دلالات توقيع إيران معاهدة التعاون الاستراتيجي مع الصين

وقّعت إيران مع الصين، السبت27مارس/آذار2021، اتفاقية تعاون تجاري واستراتيجي مدتها 25 عاما كانت قيد المناقشة منذ سنوات،إذ انطلقت المباحثات بين الطرفين بشأن الوثيقة عام 2015 خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى طهران، واستغرقت نحو ست سنوات قبل إعدادها نهائياً والتوقيع عليها. وتأتي هذه الاتفاقية في ظرفية بالغة التعقيد، لجهة عدم استقرار النظام الدولي أحادي القطبية بزعامة أمريكا، كما تدخل في سيرورة مبادرة الحزام والطريق الصينية او طريق الحرير الصيني الجديد، الذي يُعدُّ من أبرز المشاريع والاستراتيجيات التي شهدها العالم على مدى التاريخ وهي المبادرة تحمل في طياتها بعد وطموحات استراتيجية وجيوسياسية كبرى .
إيران على طريق الحرير
بمناسبة الذكرى الخمسين لتدشين العلاقات الدبلوماسية الصين وإيران،وقع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الصيني وانغ يي الذي زار طهران مؤخرا لمدة يومين، يوم السبت الماضي،على”وثيقة برنامج التعاون الشامل بين إيران والصين لـ25 عاماً”.ورغم أنَّ البلدين لم ينشرا تفاصيل تذكر حول هذه الاتفاقية الإستراتيجية،فإنَّ صحيفة “نيويورك تايمز”الأمريكية كشفت عن تفاصيل مسودة هذه الاتفاقية للتعاون الاقتصادي والاستراتيجي التي وقعتها كل من الصين وإيران،حيث لا تزال بنود المعاهدة غير معلنة رسميًا إلى هذه اللحظة.
لا شكَّ أنَّ هذه الاتفاقية الاستراتيجية سوف تعمق النفوذ الصيني في إقليم الشرق الأوسط، وتقوض الجهود الأمريكية لإبقاء إيران في عزلة، وتأتي في ضوء الرفض الإيراني للانخراط في مباحثات مع الولايات المتحدة بخصوص الاتفاق النووي، الذي تخلت عنه إدارة ترامب السابقة في عام 2018.وقد أيدت الصين هذا الموقف الإيراني، رغم كون الصين واحدة من الدول التي وقعت على الاتفاق في عام 2015.ولم تعلن إيران تفاصيل المعاهدة قبل توقيعها، لكن خبراء يقولون إنها لم تتغير كثيرا عن تلك التي سرب تفاصيلها في مسودة من 18 ورقة العام الماضي.
وكانت “نيويورك تايمز” قد نشرت تفاصيل اتفاقية منتظرة بين الصين وإيران خلال العام الماضي، شملت 400 مليار دولار استثمارات صينية في عدد من المجالات، بما في ذلك، الصرافة، والاتصالات، والموانئ، والسكك الحديدية، والرعاية الصحية، وتكنولوجيا المعلومات، لمدة 25 عاما قادمة.
وبحسب المسودة، فإن الصين ستحصل على إمدادات نفطية إيرانية، مخفضة للغاية، وبشكل منتظم، وفقا لمصادر إيرانية.ودعت المسودة أيضا إلى تعميق التعاون العسكري بين الجانبين، بما في ذلك التدريبات والبحوث المشتركة، وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وروج المسؤولون الإيرانيون للاتفاقية مع بكين -والتي اقترحها الزعيم الصيني شي جين بينغ لأول مرة، خلال زيارة في عام 2016 – باعتبارها اختراقا. لكنها قوبلت بانتقادات داخل إيران، تقول إن الحكومة تقدم الكثير للصين.
ولفت التقرير إلى زيارة الصين لعدد من خصوم إيران الإقليميين، مثل السعودية، وتركيا، ومن المقرر إجراء زيارات لكل من الإمارات، والبحرين، وعمان.ويعلق تقرير “نيويورك تايمز” قائلا “إن الصين مستعدة حتى، لاستضافة المحادثات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في تلميح إلى أن الهيمنة الأميركية في المنطقة أعاقت السلام والتنمية”.
كما ذكر التقرير تعليق المحلل الاقتصادي الإيراني، على الاتفاقية الإيرانية-الصينية، إذ قال “لفترة طويلة جدا في ما يخص تحالفاتنا الاستراتيجية، وضعنا كل بيضنا في سلة الغرب، ولم تسفر عن نتائج، الآن إذا حولنا السياسة ونظرنا إلى الصين، فلن يكون الأمر سيئا للغاية”.
ونقلت الصحيفة عن منتقدي الاتفاق الصيني الإيراني أنه يفتقر للشفافية، ووصفوا الصفقة بأنها بيع لموارد إيران، وقارنوها بالاتفاقات أحادية الجانب التي أبرمتها الصين مع دول مثل سريلانكا. ولقي الاتفاق خلال العام الماضي اعتراضات من الداخل الإيراني، بزعم أن من شأنه منح الصين سطوة على البلاد.
من وجهة نظر المحللين و الخبراء الملمين بقضايا إقليم الشرق الأوسط، تُعَدُّ هذه الاتفاقية الاستراتيجية نتيجة منطقية للسياسة الأمريكية التي انسحبت من الاتفاق النووي عام 2018، ولاستراتيجية الخنق الاقتصادي التي فرضتها واشنطن على طهران منذ وصول إدارة امب إلى السلطة في نهاية عام 2016، فضلاً عن انتظار الصين نتائج الانتخابات الأميركية التي أوصلت المرشح الديموقراطي جو بايدن إلى الرئاسة في نهاية عام 2020، وهو ما أثار توقعات باحتمال تبنيه مقاربة أخرى مع طهران، تنبني على الدبلوماسية والحوار.
ويرى هؤلاء المحللون و الخبراء أنَّ الصين تستبق أي انفراجة محتملة في الأزمة بين إيران والغرب وبالذات الولايات المتحدة بتمتين حضورها في إيران وعلاقاتها معها لجني ثمار هذه الانفراجة، إضافة إلى أنها أيضاً تهدف من خلال هذه الخطوة إلى توطيد حضورها الاستراتيجي في إقليم الشرق الأوسط لخوض الصراع التنافسي مع الولايات المتحدة، في ضوء تفجر الحرب الباردة الجديدة بين أمريكا و الصين .
يقول الخبير الإيراني مدير قسم الدراسات العالمية في مركز الدراسات الاستراتيجية بالرئاسة الإيرانية دياكو حسيني، لـ”العربي الجديد”، إنَّ توقيع إيران على هذه الاتفاقية في هذا الظرف الزمني فيه رسالة للولايات المتحدة، مشيرًا:إنَّه “في ظل التردد الذي يبديه الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن تدارك أخطاء الانسحاب من الاتفاق النووي، فالصين وإيران تؤكدان من خلال الوثيقة أنهما بصدد تعزيز العلاقات”. ويضيف حسيني أن “الصينيين بالنظر إلى رؤيتهم طويلة الأمد تجاه هذا الجزء من آسيا يرسلون رسالة إلى الجانب الأميركي، مفادها بأنهم ليسوا بصدد تعطيل هذه الرؤية أو تغييرها وأن على أميركا أن تتأقلم مع العالم الذي قيد التغيير”.
لماذا هذه الاستدارة الإيرانية نحو الشرق؟
لقد دخلت العلاقات الأمريكية – الإيرانية في نفق التصعيد المفتوح حتى على العمل العسكري، في ظل إدارة ترامب السابقة،التي وضعت الملف الإيراني فوق نار حامية، وكان إسقاط، أو إفشال الاتفاق النووي مع إيران هو الهدف وما زال، وكانت صواريخ إيران البالستية هي الهدف الثاني بعد أن تجاوزها إطار الاتفاق النووي، وجاءت تنامي قوة إيران الإقليمية بسبب وقوفها إلى جانب الدولة الوطنية السورية.
من وجهة نظر الرئيس الأمريكي السابق، لا بد من تطبيق العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الإسلامية بهدف تدمير اقتصادها، وحرمانها من مصدر ثروتها المتأتية من إنتاج 3.45 مليون برميل نفط يومياً. وهذا المصدر يجعل من إيران (82 مليون نسمة) ثالث أكبر دولة منتجة للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”.
وكان هناك رهان إيران على إسهام الاتفاق النووي في إنقاذ الاقتصاد الإيراني، الذي ظل خاضعًا لحصار اقتصادي دولي منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث ضربت العقوبات مفاصل اقتصادية رئيسة، وأدّت إلى تراجع النفط بأكثر من النصف، وذلك من 100 بليون دولار إلى أقلّ من 50 بليوناً، وأدّت التحوّلات الجيوسياسية إلى انهيارٍ متواصلٍ للنقد الإيراني.
فبسبب عدم حصول أي انفراج في علاقة إيران المتأزمة بعد فشل الاتفاق النووي في اختراق الأزمة، تسارعت وتيرة استدارة إيران نحو الشرق، وهو توجه مدفوع بالأساس بتعليمات رأس هرم السلطة في إيران، المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إذ دعا الحكومة الإيرانية، في شباط/ فبراير 2018، إلى “ضرورة تفضيل الشرق” عند حديثه عن أولويات العلاقات الخارجية الإيرانية.
إنَّ التوقيع على الاتفاقية الاسراتيجية تشكل خطوة كبيرة باتجاه التوجه الإيراني نحو الشرق لتدارك الخلل الذي أحدثته الدول الغربية، ولا سيما بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، إذ تريد إيران تحقيق الاستفادة من الفرص التي يخلقها النظام العالمي الجديد على ضوء صعود الصين كقوة اقتصادية ذات وزن عالمي، وانتقال مركز الكون من الغرب إلى الشرق.
وهنا يؤكد الخبير حسيني أن إيران بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي الرابط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب في أورآسيا “ينبغي أن تخلق الموازنة في العلاقات مع الدول الغربية والدول الشرقية وخاصة الصين، ولذلك وفق هذا الرأي حتى لو لم تنسحب أميركا من الاتفاق النووي فقد كانت طهران تسلك هذا المسار”.
ومع ذلك، يجد التوجه الإيراني نحو الشرق عقبة كبيرة، وهي العقوبات والضغوط الأمريكية، التي خفضت حجم تبادلها التجاري مع الصين خلال العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ 16 عاماً بعد بلوغه نحو 20 مليار دولار.
من جانبها أعلنت الولايات المتحدة موقفها من اتفاقية التعاون التجاري والاستراتيجي لمدة 25 عاما، التي وقعتها الصين وإيران الأسبوع الماضي.وشددت واشنطن، الأربعاء31مارس2021 على مصالحها المشتركة مع بكين في الملف النووي الإيراني، رافضة التنديد علنا باتفاقيةالتعاون الصيني الإيراني.وكان عدد من صقور المحافظين الأمريكيين رأوا في هذه الاتفاقية التي وقّعتها بكين وطهران السبت دليلاً على بروز محور جديد مناهض لواشنطن.
جنون الكيان الصهيوني من المعاهدة
ينظر الكيان الصهيوني إلى المعاهدة التي وقعتها إيران مع الصين ،على أنها تشكل تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل قد يتطور إلى أبعاد وجودية، يتمثل في التحالف الإيراني الصيني الجديد، بحيث قد يجد الشرق الأوسط نفسه مرة أخرى في حرب باردة بين القوى العظمى، بطريقة تهدد الكيان الصهيوني ، كما حصل في السابق إبان الحرب الباردة السابقة بين أمريكا و الاتحاد السوفياتي .
