بين الدولة والديمقراطية

 

الدولة هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين يتولى تدبير شؤونهم، وتشرف الدولة على أنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية تهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد في المجتمع، الدولة تجمع إقليمي مرتبط بإقليم جغرافي ذي حدود معينة تمارس عليه الدولة اختصاصاتها، وهذا التجمع الإقليمي يعامل كوحدة مستقلة في السياسة الدولية.
إن مفهوم الدولة أكثر اتساعا من الحكومة حيث أن الدولة كيان شامل يتضمن جميع مؤسسات المجال العام وكل أعضاء المجتمع بوصفهم مواطنين، وهو ما يعني أن الحكومة ليست إلا جزءا من الدولة. أي أن الحكومة هي الوسيلة أو الآلية التي تؤدي من خلالها الدولة سلطتها وهي بمثابة عقل الدولة.
احتلت الدولة مكانة هامة في الفكر الإنساني قديما وحديثا. ومن خصائص الدولة أنها تتأسس على نظام مدني من العلاقات التى تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات والثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة.
والديمقراطية هي نظام سياسي واجتماعي يكون فيها الشعب هو مصدر السيادة والسلطة. الديمقراطية تجعل من الشعب في نفس الوقت حاكما ومحكوما وتضمن التوليف بين السيادة والمواطنة. والديمقراطية تقوم أساسا على إسناد السيادة أو السلطة العليا للأمة أو الشعب وهذا يعني أن الكلمة العليا في جميع النواحي السياسية إنما هي للأمة أو الشعب.
توجد الديمقراطية حينما يكون الشعب في الجمهورية جسدا واحد. تحترم الديمقراطية الحريات الفردية وتعطي الحقوق كاملة بالنسبة الى المعارضة السياسية وتعمل على طرد الديكتاتورية دون رجعة سواء تعلق الأمر بشخص أو بحزب، فالديمقراطية قوة هائلة في تحريك المجتمعات الإنسانية، فهي أرضية خصبة لكي يعي الناس مكانتهم وحقوقهم وواجباتهم وتحقيق مصيرهم.
إن الديمقراطية تعني حكم الشعب نفسه وبنفسه ولنفسه. وهذا التعريف الكلاسيكي تطور وتنامت ديناميته مع تطور وازدهار حركة المجتمعات البشرية، لكن الأسس والمبادئ التي أقام عليها هذا المصطلح بنيانه الفكري والعملي كالحرية والعدالة والمساواة، والمساواة السياسية لا تعني أن الجميع يحكم، ولا يعني التنازل عن جميع الحقوق، وأن السلطة النهائية تعود إلى الشعب.
تستلزم الديمقراطية توسيع المشاركة في المجال السياسي والشأن العام وفي صنع القرار في ظل دولة القانون والدستور والمؤسسات، كما تستلزم الديمقراطية تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير وفقاً لما جاء في مختلف الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
الديمقراطية ترى أنه لا مناص من تطبيق المساواة بكافة أبعادها على أبناء المجتمع الواحد، إذ لا تفرق بين المواطنين في حق المواطنة الذي يستدعي المساواة في مجمل الحقوق والواجبات، تتحقق المساواة بين المواطنين جميعا من خلال المبادئ الديمقراطية التي لا تتخذ من العرق أو الدين أو الفكر السياسي أو العنصر أو الجنس أساسا في منح الامتيازات أو الحرمان منها، بل الجميع يمتلك الصفة القانونية من خلال المساواة في الاقتراع الديمقراطي والمساواة في منح المناصب الهامة على وفق معيار القدرة والكفاءة.
الديمقراطية في جوهرها وسيلة لضمان الحرية الثقافية والروحية والسياسية والاجتماعية بمعنى أن الحكم فيها للشعب بما تحقق الحرية للإنسان كجزء من المجتمع الموحد الهوية والسلطة، وهذا ما يحدده شكل الديمقراطية كمصدر القوة للفرد والمجتمع. الديمقراطية هي الطريق نحو التقدم الدائم. تعبر الديمقراطية عن تطلع الإنسان إلى حياة إجتماعية إنسانية قوامها الحرية والعدل.
إن الديمقراطية هى وسيلة الدولة لتحقيق الاتفاق العام والمصالح العام للمجتمع. تضمن الديقراطية كفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية واحترام التعددية والتداول السلمي للسلطة، تنتمي من خلالها السيادة الى الإرادة جميع المواطنين .ومن جهة أخرى، تقتضي الديمقراطية بان تعمل الدولة بنشاط من أجل ضمان الحقوق الأساسية لجميع البشر.

*الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها جامعة عالية ،كولكاتا – الهند
البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى