ابرزهم الزعيم والفخراني.. السينما المصرية تستعيد نجومها الكبار في موسم استثنائي هذا العام
كل الدلائل والتوقعات تشير الى ان الساحة السينمائية المصرية مقبلة على عودة بعض النجوم الكبار والمخضرمين للمشاركة في أعمال جديدة. فوفقا للمعلومات المتداولة سيشهد العام الجاري عودة الفنان عادل إمام في فيلم “الواد وأبوه”، بعد غياب عن السينما استمر لأكثر من عقد وكان آخرها فيلم “زهايمر”. هذا إلى جانب العودة المنتظرة ليحيى الفخراني إلى السينما بعد نحو ربع قرن من الغياب.
فقد تأكّدت بصفة رسمية عودة يحيى الفخراني عبر فيلم “الصحبة الحلوة”، بعد آخر ظهور سينمائي له منذ 23 عاما في فيلم “مبروك وبلبل”، وتقوم يسرا ببطولة فيلم “ليلة العيد”، وانتهت الفنانة ليلى علوي من تصوير فيلمها “ماما حامل”، وهذا الثنائي لم يغب طويلا عن شاشة السينما، لكن أعماله قلّت.
كما تواصل إلهام شاهين تألّقها وإصرارها على مواصلة مسيرتها الفنية من خلال فيلمها الأخير “حظر تجول”، فيما يعود عادل إمام إلى الشاشة الكبيرة بعد غياب عشر سنوات عبر فيلم “الواد وأبوه”.
ويرى البعض من النقاد أن عودة هؤلاء الكبار ترجع إلى انشغال النجوم الشباب في أعمال درامية مخابراتية وحربية من المقرّر عرضها ضمن موسم رمضان المقبل، وتتطلب نجوما يتمتعون بقدر كبير من الحيوية والحركة تتواءم مع مشاهد “الأكشن”، ما جعل الساحة السينمائية مناسبة لعودة المخضرمين إلى السينما.
ويبدي هؤلاء النقاد سعادتهم بخبر عودة النجوم الكبار، لأنها تصبّ في صالح السينما المصرية، فالفيلم الجيد ينبغي أن يضم أجيالا مختلفة، ولا يمكن أن يكون أبطاله من الشباب فقط، بل توجد ضرورة لاجتماع الخبرات معهم، وهو ما كان سائدا في الأفلام القديمة التي جمعت بين مختلف الأجيال السينمائية.
ولا ينفصل غياب النجوم عن حالة عامة مرّت بها السينما خلال العقد الأخير، عقب اندلاع ثورة 25 يناير 2011، ثم ثورة 30 يونيو 2013، وهي الفترة التي شهدت انصراف قطاع من الجمهور إلى السياسة، وأوصدت بعض دور العرض أبوابها.
ودفعت هذه الحالة الكثير من النجوم إلى الاتجاه نحو الأعمال الدرامية للحفاظ على حضورهم الفني، وبعد أن استقرت الأوضاع الأمنية والسياسية، كان هؤلاء انتقلوا إلى مرحلة عمرية تفرض عليهم اختيارات محدودة في السينما، لأن شركات الإنتاج تبحث عن نجوم الشباك، والسوق يعتمد على العرض والطلب وتلبية احتياجاته، ويعتمد على الشباب الذي يعدّ الجمهور الأساسي لدور السينما.
وشاع في الكثير من الدول العربية أن النجومية تذهب مع التقدّم في العمر، وفي الماضي كان الكثير من مؤلفي السينما يحرصون على كتابة أعمال فنية تجمع بين جيل قديم وآخر شباب، لكن الاتجاه الحالي يميل لتجاهل الكبار، أو حصرهم في أدوار هامشية، لذا آثر البعض التراجع للخلف سينمائيا والاتجاه نحو الدراما التلفزيونية، حيث توجد مساحة أكبر لمشاركتهم، وحجم مشاهدة مرتفع من دون الخضوع لتقلبات السوق السينمائي.
كما أنه من العسير على عدد من النجوم الكبار المشاركة في أدوار ثانية أو هامشية، أو القبول ببطولة أعمال معرضة للفشل جماهيريا بسبب اختلاف المزاج العام وتباين الأذواق فيكون قرار الانسحاب، ولو مؤقتا، حفاظا على تاريخهم وصورتهم الذهنية لدى الجمهور إلى حين العودة إلى السينما بشكل يليق بهم.
وهذا ما انتهجه نجوم أدركوا طبيعة التوجهات في السينما، فتبنوا صيغة تضمن لهم مشاركة كريمة، مثل الفنانة يسرا التي عادت إلى السينما العام الماضي بفيلم “صاحب المقام”، وبدا العمل أقرب إلى البطولة المشتركة والمتكافئة بين يسرا والممثل الشاب آسر ياسين والفنانة الصاعدة أمينة خليل.
وكانت إلهام شاهين واحدة من أكثر أبناء جيلها إدراكا وتكيّفا وقدرة على خلق مساحة للتواجد وأداء أدوار رئيسية تعالج قضايا مجتمعية بأفلام ناجحة وحصدت جوائز دولية، واتجهت إلى إنتاج أعمال تقوم ببطولتها، بينها فيلم “يوم للستات” عام 2016 إخراج كاملة أبوذكرى، وتبنّت في هذه النوعية من الأعمال قضايا المرأة ومعاناتها.
واتسمت أفلامها بوجود بطولة مشتركة مع فنانين من أجيال مختلفة، ففيلم “يوم للستات” ضم معها نيللي كريم وهالة صدقي وناهد السباعي والراحل فاروق الفيشاوي وإياد نصار وأحمد الفيشاوي، ما يؤكّد قدرتها على التكيّف ورغبتها في مواصلة إبداعها الفني، بصرف النظر عن مساحة الدور، فالمهم القصة والتأثير.
ونالت إلهام شاهين جائزة أحسن ممثلة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأخير عن فيلمها “حظر تجول”، ونجحت بأدائها أن تضيف ثقلا وحضورا للعمل.
مؤكد أن السينما العربية ما زالت في امس حاجة الى نجمات مثل ليلى علوي وإلهام شاهين ويسرا، بعدما قضين ما بين 30 و40 عاما بين جنبات العمل السينمائي والتلفزيوني، وهنّ من أبرز الممثلات حتى الآن، وخبرتهنّ غنية وممتدة ومؤثرة بعمق على أدائهنّ واختياراتهنّ، فهنّ نجمات مازالت السينما بحاجة إليهن ويمثلن مكسبا لها.