ما بين عام مضى وعام قدم اوراق اعتماده للتاريخ

بقلم: عبد الهادي الراجح

لا شك أن العام الماضي قد ترك الكثير من الآلام والجراح والمآسي التي بدأت بكورونا الوبائي وانتهت بوباء سياسي أسوأ من كورونا اسمه التطبيع المجاني مع العدو الصهيوني ، حيث تسابق من يسمون أنفسهم قيادات إعراب اللسان من خونة الأوطان للدخول أفرادا وجماعات من دويلات الخليج المحتل والمغرب على خط التطبيع والعلاقات المجانية، وخطب ود العدو الصهيوني مجانا بهدف نيل الجائزة الكبرى وهي رضا القاطن بالبيت الأسود أيا كان .
وهذا التطبيع الذي يخشى هؤلاء المرعوبون من أي صحوة لشعوبهم ، يطرح تساؤلات كثيرة .. هل هذا التطبيع والاعتراف بالعدو جاء فجأة وبوقت استثنائي يعلمه الجميع وفي وقت تمر به قضية العرب الأولى فلسطين العربية في أدق وأخطر مراحلها؟
كل الدلائل المستخلصة من سياق الأحداث تدل أن جريمة التطبيع والاعتراف بالعدو وشرعية اغتصابه لفلسطين ليست جديدة ، فقد سبقتها علاقات كثيرة من تحت الطاولة مع هذا الكيان المسخ من كل تلك الكيانات المسماة خليجية ما عدا الكويت .
ففي حالة الدولة الخليجية الكبرى، سبق ان استعان أحد ملوكها – الذي مات مقتولا – بالولايات المتحدة قبل نكسة حزيران لدعم الكيان الصهيوني بعدوان خاطف على الأمة العربية وعلى رأسها مصر عبد الناصر وسوريا، ثم ضرب العراق من خلال الطلب من أسياده الأمريكان دعم الانفصاليين من القيادات الكردية الخائنة وعلى رأسها مصطفى البرازاني
وكان هدف ذلك الملك العميل القتيل من طلبه هو الخلاص من الزعيم جمال عبد الناصر، حيث أنهى رسالته الى رئيس امركا بقوله (إذا تأخرتم لن يأتي عام 1970 ويوجد عرش واحد من أصدقائكم في المنطقة ) .
إذا التطبيع ليس جديدا ورأس المال الصهيوني كما يعرف كل متابع هو المساهم الأكبر في صناعة دويلة الإمارات المسماة عربية .
وكان الهدف تمرير كل الصناعات الصهيونية والشركات التابعة لها وتسويقها عبر دبي ، أما البحرين فهي إحدى المحافظات التابعة لنظام آل سعود أو حديقته الخلفية بشكل أدق ، والتطبيع ليس جديدا عليهم ولكن الجديد هو الاعتراف المجاني وأمام شعوبهم ، والغريب أن تلك الدول تدعي أن تطبيعها مع العدو لصالح القضية الفلسطينية، وهذا ما كذبه رئيس وزراء الكيان الصهيوني نفسه بعد دقائق من تصريحات أصحابه وهذه صفعة صهيونية على مؤخرة تلك الأنظمة .
أما المغرب فقد كان ملكها الراحل الحسن الثاني يفاخر بأن له أقوى حزب في الكيان الصهيوني يقصد يهود المغرب، ولا ننسى أن هذا الملك نفسه هو مهندس جريمة كامب ديفيد ، فقد استضاف في المغرب – قبل زيارة الخائن الأعظم أنور الساداتي لفلسطين المحتلة – لقاءات سريه بين المشعوذ حسن التهامي مندوب الساداتي وبين موشى ديان، وبعد إتمام الجريمة قال أنا ضد الحل المنفرد أي انه عمل كالشيطان أغرى بالجريمة ثم قال إني أخاف الله .
إذا المسؤولية أمام الشعب العربي في كل أقطاره كبيره وخطيرة ونحن في بداية عام جديد والخطر الصهيوني يستهدف الجميع، والتساقط الذي قادنا من كامب ديفيد إلى ملحقاتها هو مسؤولية الشعب العربي بالدرجه الأولى قبل غيره من الشعوب.
فهل سنشهد صحوة عربيه تعيد قضينا الأولى فلسطين لمكانها الطبيعي في قلوب كل العرب والعالم، أم سنبقى نكرر نفس أخطاءنا السابقة , العدو الصهيوني ما كان قويا إلا لأننا ضعفاء، ولا قوة أسطورية إلا لأن أنظمتنا أقزام أمام حكامه ، وشعبنا العربي لا يزال مع أهل الكهف في سبات عميق، بكل اسف .
ورحم الله الزعيم جمال عبد الناصر الذي كان يقول أن الكيان الصهيوني مشكلة داخلية تتوقف على وحدة كلمتنا ومصيرنا ووحدتنا السياسية .
وكل عام وأمتنا العربية وشعبنا بألف خير ، جعله الله عاما خاليا من الأوجاع والمآسي للجميع .
وكل عام وأنتم بألف خير.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى