البدرى فرغلي محمولا على أعناق الفقراء
بقلم: محمود كامل الكومى*

فى بلدة النضال والكفاح (بورسعيد)حيث غير انتصارها على الإمبراطوريتين الفرنسية والإنجليزية وجه التاريخ ,وأفل نجمهما باندحار عدوانهما على ترابها، أنتمي البدرى فرغلي لأسرة تحت خط الفقر , فوالده كان عاملا في الشحن والتفريغ بميناء بورسعيد, تشرب النضال منذ نعومة أظافرة لحظة وقوع العدوان الثلاثي 1956 ,الي إن التحق بكتائب المقاومة الشعبية فى حربي 1967 و 1973 – قبلهما كان قد تحصل على الابتدائية ,وشارك والده العمل كعامل شحن وتفريغ فى الميناء , ولم يستكمل تعليمه من أجل مساعدة والده فى الإنفاق على أسرته.
عاش الفقر فناضل من أجل أن يغير حياة الفقراء , ويطالب بحقوق المهمشين والعمال من براثن مافيا رجال لأعمال , حين حول السادات المدينة من معقل للنضال الي مرتع للمهربين والتجار بقوت الشعب ,واندحار اقتصاد الأوطان , أنهم الرأسمالية وأذناب الصهيونية , فذاب مع الفقراء والمطحونين يذود عنهم ويفرد قلوعه لتسير مركبهم وسط أنواء حكومات مافيا رأس المال .
نائب عن الشعب يصول ويجول في البرلمان دفاعا عن حقوق الفقراء والعمال , ضد رجال الأعمال الذين سيطروا على برلمانات مصر منذ العام 1990 حتى الآن بالمال السياسي وكل مظاهر القوة المعنوية والمادية الغاشمة, فوقف بضراوة ضد بيع المصانع التي بنيت في عصر جمال عبد الناصر , وبيع القطاع العام ملك جموع الشعب المصري , وكشف الفساد والمفسدين في الجهاز الا دارى , وتسلط الوزراء وانحيازهم للرأسمالية العالمية – ومن قبل قاد النضال ضد كامب ديفيد وأنتصر لفلسطين العربية
وظلت نيابته عن الشعب لمدة اربع دورات متتالية – الي إن تعدل الدستور واشترط للترشيح إن يكون المرشح حاصلا على شهادة اتمام التعليم الاساسي – وهو لا يملك الا شهادة إتمام النضال الشعبي والانحياز للفقراء، فصار أول برلماني يقدم هذا الكم الهائل من الأستجوابات في تاريخ الحياة النيابية المصرية, وناقش الوزراء , وكشف المستور ,وتفوق على كل اصحاب الشهادات ومن يحملون الدكتوراة .. لذا لم يستكين بل كون اتحاد أصحاب المعاشات , وبايعه الملايين رئيسا له , فصال وجال من جديد في المحاكم انتصارا لحقوقهم من براثن وزراء التضامن الاجتماعي الذين أهدروا أموال أصحاب المعاشات .
وكانت آخر حروف الألم الذي عاشه البدرى فرغلي، بعد إجراء عمليه جراحيه و قضاء يوم كامل بالرعاية الحرجة، فخرج من المستشفى بناء على رغبته.. ليسافر الى القاهرة لحضور جلسه بالمحكمة تخص العلاوات الخمس, التي سرقت من أصحاب المعاشات طيلة سنوات عدة , سافر لحضور الجلسة .. سافر جريحا متألما دفاعا عن الحق ..
و سأله القاضي: كيف و لماذا جئت و أنت بهذه الحالة؟
فأجاب: علشان حق الناس الغلابة
خاف البدري فرغلي من الحق حق رب العالمين، على ضياع الحق حق أهالينا أصحاب المعاشات، فلبي نداء ربه في نضال من أجل أن يسود الحق والعدل ويرتفع الظلم عن كاهل الفقراء والمهمشين , فأرتفع به الفقراء يشيعونه الي مثواه الأخير في جنازة لا تليق الا بالعظماء , ضاربين المثل على الوفاء لكل من يدافع عنهم وينتصر لقضاياهم من ظلم الحكومات الغاشمة , ومافيا رجال الأعمال التي لا هم لها الا مص دماء الفقراء .
فهل مات البدرى فرغلي لينفرد مافيا رجال الأعمال بمص دماء العمال ويشمت البرلمان فى برلماني عكر صفو نوابه النيام ؟
فليعلم هؤلاء من خلال طوفان البشر وبحر الدموع الذي صاحب الوداع الأخير للمناضل البدري فرغلي ,أن الشعب يرتفع بالمناضلين الي عنان السماء , ويخلدهم فى كتاب التاريخ عند الممات .. أما المنافقون , ونواب النوم ومن استخدموا المال السياسي والكراتين فى الوصول الي البرلمان , ونافقوا حكومات رجال الأعمال على حساب شعبنا الغلبان، فهم ذاهبون الى مزبلة التاريخ عند الممات , وسيصب عليهم الشعب اللعنات , طيلة سنوات تدنيهم فى النفاق والرياء والتسبيح بحمد الطغاة .
أما البدرى فرغلى، ومن هم يجلسون على المقاهي وقارعة الطريق مع الفقراء يمسحون دموعهم وينتصرون لحقوقهم , فهم على الأعناق يُحملون , وعند ربهم في جنات عدن يُرزقون, وعليهم تزاد الرحمات.
ولا نقول للمناضل البدري فرغلي وداعا، أنما الى لقاء .
*كاتب ومحامي – مصري
البريد الإلكتروني: [email protected]