أزمة كورونا و رقمنة القطاع الرياضي بالجزائر
بقلم: نعمان عبد الغني/ الجزائر
لم يصب فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 الجهاز التنفسي للجنس البشري فحسب، ويدمر خلايا رئته ويعجزها عن أداء وظيفتها الحيوية فحسب، بل الحق أيضا أضرارا بالغة برئة اقتصاديات الدول التي انتشر فيها هذا الفيروس وأحدث شللا في مفاصلها، ولم تستثن الجزائر من هذا الخطر الذي تسلل إلى عمق العديد من المؤسسات الاقتصادية الجزائرية التي باتت هي الأخرى تعاني من الوجع والألم في أنسجة الإدارة،
ان الاختلالات التي حدثت في أنسجة الاقتصاد الوطني كان بسبب عدم إخضاعه إلى الرقمنة، لان تطوير الإدارة الإلكترونيّة لقطاع الرياضة وتعزيز الحوكمة المفتوحة تعد أحد أهمّ ركائز برنامج رقمنة قطاع الرياضة ويندرج ضمن برنامج شامل لإصلاح وعصرنة الإدارة الرياضية. ويحظى برعاية خاصّة من قبل رئاسة الحكومة.
وتُعتبر وسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي، إحدى أبرز الواجهات الرئيسية التي تعمل عليها المؤسسات الرياضية بكافة أنواعها، وتحظى بالاهتمام والرعاية والعناية لما لها من أهمية بالغة في الوصول إلى المتابع أو المتلقي والمستهدف، حيث أصبح هذا الفضاء الواسع المرجع الرئيسي للأخبار الرسمية والحصرية وكل ما هو جديد لتلك المؤسسات، إضافةً إلى أنه يُشكل حلقة وصل بين المؤسسة والفرد. ولم تكن المؤسسات الرياضية المتمثلة في الاتحاديات والأندية على وجه الخصوص ببعيدة عن مشهد الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ تمتلك معظم المؤسسات حساباتٍ رسمية تُطل من خلالها على الجماهير والمتابعين بكل ما هو جديد داخل أسوار النادي كالبيانات الرسمية والتصريحات الصحفية وتفاصيل الاجتماعات الدورية، والقرارات الهامة وأخبار التعاقدات والتدريبات والمباريات والحملات الترويجية وغيرها الكثير.
وتعمل الفرق الإعلامية المسؤولة عن حسابات الاتحاديات والأندية على إيجاد مواد تجمع بين الحقيقة والبساطة ومحاولة إخراج الصورة والخبر في إطار إبداعي، حيث يساهم ذلك في زيادة عدد المشاهدات والمتابعات والنشر والتفاعل معها، إضافة إلى أنها تراعي الفئات العمرية المختلفة التي يصل إليها الخبر نظير انتشار وتواجد الأجهزة الذكية وحسابات التواصل الاجتماعي لدى معظم شرائح المجتمع وبمختلف فئاته.
وقد أصبحت قضية عدد المتابعين للحسابات الرياضية والمتفاعلين معها ترتبط ارتباطا وثيقاً بشعبية النادي وحجم جماهيريته والمُهتمّين بشؤونه، حتى وصل الأمر إلى وجود منافسة من نوع آخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تختلف كلياً عن تلك التي في المستطيل الأخضر والمدرجات، وذلك من خلال أعداد المتابعين والمغردين والمتفاعلين مع حسابات الأندية الرياضية.
وتستعين الأندية الرياضية بالحسابات الرسمية الخاصة بها وأعداد المتابعين لإيجاد مصدر دخل “مضمون ومهم” وتُدر على خزائنها الأموال الطائلة، إذ تطرق الأندية أبواب رجال الأعمال والشركات للرعاية والإعلان مستشهدة بهذه الأرقام المهولة من المتابعين كونها أحد أعمدة التسويق الرياضي في الوقت الحاضر كما هو الحال لدى الأندية الكبرى على مستوى العالم، ان التحديث الإداري هو أحد الإصلاحات الكبرى التّي سيتمّ القيام بها خلال سنوات المقبلة، والتي ستمكّن من إرساء إدارة ناجعة ومفتوحة تقدّم خدمات عموميّة عبر إجراءات مبسّطة وذات جودة عالية في متناول المواطن والمؤسّسة وتساهم مساهمة فاعلة في التّنمية.
ومن هذا المنطلق، تتمثّل المهمّة في:
– تركيز وهندسة خدمات الإدارة طبقا لحاجيات مستعمليها (الجمهور والمؤسّسات الرياضية)،
– دمج وربط أنظمة المعلومات وتقاسم البنى التحتيّة المعلوماتيّة بما يماكّن من تبادل المعلومات،
– تكريس انفتاح الإدارة الرياضية من خلال تعزيز الشفافيّة والتشاركيّة والمساهمة في خلق القيمة،
– وهذا، عبر تبنّي استعمال التكنولوجيا الرّقميّة لتأمين التحوّل الرّقمي، وتعزيز الثقة عند استعمالها في التعاملات الإداريّة.
ان التوجه إلى رقمنة قطاع الرياضة يهدف الى مساعدة الحكومة على تلبية توقعات الجمهور وإبداء المرونة والكفاءة. ولا شك أنها مهمة معقدة، ولكنها تكفل التحرك بوتيرة أسرع وبموارد محدودة في حال الالتزام بتطبيق أسلوب صحيح ومجرّب.
وبات توافر الخدمات العامة للرياضة الرقمية ضرورة ملحة ، وبات متوقعاً من الحكومة مواكبة هذا التطور، إلا أن هذه المسألة ترتبط في كثير من الأحيان بثقة الأفراد في حكوماتهم، وقد تبين أن المواطنين الذين يشعرون بالرضا عن الخدمات العامة أكثر ميلاً إلى الثقة في أداء الحكومة إجمالاً بمقدار 9 أضعاف مقارنة بغيرهم.1 وبالحديث عن الفوائد الأخرى التي يمكننا إدراك أهميتها ، يُلاحَظ أن المكاتب الرقمية مفتوحة للجمهور على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتستمر في تقديم خدماتها حتى في أثناء أزمات الصحة العامة، مثل جائحة ”كوفيد – 19 “،على عكس المكاتب التقليدية، كما أن المعاملات الرقمية لا تستهلك وقتاً طويلاً وتقلل من العبء الإداري على المؤسسات والهيئات الرياضية ، ما يسهم في دعم قطاع الرياضي في ظل تعافي الاقتصادات من تداعيات جائحة “كوفيد – 19 ”.2 علاوة على ذلك، تقليل الأعمال المتراكمة وتحرير الموارد وتوجيهها للأولويات الأخرى، وهي ميزة أخرى شهدناها في أعقاب جائحة ”كوفيد – 19 “.وعلى الرغم من تجلي مزايا الرقمنة، يظل الحديث عن إحراز تقدم ملموس أسهل من تطبيقه على أرض الواقع، فمن أجل توفير تجربة سلسة للجمهور الرياضي ، يتعين على وزارة الشباب والرياضة إجراء تحول شامل في الإدارة العامة، وإن كان ذلك يمثل تحدياً هائلاً، ولكنهم قادرون على تخطيه لا محالة.
هذه المؤسسات الرياضية سيخصص لها تذاكر إلكترونية الهدف منها مواجهة استنساخ التذاكر المقلدة، التي تغزو السوق السوداء وكانت تشكل هاجسا لدواوين المركبات الرياضية وكثيرا ما تكون عرضة لخسائر مادية كبيرة في جل المباريات المحلية والدولية، فضلا على تركيب كاميرات مراقبة لمواجهة أعمال الشغب حفاظا على هذه المنشآت التي كلفت خزينة الدولة مبالغ طائلة، مثلما سيتم تكييف المنشآت القديمة، كالملاعب الكبرى بجل ولايات الوطن بهذه التقنيات حتى تساير سياسة الجزائر الجديدة رياضيا، من جهتها سارت اتحاديات الرياضية في هذا النهج وذلك باندراجها في التعاملات الرقمية والمراسلات الالكترونية خلال السنوات الأخيرة وهو ما سهل مأمورية جل الرابطات والنوادي المنضوية تحتها، كما ساهمت المراسلات الإلكترونية كثيرا في ربح الوقت والجهد، فضلا عن الحد من التلاعبات والكواليس فيما يخص إجازات الرياضيين وحتى في اعتماد النوادي وهو ما أعطى شفافية أكبر لهذه الفيدراليات التي تسعى لتحسين تعاملاتها الالكترونية على حسب الامكانيات المتاحة لها.
خمس خطوات رئيسية لإدارة البرامج الذكية في القطاع الرياضي
يمثل التحول الرقمي الشامل للقطاع الرياضي جهداً شاقاً وربما يتضمن الآلاف من موظفي القطاع الرياضي. ومن المحتمل أن يلقى اهتماماً كبيراً على الصعيدين الجماهيري والرياضي. وتواجه الهيئات والمؤسسات المكلفة بتنظيم هذه المبادرات البارزة تحديات غير مسبوقة. وهناك خمس خطوات رئيسية بإمكانها مساعدتها على النجاح في أداء المهمة، وهي كالآتي:
1. وضع رؤية مشتركة والحفاظ على فاعليتها بمرور الوقت. يتطلب التحول الرقمي لتجربة الجمهور الرياضي والمؤسسات والهيئات الرياضية توفير مدخلات من مجموعة واسعة من السلطات العامة، إلا أن مؤسسات إدارة البرنامج تخفق عادة في فرض سيطرتها على تلك المؤسسات بالنظر إلى موضعها في التسلسل الهرمي. ولتعزيز التغيير المستدام، يجب عليها إثارة الحماس في النفوس للالتفاف حول رؤية مشتركة وإشراك أصحاب المصلحة باستمرار بصورة هادفة.
2. تقسيم العمل بكفاءة. ربما تبدو رقمنة المئات بل والآلاف من الخدمات وكأنها مهمة مستحيلة، لا سيما إذا كان هناك العديد من نقاط الوصول المحلية للمعاملة نفسها وفي كل مجال، تنقسم مسؤولية إدارة المبادرة بين كل ولاية ووزارة الشباب والرياضة الأكثر صلة بالخدمة المقدمة. وتُعرض الآن النتائج على جميع الولايات والبلديات عبر البرمجيات الخدمية، وهو ما يقلل بصورة هائلة من الحجم الإجمالي للعمل المطلوب إنجازه. ولدعم الولايات التي تستثمر في مثل هذه الحلول التي يسهل مشاركتها،
3. تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الكفاءات الرقمية، والتدريب على مهارات العمل. تتنافس السلطات العامة مع القطاع الخاص على الكفاءات الشحيحة أساساً في مجال تكنولوجيا المعلومات؛ لذلك من المهم أن تحشد الحكومات الموظفين المتاحين وتركيز جهودها نحو بناء حلول قابلة للتكرار على نطاق واسع وأدوات تطوير منخفضة الترميز، وهذا من شأنه تقليل الطلب على القدرة الاستيعابية لقطاع تكنولوجيا المعلومات. وبالنسبة للجانب المتعلق بالأعمال، يحتاج موظفو الخدمة المدنية إلى تعلم طرق لتصميم خدمات أجايل، وتُعد الخبرة العملية الطريقة المثلى لتحقيق ذلك. ويضم المختبر النموذجي لإعادة ابتكار الجولة الخدمية ما يتراوح بين 30 إلى 50 موظفاً من مؤسسات مختلفة. ويتولى فريق صغير من المنسقين ذوي الخبرة توجيه العملية وتدريب المشاركين. وتستطيع الحكومات الإسراع ببناء الكفاءات وإعداد سفراء لطريقة العمل الجديدة بتوفير تلك المختبرات في مختلف مؤسسات القطاع العام.
4. الحرص على الشفافية في إظهار نتائج المستخدمين ووضع حوافز مناظرة. يأتي استخدام الأفراد للقنوات الرقمية بصفته الاختبار النهائي لقياس مدى التقدم المحرز في الرقمنة الحكومية. ولكن لا تتوافر معلومات حول معدلات قبول الأفراد في كثير من الأحيان. وتضع الحكومات حافزاً قوياً للسلطات العامة لتحسين تجربة المستخدم، بصفتها الجهة التي تتولى جمع ونشر هذه المعلومات. وتنشر المملكة المتحدة أرقام الاستخدام عبر الإنترنت ل 777 خدمة فردية.5 وفي دبي، يجمع مؤشر السعادة تعليقات المستخدمين عبر القنوات الرقمية والفعلية لكل دائرة حكومية وينشر النتائج بانتظام، وتُلزم الدوائر التي تحقق أداءً منخفضاً في رضا المستخدمين بوضع خطط للتحسين.6
5. الإعلان عن التقدم المحرز باستمرار وبصورة ملموسة. يتولى برنامج رقمنة الخدمات العامة إدارة الشبكة المعقدة لأصحاب المصلحة، بمن في ذلك موظفو الخدمة المدنية عبر القطاع الحكومي، ومقدمو خدمات تكنولوجيا المعلومات والسياسيون والقاعدة الأوسع التي يُشكلها من الجمهور. ومن المهم إيجاد صيغ جذابة ممتعة للإعلان عن التقدم المحرز والتي توفر الدعم للجهد المبذول، لا سيما ونحن في مرحلة مبكرة لم تشهد أي انتصارات حافلة بعد.
البريد الإلكتروني: [email protected]
7 فبراير,2021