تمهيدا للهيمنة السياسية.. دول التطبيع الخليجية ترحب بالهيمنة الجوية الاسرائيلية عبر نشر بطاريات القبة الحديدية

من المنتظر أن تبدأ الولايات المتحدة قريبا في نشر بطاريات القبة الحديدية الاسرائيلية للصواريخ الاعتراضية، بقواعدها في دول الخليج، إلى جانب بعض دول الشرق الأوسط وأوروبا، بعد موافقة إسرائيل على ذلك، حسبما ذكرت صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية.

وتأتي هذه الموافقة بعد تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولتين خليجيتين (الإمارات والبحرين) إلى جانب صفقتي سلاح كبيرتين بين الولايات المتحدة وكل من الإمارات والسعودية.

وذكرت “هاآرتس” أن منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية في وزارة الدفاع سلمت بطارية قبة حديدية ثانية إلى وزارة الدفاع الأميركية، قبل ثلاثة أسابيع.

ويتكون النظام من سبع بطاريات، وتصنعه شركة رافائيل الحكومية المحدودة لأنظمة الدفاع المتطورة وشاركت واشنطن في تمويله.

وتقول مصادر دفاعية إسرائيلية إن الأميركيين تسلموا أنظمة القبة الحديدية، وأن الولايات المتحدة حصلت على موافقة كبار المسؤولين الإسرائيليين للبدء في نشر أنظمة الدفاع الصاروخي في القواعد العسكرية الأميركية في عدد من الدول، بما في ذلك الشرق الأوسط وأوروبا والشرق الأدنى.

وقال وزير الدفاع بيني غانتس في حفل تسليم البطاريات الثانية: “أنا متأكد من أن النظام سيساعد الجيش الأميركي في الدفاع عن جنوده ضد التهديدات الباليستية والجوية”.

وبحسب “هاآرتس”، يرفض المسؤولون الإسرائيليون الكشف عن الدول التي ستنشر فيها صواريخ القبة الحديدية.

لكن وراء الأبواب المغلقة، أعطت إسرائيل موافقتها الضمنية للأميركيين لوضع البطاريات للدفاع عن قواتها من هجمات إيران ووكلائها، بحسب ما نقلت “هاآرتس” عن مسؤولين إسرائيليين.

وقال المسؤولون الإسرائيليون إنه إلى جانب دول الخليج، من المتوقع أيضا نشر قوات في دول أوروبا الشرقية، خوفا من أن تعرض القوات الأميركية أو البنية التحتية الاستراتيجية في تلك الدول لخطر روسي.

وفي سبتمبر 2018، ذكرت صحيفة سعودية أن المملكة وقعت اتفاقية لشراء بطارية القبة الحديدية من إسرائيل بوساطة أميركية. لكن وزارة الدفاع سارعت إلى نفي “توقيع” مثل هذه الصفقة بينما لم تنف أن السعوديين طلبوا شراء النظام.

ونقلت “هاآرتس” عن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن السعودية ودول أخرى طلبت شراء بطاريات القبة الحديدية للدفاع ضد التهديد الإيراني، وذلك بعد هجوم، نُسب لإيران، على منشآت نفطية سعودية في سبتمبر 2019.

وكانت إسرائيل قد اصبحت الدولة رقم 21 في قائمة الدول التي تشملها عمليات القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، بعدما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مؤخرا، اعتزامها ضم إسرائيل إلى منطقة قيادتها المركزية في الشرق الأوسط.

ويشمل نطاق مسؤولية القيادة المركزية 20 دولة وهي (أفغانستان، البحرين، جيبوتي، مصر، إريتريا، إثيوبيا، الأردن، إيران، العراق، كينيا، الكويت، عمان، باكستان، قطر، السعودية، الصومال، السودان، الإمارات، اليمن، سيشل).

ويقول أوديد بيركويتز، محلل الاستخبارات في مجموعة ماكس سيكوريتي الاستشارية للمخاطر، إن علاقات إسرائيل مع جيرانها “أجبرتها” على أن تكون تحت القيادة الأميركية الأوروبية (إيكوم) طيلة السنوات الماضية، لكن الوضع تغير في الأعوام الأخيرة، خاصة السنة الماضية.

وعلى مدار عقود كانت إسرائيل جزءا من (إيكوم) بسبب الطبيعة العدائية لعلاقاتها بالعديد من الدول العربية، الأمر الذي جعل من الصعب على القيادة المركزية أن تعمل مع الجانبين في نفس الوقت.

إلا أن الوضع الذي تغير الآن، بحسب بيركويتز، تمثل في اتفاقات “إبراهيم” التي تنص على تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية (الإمارات والبحرين والسودان والمغرب) التي قامت بهذه الخطوة برعاية الولايات المتحدة ممثلة في جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره.

ويعتقد اللواء العراقي المتقاعد ماجد القبيسي أن اتفاقات “إبراهيم” التي سبقت نقل إسرائيل من مسؤولية إيكوم إلى قيادة سنتكوم كانت تمهد أيضا لعملية لضم إسرائيل إلى عمليات القيادة المركزية.

كما يأتي الانضمام الإسرائيلي لسنتكوم عقب إعلان السعودية في الخامس من يناير اتفاقا، بدعم أميركي، لإنهاء الخلاف مع قطر التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة وتتمركز بها القيادة المركزية الأميركية.

ويرى بيركويتز أن انتقال إسرائيل من القيادة الأميركية الأوروبية إلى الشرق الأوسط سيزيد التعاون مع بعض “دول الكتلة السنية”، ممثلة أولا في الإمارات والبحرين والسعودية، وقد يمتد التعاون ليشمل قطر وعمان.

وعن التعاون الذي سيجمع جيوش (سنتكوم)، وخاصة العربية منها، بالجيش الإسرائيلي، قال بيركويتز: “حتما، سيعني الانتقال أن الجنود الإسرائيليين سيكونوا حاضرين بالتناوب في بعض البلدان العربية المطبعة أو التي ستطبع”.

وسيتثمل هذا الوجود العسكري الإسرائيلي، في شكله الأول، في وفود من الضباط، وأدوار محدودة، على حد قول أوديد بيركويتز.

وبينما ينظر الخبير الأمني أوديد بيركويتز لانضمام إسرائيل لسنتكوم باعتبارها خطوة إيجابية للغاية، يقول إنها ستظل مرهونة بـ”استمرار العلاقات بين إسرائيل والدول العربية وتعزيزها مستقبلا”.

وبشكل عام يرى القبيسي أن انضمام إسرائيل لسنتكوم سيترتب عليه “تعقيدات مستقبلية، خصوصا في مجال التنسيق العسكري للقيادة المركزية الأميركية وحلفائها الإقليمين”.

وعن الفوائد التي ستجنيها القيادة المركزية الأميركية، ومقرها قطر، من انضمام إسرائيل، قال اللواء العراقي المتقاعد: “تضخيم القدرات لهذه القيادة؛ بالنظر لما تتمتع به إسرائيل من تفوق عسكري، فضلا عن توسيع قوس المواجهة ضد إيران”.

ويرى القبيسي أن إيران تعتبر انضمام إسرائيل للقيادة المركزية الأميركية يستهدفها، قائلا: “سوف تنظر إيران لهذه الخطوة كتهديد أكبر لها، ولهذا قد تنفذ عمليات عسكرية معلنة أو بواسطة وكلائها في دول أخرى”.

أما فيما يتعلق بالمكاسب التي ستجنبها إسرائيل من الانضمام لسنتكوم، فقال القبيسي: “يعتبر هذا الإجراء اقتراب من الحافات الاستراتيجية، وخصوصا إيران”.

وأوضح قائلا: “سوف تتمكن إسرائيل من الولوج العملياتي بدون قيود في البحر والجو، وبإمكانها إرسال سفنها إلى البحر الأحمر وبحر العرب وحتى الاقتراب من خليج عمان”.

وتابع: “بإمكانها أيضا استخدام الأجواء الدول المجاورة، بتسهيل من القيادة المركزية، بعد أن كانت لا تستطيع استخدام أجواء هذه الدول”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى