عاش الأول من أيار

الأول من أيار مايو عيد العمال كما هو معروف من كل عام ، حيث يحتفل العالم أجمع به وتعطل جميع الدوائر والمؤسسات والشركات ، ويذهب الجميع للراحة والاستجمام إلا العمال ، فهم صناع التاريخ، حسب التعبير الشهير لكارول ماركس ، وتقف على عملهم عجلة تقدم الأمم اقتصاديا وسياسيا .
فهم الجنود المجهولون الذين يكتبون تاريخ الأمم بنضالهم وعملهم ، والوحيدون الذين لا يحتفلون بعيدهم ألأممي الذي أجمعت عليه كل شعوب الأرض .
وفي نفس الوقت نجد أن هذه الطبقة الأكثر عددا ولكن للأسف هي الأقل تنظيما لأسباب كثيرة يطول شرحها ، والأكثر تعرضا للظلم والاضطهاد، وهي أول من يدفع الثمن دائما في الرخاء كما في حالة الأزمات .
وما يحدث اليوم للعمال بعد جائحة كورونا اكبر دليل على ذلكن حيث كانوا أكثر المتضررين ، وهناك تغول امبريالي متوحش تقوده أمريكا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على دول العالم ، خاصة النامية منها، والضحية الأولى بالطبع هم العمال ولا سيما مع موجة الخصخصة التي ألقت بملايين العمال في الشوارع عاطلين عن العمل .
وما يحدث في العالم النامي بالتأكيد أشد مأساة وفتكا بالعمال، حيث ازدادت البطالة واتسعت رقعة الفقر، ناهيك عن البطالة المقنعة التي تتمثل بأن الأجور التي يتقاضاها العمال لم تعد تكفي لمعيشتهم مع موجات غلاء المعيشة .
وجاءت جائحة كورونا لتقضي على كل شيء حتى وصفها البعض بالوباء السياسي الاقتصادي بالدرجة الأولى، حيث استهداف الطبقة العاملة بشكل خاص .
الأول من أيار عيد العمال لم يكن كرما ولا فضلا من أرباب العمل على العمال ، ولكنه يوم فرضه العمال بنضالهم وكفاحهم ليكون تكريما لهم ويليق بعطائهم، حيث أنهم كما أسلفنا المحرك الأساسي لعجلة التقدم الاقتصادي الذي بالطبع غير معزول عن السياسي .
وليس من شك إن الامبريالية العالمية ممثلة بالولايات المتحدة الخاضعة لسيطرة أرباب رأس المال، هي العدو الأول للعمال ، وهي من جوّع الكثير من الشعوب التي لا تتماشى مع سياستها .
واليوم أمريكا نفسها التي تصورت أن قوتها هي نهاية التاريخ، كما جاء في صرخة فرانسيس فوكوياما، ها هي اليوم تعتبر البلد الأكثر مديونية في العالم، وأن قوتها ونهب خيرات الشعوب الأخرى لم توفر لها الأمن ولا الأمان وضمان أن تبقى القوة الوحيدة في العالم .
يأتي الأول من أيار والعالم كله يعيش على حافة الهاوية حيث جائحة كورونا والحروب ولا سيما الاقتصادية التي يفرضها تجار الموت والدماء، الأمر الذي يتطلب في هذه المرحلة وعيا عماليا ووحدة عمالية قوية من خلال نقابات عمالية منتخبة وليست معينة ، وإفراز قيادات تمثل العمال لا تمثل عليهم ، وأن ترفع الحكومات التابعة للشيطان الأكبر يدها عن النقابات والعمالية والمهنية الأخرى.. فهل يعقل أن يبقى شخص ما على رأس اتحاد عمال لأكثر من ثلاثين عاما في إحدى دول الموز ؟
عاش الأول من أيار، عاش نضال الطبقة العاملة ، فالعالم اليوم كما قالت المناضلة لورا لوكسمبورغ أمام طريقين: الاشتراكية ذات الوجه الإنساني أو البربرية .
ولا عزاء للصامتين .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى