سيناريو الصلح الخليجي بعد أجواء حرب هوليودية!

بقلم: محمود كامل الكومي*

لم يكن تشكيل مجلس التعاون الخليجي وليد إرادة خليجية , فشعب الخليج مهمش منذ نشأة ممالكه واماراته , ولم يخلع الاستعمار أنيابه من جسد متفرقات شبه الجزيرة العربية , إلا بعد أن نصب أتباعه على كراسي الحكم فيها .
وقد أوكل الى مجلس التعاون الخليجي مهمة القضاء على جامعة الحكومات العربية , بعد أن حسروا عنها الشعب العربي , وانتهك ميثاقها , وتولت قطر والسعودية والإمارات مهمة طرد سوريا من مجلس الجامعة العربية , وأناطوا بالجامعة مهمة استدعاء الناتو لتدمير ليبيا , فتحقق الهدف الموكل له بتشييع الجامعة إلى مثواها الأخير .
بذلك انتهى الدور الفعلي لمجلس التعاون الخليجي , فكان لزاما لذلك سيناريو تدشين التهاوي , فصار الإعلان عن تحالف رباعي من السعودية والبحرين والإمارات استُدعت له مصر التي عانت من قناة الجزيرة واحتضان قطر لرموز إخوانية , بمقتضاه حوصرت قطر , وأعلنت أجواء حرب عليها , فيما الجميع يعلم أنها حرب هوليودية صاغ السيناريو لها (كوشنر), فالواقع يقرر أن أمارة قطر تحكمها أمنيا قاعدتين أمريكيتين , ودول الحصار تهيمن عليها القواعد الأمريكية , فكيف يمكن للقواعد الأمريكية أن تشن حربا على نفسها وأن اختلفت أماكن تواجدها ؟!
قد يكون مفهوما أن تُجر تركيا الي قطر في ظل تواجد القواعد الأمريكية , فتركيا أولا وأخيرا هي قاعدة حلف الناتو في الشرق الأوسط .
أما ما ليس يكن مفهوما أن تجر إيران , وهي المستهدف أمريكيا وصهيونيا وخليجيا بالتبعية , الي قطر ولو تجاريا ؟!
وبالتالي دخلت إسرائيل على الخط في خطوات تطبيعية سريعة الخطي أعلنها ترامب قبل مغادرته البيت الأبيض ,مع البحرين والإمارات وزيارات ميدانية لنتنياهو وأركان الموساد للرياض ونيوم على البحر الأحمر وعُمان , والهدف حصار إيران , والتمهيد لتوجيه ضربات موجعة لها , في حالة عدم إسقاط نظامها , وهو ما يفسر ,انتهاء مرحلة مجلس التعاون الخليجي وبداية اتحاد جديد بقيادة اسرائيل , ومن هنا كان لابد لحالة العداء لقطر أن تنتهي , وتعود إلى المربع الأول , لكن مع إعادة تحديد المراكز بفعل الموساد وال C I A.
وعلى ذلك صار الصلح بين أطراف الحصار السعودي الإماراتي البحريني المصري مع قطر , لينهى جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هذا الفيلم الهوليودي بسيناريو هزلي أظهر قطر بمظهر الفائز , بعد أن رفضت شروط دول الحصار ال 13 , وفكت الحصار عنها بلا مقابل , (أو بمقابل التنازل عن دعاوي التعويض ) فيما بدت تستعد هي الأخرى لإعلان سفورها عن علاقات دبلوماسية مع إسرائيل , وذراً للرماد فى العيون تكون القواعد الأمريكية على أرضها مركزا لضرب إيران بإرادتها , رغم انها لا تملك هذه الإرادة من قريب أو بعيد .

وتبدو شيزوفرينيا السياسة السعودية تلوح .. فدائما ما درج السعوديون على شن الهجوم على الزعيم جمال عبد الناصر ,واعتبروا نضاله من أجل مساعدة الثورات ضد الاستعمار وأعوانه, ومن اجل الوحدة العربية، أثارة للقلاقل والمتاعب.. فماذا تسمي ما تفعله حكومات السعودية والإمارات والبحرين مع الاستعمار من شن الحروب على الدول العربية واستدعاء الناتو , ودورها فى سيناريو قطر ؟ أليس ذلك ما يتعدى القلاقل الي تدمير البُنى التحتية لدول بعينها من الأمة العربية لصالح الأمن الإسرائيلي ولتمكين الامبريالية الأمريكية من تلابيب شعبنا العربي , والقضاء على فلسطين نهائياً!
فيما يثور التساؤل الآن لماذا تقدم الدول الخليجية قطر والبحرين والإمارات والسعودية ومصر لترامب -المغادر للبيت الأبيض , والذي سيوجه إليه الاتهام من قبل جهات التحقيق الأمريكية بما يؤدي الي عزله وتجريده من منصبه بعد ضلوعه فى التحريض على اقتحام الكونجرس- فرائض الولاء والطاعة , بما يظهرها , وكأنها عرائس ماريونيت لمهرج فى سيرك أوتُبَع بلطجى فى حي مانهاتن ؟!
أسئلة كثيرة ,لابد أن تجد لها إجابة على ديناميكية دول مجلس التعاون الخليجي تجاه تدمير دول أمتنا العربية العراق وسوريا وليبيا واليمن , وتعطيش الشعب المصري وضياع حقوق الشعب الفلسطيني والتحريض ضد الجزائر لصالح أمن العدو الإسرائيلي , تحت غطاء الحرب على ايران بديلا عن الصراع الوجودي مع العدو الصهيوني ؟!

*كاتب ومحامى – مصرى

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى