قبل أيام أصدرت “أكاديمية الإعلام الجديد” في الامارات تقريرا مهما حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الوطن العربي في عام 2020.
التقرير تضمن أرقاما وحقائق يجب ان نتوقف عندها مطولا فيما يلي أهمها:
* ان 79% من الشباب العربي يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة للاطلاع على الأخبار اليومية.
* ان متابعي عدد من أهم الشخصيات المؤثرة على تطبيق “تيك توك” زادوا زيادة كبيرة بنسبة 65% بين فبراير وأغسطس عام 2020.
* سجل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في دولة الإمارات المعدل الأعلى إقليمياً في عدد حسابات التواصل الاجتماعي للفرد، بمعدل 10 حسابات للشخص الواحد على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
واحتلت مصر المرتبة الأولى إقليمياً والتاسعة عالمياً من حيث عدد حسابات “فيسبوك” فيها، بأكثر من 44 مليون حساب. ووصل تطبيق “سناب شات” لما يقارب 67 مليون مستخدم في المنطقة شهرياً، في زيادة سنوية بلغت 38% حتى أكتوبر 2020. وحلت المملكة العربية السعودية والعراق ومصر ضمن أهم 13 سوقاً من حيث عدد المشتركين في تطبيق “سناب تشات”.
* ان متوسط استخدام الفرد يوميا لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية وصل الى 3.5 ساعات يوميا.
* وعلى مستوى الاقتصاد الرقمي، أظهرت الإحصائيات أن مساهمة الاقتصاد الرقمي لا تتجاوز 4% من ناتج الدخل القومي للمنطقة العربية ككل مقارنةً بـ 22% للمعدل العالمي، ومن اهم الأسباب لتراجع هذه النسبة عربياً ضعف المحتوى الرقمي العربي الذي يقارب 5%، رغم التوقعات العالمية بأن أكثر من 50% من الفرص الوظيفية ستنبثق بحلول عام 2022 من الاقتصاد الرقمي.
كيف نقرأ هذه الأرقام؟ أي حقائق تعبر عنها بالضبط؟
كما نرى، هذه الأرقام تبين ان المواطنين العرب، والشباب بالذات الذين هم الأغلبية الساحقة من المواطنين، تكاد تكون مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت عموما هي مصدرهم الأول ان لم يكن الوحيد للحصول على الأخبار والمعلومات.
كما تبين ان المواطنين العرب يقضون وقتا طويلا جدا في متابعة مواقع التواصل (3.5) ساعات يوميا.
بشكل عام تبين ارقام التقرير ان المواطنين العرب متعلقون تعلقا شديدا بمواقع التواصل وما ينشر فيها.
بطبيعة الحال، من المفهوم ان احد اكبر الأسباب لارتفاع هذه الأرقام في عام 2020 أزمة كورونا وفترات الاغلاق الطويلة والجلوس في البيت، واعتماد مختلف مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة على منصات التواصل وتطبيقات الاجتماع الافتراضي والتراسل الفوري.
ومع هذا، نعرف ان التوجهات العامة التي تعبر عنها هذه الأرقام موجودة حتى قبل أزمة كورونا.
لا نتردد في القول ان هذه الأرقام مفزعة، وما تكشف عنه من حقائق يعتبر كارثة إعلامية وسياسية أيضا.. لماذا؟
نعلم ان مواقع التواصل الاجتماعي ليست مصدرا موثوقا للأخبار والمعلومات. حتى بافتراض حسن النية عند القائمين على هذه المواقع، فما ينشر فيها من اخبار ومعلومات لا يخضع لأي نوع من التدقيق ولا تحري الحقيقة.
ونعلم ان هذ المواقع أصبحت ساحة خصبة للدول والقوى المعادية لدولنا ومجتمعاتنا وتستخدمها بشكل مخطط ومدروس لتحقيق أهدافها والإضرار بدولنا ومجتمعاتنا. مواقع التواصل أصبحت في الحقيقة من اكبر الأدوات السياسية والإعلامية بيد القوى المعادية.
لهذا ان تصبح هذه المواقع هي المصدر الأول والأكبر بالنسبة للشباب لاستقاء الأخبار والمعلومات يعتبر كارثة، اذ يعني هذا ان وعيهم السياسي والوطني عموما يتشكل على أسس خاطئة غير قويمة.
وهذه الأرقام تعني في وجهها الآخر ان المواطن العربي لا يعتمد في اخباره ومعلوماته على الاعلام الرسمي، ولا يثق كثيرا في الحقيقة في هذا الاعلام. وهذه أيضا مشكلة كبرى.
عل أي حال هذه الأرقام تكشف اننا إزاء معضلة سياسية واعلامية كبرى، للحديث بقية باذن الله.
شبكة البصرة