يقول الخبير الصهيوني دان شيفتان، رئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا، في مقاله بصحيفة “اسرائيل اليوم”،إن “الاتفاق الاستراتيجي بين الصين وإيران في الأيام الأخيرة يذكر الإسرائيليين بتهديد سابق قام به الرئيس المصري جمال عبد الناصر، حين ساعده السوفييت بسياساته الراديكالية لتأمين هيمنته الإقليمية، وتهديد إسرائيل لأكثر من عقد، وأدت المحاولة الأمريكية لاسترضائه لتفاقم هذا التهديد الذي اندلع في صيف 1967”.
وأكد أن “ما يحصل حاليا أمام نواظر إسرائيل يتمثل في أن المساعدات الصينية الضخمة تعني تقديم الدعم للنظام الإيراني في طهران، في محاولتها لفرض هيمنتها على المنطقة، كجزء من حرب باردة أخرى، وقد تتطور مع مرور الوقت بين الولايات المتحدة والصين، وهذه الهيمنة من شأنها أن تشكل تحديا استراتيجيا لإسرائيل على نطاق لم تشهده منذ حرب يوم الغفران 1973”.
أما الجنرال الصهيوني ، الجنرال أودي أفينتال ، فقد كتب مقال بصحيفة “هآرتس” العبرية، أنه في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العودة للاتفاق النووي مع إيران “عادت إسرائيل لتقف ضد هذه العملية، وهي تعطي علامات على أنها تقوم بإعداد بدائل عسكرية لمنع إيران من أن تصبح دولة نووية، كما توقد الجهود في المنطقة لوقف تعزيز إيران وبناء قوة فروعها”.
وأشار إلى أن “إسرائيل استطاعت في العقود الأخيرة، أن تسجل لنفسها عدة إنجازات في زيادة الوعي الدولي للتهديد النووي الإيراني، وبالتالي تجنيد العالم لوقفه، وإقناع العالم بأن مشروع إيران النووي مخصص لأهداف عسكرية”، لافتا إلى أنها “تقاسمت مع دول العالم معلومات استخبارية وتقديرات عن نشاطات إيرانية محظورة”.
خاتمة: إقليم الشرق الأوسط ساحة لحرب باردة جديدة بين أمريكا والصين
تُعَدُّ مبادرة الحزام أوطريق الحرير الصيني التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين في سبتمبر 2013 بمنزلة الرؤية الصينية الجديدة لمكانة الصين في العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية الدولية، وانطلاقا من المصالح الصينية المتعاظمة في البحث عن الموارد الاقتصادية في مختلف مناطق العالم تسعى بكين الى ربط شبكة من الشركات والتعاون مع مختلف الدول التي يمر عبرها الحزام والطريق مما حدا بالبعض الى وصف هذه المبادرة بانها مشروع مارشال صيني للقرن الحادي والعشرين.
في نظرتها لمكانتها الجيوسياسية في العالم تُعَدُّ الصين نفسها امبراطورية الوسط كونها تتوسط الأرض وانطلاقا من هذه المركزية الصينية تصبح القارة الاوروبية أقصى الغرب بينما تصبح المنطقة الممتدة من إيران إلى مصر (الشرق الأوسط) الاستراتيجي المتعارف عليه عبارة عن الغرب الوسط في رؤية الصينية .
لكنَّ الأهم من هذا المعطى الجغرافي الصيني هو مكانة الشرق الأوسط كبوابة تلج الصين من خلالها إلى الاقتصادات الأوروبية من خلال الممر الاقتصادي بين الصين ووسط وغرب آسيا الذي يُعَدُّ النسخة المعاصرة لطريق الحريري التاريخي . فالشرق الأوسط من وجهة النظر الصينية، يُعَدّ الخزان الاستراتيجي للطاقة بالنسبة لاقتصاد الصين الصاعد ،ولهذا السبب بالذات كان هذا الإهتمام الخاص الذي توليه الحكومات الصينية لهذه المنقطة .فقد تنبأ الزعيم الصيني الراحل ماوتسى تونج (mao zedong)بهذه الأهمية الذي يَحُوزُهَا الشرق الأوسط في الرؤية الاستراتيجية الصينية عند قوله التحكم في هذه المنطقة من قبل قوى مناهضة للصين لا يؤدي فقط إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، وإنما يهدِّد وجود جمهورية الصين الشعبية .
هذا ما يفسر الاتجاه الصيني لدعم حركات التحرر الوطني والأنظمة المنهاضة للاستعمار في منطقة الشرق الأوسط من أجل خلق تحالفات إقليمية جديدة وكسب الاعتراف الدولي في مواجهة تايوان (أهم الاعتراف هو الاعتراف المصري بجمهورية الصين الشعبية في30مايو 1956والذي كان أول اعتراف عربي وإفريقي بالصين الشعبية) .
وبغض النظر عن هذه الأمور التاريخية تحمل منطقة الشرق الأوسط أربعة معان رئيسية للصين في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين:
أولا: ينظر إليها على أنها ساحة منافسة للقوة العظمى حيث يجب أن ننظر إلى قوة صاعدة مثل الصين كمنافس مباشر للنفوذ الأمريكي وبدرجة أقل للنفوذ الروسي في المنطقة .
ثانيا :تُعَدُّ منطقة الشرق الأوسط مصدرًا مهمًا للطاقة المستوردة ومنطقة مهمة للتجارة والاستثمار الصيني.
ثالثا: أصبحت المنطقة امتدادًا لجوار الصيني المباشر بسبب الروابط العرقية والدينية عبر الوطنية.
رابعا: ترى بكين الآن المنطقة الشرق الاوسطية هي بمنزلة مفترق طرق جغرافي استراتيجي عالمي وأهم منطقة بالنسبة للصين الشعبية تتجاوز حتى جوارها الآسيوي الخاص بها انطلاقا ببعض الأمور السياسية والعقائدية والاقتصادية يمكن إدراك الأهمية التي توليها الصين لمنطقة الشرق الاوسط وكيفية الانخراط السلس والحذر في قضاي المنطقة كالقضية الفلسطينية والحرب في سوريا .
أخيرًا: المعاهدة الصينية الإيرانية، تشكل تحدِّيًا صينيًا لأمريكا، وهو ما ينذر ببداية حرب باردة جديدة بين الإمبراطورية الآيلة للأفول وهي أمريكا، و الإمبراطورية الجديدة الصاعدة وهي الصين ،التي ستستفيد كثيرا من تداعيات جائحة كورونا، للعمل من أجل تأسيس نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
وعلى الرغم من التأكيدات الصينية المتكررة للطابع الانفتاحي لمبادرة طريق الحرير ،و كذلك للمعاهدة الموقعة أخير بين الصين و إيران، بأنها ليست إطارًا لأية مواجهات أو صراعات دولية، أو جزءًا من هذه الصراعات،وعدم سعيها إلى الصدام مع النظام الدولي القائم، فإنَّ الأمر لا يعتمد على الخطاب الصيني الرسمي ، بقدو ما يعتمد على إدراك الأطراف الدولية للمعاهدة و تداعياتها الاستراتيجية على التوازن الدولي.
يمكن القول ، أنّ المعاهدة الاستراتيجية بين الصين و إيران تثير احتمالات الصدام مع عدد من القوى العالمية و الإقليمية، بسبب تقاطع المعاهدة مع مناطق النفوذ التقليدية لهذه القوى، لا سيما أمريكا و الكيان الصهيوني، وبحدود أقل روسيا التي تخشى من توسيع و تعميق حجم النفوذ الصيني داخل مناطق النفوذ التقليدية لها، في المدى المستقبلي، خصوصا سورية والعراق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى