اليوم ذكرى وفاة محمود المليجي.. أنتوني كوين السينما العربية

 

في مثل هذا اليوم، 6 يونيو، توفي أحد عباقرة الفن المصري والعربي، الذي  استحق وعن جدارة لقب أنتوني كوين الشرق.

فقد أطلق الفنانون العرب عليه لقب “أنتوني كوين الشرق”، إذ أدى نفس الدور الذي قام به الممثل الأمريكي – المكسيكي “أنتوني كوين” في فيلم “القادسية” بل كان أداء المليجي أفضل منه

إنه الفنان المصري الراحل محمود المليجي، أحد أهم وأبرز أيقونات الشر في الفن العربي، والذي أدى هذا اللون ببراعة حتى أن الشخصية التصقت به فصدق الكثيرون أنه شرير بالسليقة، ولكن حينما قرر التمرد على تلك الأدوار استطاع إقناع الجميع أنه الطيب المسالم والمدافع عن أرضه، أو المحامي الشريف المدافع عن ضحية وجد فيها البراءة.

محمود المليجي من مواليد القاهرة في 22 ديسمبر عام 1910، وبدأ حياته الفنية في المرحلة الثانوية، حيث التحق بفرقة التمثيل بالمدرسة.

 

بدأت انطلاقته من خلال فرقة الفنانة فاطمة عيد في 1930، وقدم معها مسرحيتي “زيتون، ومجنون ليلى”، ثم أول أفلامه “الزواج على الطريقة الحديثة” 1932، وبعد حل فرقة فاطمة رشدي، التحق بعدة بفرق إسماعيل ياسين وتحية كاريوكا، ثم فرقة المسرح الجديد، وبعدها بفرقة “رمسيس” لصاحبها الفنان يوسف وهبي وعمل ملقن براتب 9 جنيهات، وتعد بدايته الحقيقية في السينما عندما شارك معها في بطولة أول أفلامها “وداد” 1936، وبعده فيلم “قيس وليلى” 1939، وكانت بدايته مع أدوار الشر.

وفي فترة الأربعينات كان “المليجي” قاسما مشتركا في غالبية الأفلام التي غلب عليها طابع “الشر” وبعض منها تنوع ما بين دور الدكتور والمحامي لعل أبرزها “غرام وانتقام، سفير جهنم، اليتيمة، المنتقم، أسير الظلام، السجينة رقم 17″، في بداية الخمسينات قدم عددا كبيرا من الأفلام؛ أبرزها دور “متولى المرابي” في فيلم “أمير الدهاء” 1950 مع أنور وجدي، وفي العام التالي 1951 قدم للسينما 11 فيلما دفعة واحدة أشهرها “لك يوم يا ظالم” و”ابن النيل”، و20 فيلما في عام 1952، أشهرها “أموال اليتامى” و”حضرة المحترم”، وفي 1953 قدم 9 أفلام أشهرها “بلال مؤذن الرسول” و”المستهترة”.

 

18 فيلما قدمها المليجي في عام واحد 1954، لعل أبرزها “الوحش، أبو الدهب، الناس مقامات، فتوات الحسينية، وعد، المجرم”، وفي 1955 قدم عددا كبيرا من الأفلام، وفي 1956 قدم “سمارة” في دور “نبيه بيه” رئيس العصابة، و”رصيف نمرة 5″ في دور “المعلم عرفان”، وفي “النمرود” دور “متولى” وشكل مع الفنان فريد شوقي ثنائيا حققت أفلامهما نجاحا كبيرا.

ولم يتوقف “المليجي” يوما عن المهنة التي لا يجيد غيرها يتنقل بين الأدوار، وفي 1957 قدم عددا لا بأس به من الأفلام أبرزها “إسماعيل يس في الأسطول” في دور “عباس الزفر”، بينما في 1958 تجده الدكتور في “رحمة من السماء”، والمعلم “عليوة” في “سواق نص الليل”، والمحامي في “جميلة” والحرامي في “امسك حرامي”، و”عطية الحنش” في “أبو حديد”.

وفي فترة الستينات، قدم عدد كبير من الأفلام أبرزها “بين السما والأرض، العملاق، أبو الليل، الغجرية” وزعيم العصابة في “النصاب”، و”الغريب” في “سجن الليل” 1963، بينما تجده “حافظ أمين” رئيس العصابة في “بطل للنهاية” و”المقدم محمد حسن” في “النشال” مع صديق العمر والفن فريد شوقي، والطبيب النفسي في “العقلاء الثلاثة” 1965 مع رشدي أباظة.

 

ومئات الأدوار والشخصيات قدمها “المليجي” يتنقل بينها بسهولة، ومع بداية السبعينات قدم “غروب وشروق” 1970 في دور “عزمي باشا” بينما بلغت ذروة نجاحه وتألقه وقدم واحدا من أعظم أدواره “محمد أبو سويلم” في “الأرض” 1970، وتوالت أعماله أبرزها “السكرية، لعنة امرأة، دنيا، الشوارع الخلفية، ابنتي والذئب”.

ولم يغيب التليفزيون عن ذاكرته وقدم مع عادل إمام دور “فضالي عبد الحميد” في “أحلام الفتى الطائر” 1978، وفي العام التالي “الأيام” مع أحمد زكي وعدة مسلسلات منها “بعد الضياع، الأفعى، قطار منتصف الليل، الضياع”.

وبعد النجاح الكبير مع المخرج يوسف شاهين في فيلم “الأرض” عاد للعمل معه في “عودة الابن الضال” 1976، و”إسكندرية ليه” 1979 في دور “شكري مراد” والد “يحيي” محسن محي الدين، وفي مطلع الثمانينات “حدوتة مصرية” 1982، ومع عمر الشريف “أيوب” 1983، وقدم للتلفزيون عدد من المسلسلات منها “زينب والعرش، محمد رسول الله، رداء لرجل آخر، أبواب المدينة، وقال البحر، النديم”.

ونحو نصف قرن قضاها محمود المليجي ما بين المسرح والتليفزيون والإذاعة تجاوزت 750 عملا ترك فيها بصمته، وكان يقول عنه يوسف شاهين: “كنت أخاف من نظرات عينه” ومع “شاهين” في “الأرض” رفض “المليجي” الاستعانة بـ”دوبلير” في مشهد تكبيل يده بالحبال وسحله بالخيل وهو يتشبث بجذور الأرض في مشهد محفور في ذاكرة السينما المصرية.

أما عن اللحظات الأخيرة في حياة المليجي التي تم نشرها في جريدة “الأخبار” بتاريخ 7 يونيو 1983، فكانت أشبه بمشهد سينمائي حيث يقول “بواب عمارة المليجي” إنه في صباح يوم وفاة المليجي التقى به وقام بأخذه بالحضن على غير العادة وعندما سأله البواب لماذا يفعل ذلك؟

قال المليجي: جايز ما نتقابلش تاني، ثم توجه إلى ملهى بشارع الهرم لتمثيل أخر مشهد كان يشارك فيه في “فيلم أيوب”.

كان يضحك وهو جالس مع عمر الشريف يشرب فنجان القهوة، وفجأة وبدون مقدمات أصيب بأزمة قلبية ومات في الحال، وتم نقله إلى المنزل وقالوا لزوجته علوية إنه أصيب بنوبة إغماء ثم أخبروها بوفاته.

وقبل موت المليجي بشهور قليلة كان يكتب مذكراته، وقال إنه لا يريد أن يتمها لأن ذلك يعطيه إحساسا بأنه سوف يموت.

وقال  الفنان سامح الصريطي إنه كان يمثل مشاهده الأخيرة مع المليجي قبل وفاته بأيام قليلة، وأثناء إعداد أحد المشاهد، جلس الصريطي بجوار المليجي وكان يدخن سيجارة ومن المعروف أنه يدخن بشراهة، فترجاه الصريطي أن يقلع عن التدخين،ولكن المليجي رد عليه مبتسما:” على إيه يا سامح دي هي اللي فضلالي ما عدش من العمر قد اللي راح”.

 

وقد رحل محمود المليجي في 6 يونيو عام 1983، عن عمر ناهز 72 عامًا إثر إصابته بأزمة قلبية حادة، بعد رحلة طويلة من الفن والإبداع تاركا خلفه إرثا فنيا لا ينضب جعله أهم وأعظم من أنجبت السينما المصرية بل العربية عموما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى