الإشارة الى المسلمين الأمريكيين ويكيلون لهم الاتهامات بالعنف والتطرف.

اليوم ولأول مرة تتحدث الإدارة الأمريكية عن الإرهاب المحلي بهذا الوضوح وتبحث كيفية مواجهته.

والإدارة لم تتردد في الاستراتيجية التي طرحتها في اعتبار ان هذا الإرهاب المحلي اصبح هو الخطر الأكبر الذي يهدد امن أمريكا والشعب الأمريكي. وهذا أيضا تطور جديد. فلم يكن في أمريكا حديث سوى عما يسميه البعض الإرهاب الإسلامي الخارجي الذي يعتبرونه اكبر خطر يهددهم.

هذا اذن تطور إيجابي.

يبقى ان للاستراتيجية التي طرحتها الإدارة الأمريكية جوانب وابعادا في غاية الأهمية يجب ان نعرضها ونناقشها.

شبكة البصرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى