هكذا انتسبت ام كلثوم في العاصمة الليبية لحركة فتح عام 1969

ذات ليلة من عام 1969، سهرت العاصمة الليبية طرابلس من العاشرة مساء حتى الثالثة صباحا مع صوت أم كلثوم، حيث كانت ليبيا محطة غير عادية لكوكب الشرق، خلال جولة لها بالدول العربية.
وبرغم ضخامة السرادق الذي تم إعداده لاستقبال حفلة السيدة أم كلثوم والذي يتسع لعشرة آلاف شخص، فانه لم يكن كافيا لتلبية الطلبات المتزاحمة من الجماهير الغفيرة التي ترغب في متابعة حفلة سيدة الغناء العربي في ليبيا.
ولعل هذا ما دعا وزير الإعلام الليبي للاتصال بأم كلثوم وأخذ موافقتها على بث الحفلة على الهواء مباشرة من خلال شاشة التلفزيون لكل من ليبيا ومصر أيضًا، ولم تتردد بل وافقت مباشرة على ذلك الاقتراح لمنح الفرصة لكل سكان ليبيا بالاستمتاع بحفلها.
وكان المشهد كله داخل السرادق مهيبا ورائعا، تزينه لافتات حركة فتح تحمل شعارها فوق الرؤوس وتملأ جوانب المكان: “ثورتنا فلسطنية”، “إرادة الإنسان العربي أقوى من كل التحديات”، “العاصفة.. ثورة حتى النصر “.
وعند صعود أم كلثوم على المسرح كان أمامها لافتة كتب عليها: “الفن العربي الهادف سلاح من أسلحة الثورة” وهو المعنى الحقيقي والكبير لعمل ام كلثوم ومجيئها إلى ليبيا.
تمت إذاعة الحفل مباشرة من تليفزيون طرابلس إلى كل أرجاء ليبيا من بني غازي وطبرق ودرنة، وقد حرص أحمد الصالحين، وزير الإعلام الليبي على البقاء في مكتبه من أجل متابعة الحفل عبر الشاشة الصغيرة، والتأكد من جودة الإرسال الذي يبث إلى كل ليبيا ومصر .
بينما حرص رئيس الوزراء الليبي على الحضور في الصف الأول للاستمتاع بحفلة السيدة أم كلثوم مع الوزراء وكبار رجال الدولة والسفراء العرب، وأخذ يقول لمن حوله إن ام كلثوم ثروة اقتصادية قبل أن تكون ثروة فنية.
وقام شباب فتح من رجال المقاومة الفلسطنية بتوزيع الشارات التي تحمل “شعار العاصفة” على الحضور .
وبعد انتهاء الوصلة الأولى التي استمرت لمدة ساعتين ونصف غنت فيها ام كلثوم اغنية “هذه ليلتي” التي استعادت الجماهير مقاطعها لأربع مرات، دخلت أم كلثوم غرفتها لتستريح وتأخذ كوبا من الشاي الساخن وتوقع على الصور التذكارية والاوتوجرافات , ليدخل الغرفة ثلاثة شبان من حركة فتح يطلبون من أم كلثوم السماح لهم بتقديم هدية بسيطه لها تعبيرا عن مشاعرهم تجاهها، ليست هدية بقدر ما هي رمز لمعني معين.
ووافقت ام كلثوم وصافحتهم بكل ما في قلبها من اعتزاز بهم , ليقوم احدهم باخراج شارة ” العاصفة ” من الصندوق الذي يحمله ويضعه على صدرها وهو يقول: اعذرينا يا سيدتي العظيمة ليس لدينا ما نقدمه لك غير المبدأ الذي نعمل من أجله.. أرجو أن تقبلي أن تكوني في صفوفنا”.
ولم تستطع أم كلثوم أن تكتم مشاعرها الفياضة وقالت لهم والتأثير غلاب على نبراتها والدموع في عينها : هل يعني ذلك أنني أصبحت من المناضلين؟؟ ليهز الثلاثة رؤوسهم بالإيجاب، لتشد أم كلثوم على أيديهم كأنما تقول ليس هناك أعظم من اليوم الذي أصير فيه منكم، وذلك وفقا لما نشرته مجلة “أخر ساعة” المصرية في عددها الصادر بتاريخ 19 مارس 1969.