صاروخ ديمونا ردٌّ نوعي.. إضاءة على المشهد العربي

بقلم: د. سمير محمد أيوب

بعد يومين من تفجير ضخم غامض، في معمل للصواريخ قرب مدينة الرملة الفلسطينية المحتلة، ونشر تقارير عن تسرُّبٍ لغاز الامونيا القاتل من مستودعات في ميناء حيفا، وبعد اطلاق صواريخ على سفينتين اسرائيليتين في باب المندب وخليج عُمان، وفي ظل شجاعة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في القدس، يتعمَّد محور المقاومة، صبيحة يوم الخميس 22/4/2021، رشْقَ الكيان الصهيوني، بصاروخٍ باليستي ذكي هو الفاتح 110 من الاراضي السورية، مُختَرِقا بسلاسة، سماء منطقة عسكرية في النقب جنوبي فلسطين المحتلة. والانفجار في محيط المفاعل النووي في ديمونا.
سلاسة عبوره وتغلُّبه على كل المنظومات الدفاعية الاسرائيلية، بالاضافة لسقوطه في منطقة هي الأكثر حماية، أرعب القيادة السياسية والعسكرية والأمنية للعدو وأربكها، إلى حد اعتباره كارثة، حلت بهم، وفجرت بينهم صراعات داخلية عديدة.
وشغل هذا الصاروخ العالمَ برمته. قيل في كل ما تعلق به، الكثير من الروايات المتناقضة، وسيبقى القول على أشده، بحثا عما بعده، ناهيك عن معاني توقيته وأهدافه.
بغض النظر عن أصل وفصل هذا الصاروخ، أو حسبه ونسبه، مستوى ذكائه أو درجة غبائه، مَنْ صاحبه ومَنْ أرسله ، من أين جاء وإلى أين ذهب، ألمُهم أنه وصل بسلامة الله ورعايته، إلى حيث أريدَ له أن يصل. وكشف أكذوبة منظومات القُبب الحديدية، في السيطرة المُطلقة على الفضاء، وقدرتها على الحماية أو على الردع.
الأهم من وصوله سالما غانِما، هو أهدافه الكامنة في ثنايا معارجه، والنتائج المتوخاة منه. خاصة أنه ليس أول صاروخ سوري يصل إلى قلب العدو الصهيوني، بل هو الرابع خلال السنوات الماضية ، واحد للقدس وثانيها للاغوار، وأسقط ثالها طائرة للعدو قرب مدينة شفا عمرو الفلسطينية المحتلة.
” الكيان الاسرائيلي ” في حالة إرباك وقلق، من تحسين القدرات الصاروخية كمّا ونَوعا، لمحور المقاومة، الذي يضم فيما يضم حتى الان، إيران، سوريا، قوى عراقية، حزب الله، حماس والحوثيين. حزام النارهذا، ممتد من جنوب الجزيرة العربية، إلى جنوب فلسطين وما بينهما، قادرٌ على إمطار كل شيءٍ في فلسطين المحتلة بالأبابيلِ الصاروخية، فجغرافيا فلسطين صغيرة وضيقة، يسهل الإجهاز عليها، من كل زوايا حزام النار، مهما طوّروا من منظومات دفاع جوي، فالعلم والقدرات متاحة لكل صاحب ارادة وعزم، لتطوير منظوماته الصاروخية والإرتقاء بذكائها.
ايها العدميون الشامتون في مهازل الاعلام العربي، هذا ” الطائش الغبي المتسلل غير المقصود ” كما تتوهمون، هو بالتأكيد وبالضرورة مواجهة عسكرية متبادلة، خارج حساب التراسل، الذي انتهى بانتصار صواريخ عام 2006 في جنوب لبنان، ومن بعدها صواريخ غزة العزة.
العالم والاقليم يتغير، في ظل تجاذبات سياسية وعسكرية متدحرجه كثيرة ومتقاطعة، والصراع السري والعلني والالكتروني مع العدو الصهيوني كذلك. هناك ترتيبٌ للمشاهد المتناحرة في المنطقة . في ظل كل هذا وذاك، فإن هذا الصاروخ بكل تفاصيله، يشكل لأسباب كثيرة، تحولا عسكريا نوعيا في استراتيجيات المواجهة في المنطقة، وفي قواعد الصراع والاشباك التكتيكي .
سوريا التي صمدت لسنوات عجاف طوال، في وجه الارهاب الدولي ، استعادت الكثير من أراضيها وكرامتها وعنفوانها، نجحت بالدم والنار والصبر الجميل، في اعادة موضعة منظومتها الصاروخية، بعد ان سرب الارهابيون والمعارضة، اسرارها الى العدو الصهيوني.
بوضوحٍ، يقول المقاومون العرب وحلفاؤهم، للداخل “الاسرائيلي”، أن من اوصل صاروخا إلى محيط ديمونا، قادر إذا ما تدحرجت الأمور، على إيصال المئات بل الآلاف من زخات الصواريخ غيره ، ومهما طورتم من دفاعاتكم الجوية، فإن لهذا الصاروخ إخوة بررة، قادرون على اقتحام سماءكم، وفق مواقيتنا نحن، لنجعل كل ما فيكم تحت رحمتها.
الاردن – 25/4/2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى