حصاد عام من التطبيع للاندماج العربي في الاقتصاد الدولي

بقلم : توفيق المديني

شهد الوطن العربي خلال النصف الثاني من سنة 2020، هرولة غير مسبوقة للحكام العرب على إبرام اتفاقيات ثنائية مع الكيان الصهيوني ،إذ طبعت أربع دول عربية لغاية الآن علاقاتها مع إسرائيل ، ملتحقة جزئيا ً بالنظام الشرق أوسطي الجديد قيد التشكل كفرصة للتطبيع مع الكيان الصهيوني لانتزاع بعض المكاسب و الاستثمارات الاقتصادية من الدول الصناعية الغربية والغنية باسم عملية السلام و في سياقها.
لقد حصل التطبيع بين أربع دول عربية و الكيان الصهيوني بسرعة مذهلة، ومن دون أدنى ثمن ، رغم أنَّ ذلك كان يمكن أن يكون في مقابل أن يعترف الكيان الصهيوني بالدولة الفلسطينية، كما نصَّتْ على ذلك المبادرة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت عام 2002.فمن بين العوامل لتفسير الحماسة التي أبدتها كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان ثم أخيرًا المغرب للتطبيع مع الكيان الصهيوني : ضمان الحصول على أسلحة متقدمة من الولايات المتحدة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول إيران، وضبط الطموحات الجيوسياسية لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين، والتضييق على فريق بايدن، ووقف الضم المنتظر للضفة الغربية، والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء،وشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
فقد عَلِمَتْ هذه الدول العربية التي اعترفت بالكيان الصهيوني،والتي تحكمها أنظمة سلطوية لا تترك مجالاً أمام المجتمع المدني لكي ينتقدها علانية،أنَّ البيت الأبيض لن يدخله شخص أكثر تعاطفاً منه يشترك معهم في نظرتهم للأمور ليس فقط فيما يتعلق بإيران وإنما أيضاً حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي يرون أنَّه لا لزوم لها. ومايثير إعجاب هذه الدول العربية بالكيان الصهيوني الصورة الناجحة التي يقدمها عن نفسه إقليميا ودوليًا، بوصفه بلداً رائداً في عالم التكنولوجيا ولاقتصاد يستحق أن يتخذ نموذجاً يحتذى – وخاصة في بلدان الخليج التي بدأت تشهد تراجعاً في الاقتصاد القائم على النفط.
” البعد الاقتصادي ” للتطبيع مداعبة لحلم صهيوني
لقد أصبح الاستمرار باعتماد بعض الدول العربية على المصادر المالية الخارجية الرسمية من المؤسسات الدولية المانحة،والحصول عليها واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية و زيادة القدرة على كسب العملات الأجنبية ،مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بإقامة العلاقات الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني،باعتباره يقوم بدور الوسيط المالي بين المنطقة العربية والعالم الرأسمالي.وتصر الحكومات الغربية و المؤسسات الدولية ( مثل صندوق النقد الدولي ) على أنَّ الشرط الرئيس لحصول الدول العربية على المساعدات والاستثمارات يتطلب منها ” التطبيع ” مع الكيان الصهيوني .
و يعتبر ” البعد الاقتصادي ” للتسوية مداعبة لحلم صهيوني قديم تحدث عنه تيدور هرتزل في روايته السياسية اليوتوبية،إذ أشار إلى أهمية قيام ” كومنولث “عربي-يهودي بين “إسرائيل” والاقتصاديات العربية ،بحيث يجري خلق مصالح اقتصادية متبادلة تسمح بدخول “إسرائيل” في النسيج الاقتصادي العربي لتصبح “إسرائيل” مثابة ” سنغافورة الشرق الأوسط “..
ويأتي تطبيع علاقات الإمارات المتحدة،والبحرين،والسودان،والمغرب ،مع الكيان الصهيوني وإقامة العلاقات الديبلوماسية معه في إطار انخراط هذه الأطراف،كل من جانبه ،في علاقات دونية مع”إسرائيل”،وتكريس الاتجاه التنافري القائم بين الدول العربية ،وما ولده من رد فعل معاد لفكرة القومية العربية و للقضية الفلسطينية ،خصوصًا أنَّ سياسة ” التطبيع ” هذه التي تقودها دولة الإمارات التي تقوم بدور وظيفي في نطاق الاستراتيجية الأمريكية-الصهيونية المشتركة،تعمل على التأسيس لتداعيات سياسية و ثقافية و إعلامية تُسَّرِعُ من تَآكُلِ فكرة الهوية العربية/ الاسلامية ،وتُرَوِّجُ لفكرة الانخراط في النظام الشرق أوسطي قيد التشكيل،إذ إنَّ دخول الدول العربية فُرَادَى فيه يساهم في بلورة هذا النظام الشرق أوسطي على الأقل في مجال “التطبيع ” الاقتصادي و السياسي .
و يُبَرِّرُ المسؤولون الإمارتيون،والبحرانيون،والسودانيون،والمغربيون إفساحهم في المجال أمام الكيان الصهيوني لكي يخترق و يغزوالأسواق العربية ،بأنَّهم يعلقون آمالاً كبيرةً على الوفود السياحية الصهيونية لزيارة هذه البلدان .وعلى الصهاينة الأثرياء من أصل عربي لجلب أموالهم الوفيرة و استثمارها في بلدهم الأم والاستفادة من خبرتهم والتجارية ، و كذلك توفير إمكانات لتدفق الاستثمارات ” الإسرائيلية ” إلى كل من الإمارات ،والسودان،والمغرب ،وعلى الانخراط في الاستقطاب الاقتصادي الصهيوني الذي يسعى إلى قيام ” السوق الشرق أوسطية ” باعتبار قيامها احتمالًا تاريخيًا قائمًا في ظلِّ غياب البديل القوي المؤسسي لقيام سوق عربية مشتركة .
فبحجة الازدهار الاقتصادي الذي بشَّرَ به الحكام العرب وخبراء صندوق النقد الدولي ،لجلب أموال الصهاينة الأثرياء لاستثمارها في بعض الأقطار العربية ،أصبح خط التطبيع من وجهة نظر الدول العربية المتناقضة جذريًا مع مفهوم الدولة الوطنية هو الخط الذي يشرع تكثيف العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني ، باعتباره ” الخط الواقعي ” المنسجم مع السياسة الأميركية / الصهيونية التي تريد فرض السلام الأميركي-الصهيوني على الأمة العربية ، لتكون إسرائيل نواة النظام الشرق أوسطي الذي لا يزال في بداية تشكله و الذي يبنى حاليا بالاستناد الى المعادلات الدولية والإقليمية التالية :
أولاً:القبول بالهيمنة الأميركية على وظيفة القيادة في “النظام الدولي الجديد ” وفي مختلف المجالات،من السياسة إلى الاقتصاد مرورا ًبالثقافة و العلوم و التكنولوجيا .
ثانيًا:القبول بالدور القائد “لإسرائيل”للنظام الشرق أوسطي،باعتباره دورًا ضروريًا لتطوير “تجارة حرَّة “إقليمية تكون محركتها “إسرائيل” نفسها،لدفع صادراتها إلى المنطقة العربية ، واقتحام أسواق الخليج وأسواق المغرب العربي وتحولها قبلة اقتصادية لعموم النشاط الاقتصادي الإقليمي بالنظر الى حجم اقتصادها الكبير وحجم صادراتها و مستوى” التكنولوجيا المتقدمة فيها ” وتفوقها النووي والمعلوماتي،وشراكتها الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والحضارية مع المراكز الرأسمالية الغربية عامة ،والولايات المتحدة الأميركية خاصة .
ثالثًا:إعادة هيكلة الاقتصادات العربية وإعادة قولبتها في إطار جديد للتقسيم الامبريالي للعمل، إِذْ إِنَّ عمليات الخلخلة وكذلك عملية الخضوع للتقسيم الإقليمي والدولي للعمل،تُشَكِّلُ مدخلاً ضروريًا لإقامة السوق الشرق أوسطية في ظل ضعف البنية الصناعية والتنظيمية للرأسمالية العربية التابعة والهامشية ،و تطور الرأسمالية الصناعية و المالية الإسرائيلية و الرأسمالية الصهيونية العالمية ،الأمر الذي يجعل ” الرأسمالية العربية مرشحة في أحسن الأحوال لدور junior partner ) ) في إطار السوق الشرق اوسطية و الترتيبات الاقتصادية الشرق أوسطية الجديدة.
من هنا،وعلى الرغم من الضجيج الذي يثيره إعلام الدول العربية المطبعة حول المشاريع الكثيرة المزمع تنفيذها بفضل التطبيع مع الكيان الصهيوني ،فإنَّ هذه الأخيرة لن تحمل أي أمل في التقدم الاقتصادي والاجتماعي للدول العربية ،بل إنَّها مُعِدَّةٌ لتامين وجود “إسرائيل” قوية ومتفوقة ،لأن الإبقاء على “اسرائيل” قوية وقادرة على التدخل والتأثير يمثل في نظر أمريكا أعظم ضمانة ضد الانقلابات والتغيرات غير المرغوب فيها ،والتي يمكن أن تطرأ وتهدد الأوضاع السياسية والاجتماعية في دول المغرب العربي و المشرق العربي على حد سواء .
على الرغم من التجميد الرسمي للمكاتب التمثيلية في الدولة العبرية في أعقاب القمة العربية في القاهرة عام 2000، إضافة لإغلاق المكتبين الصهيونيين في كل من الرباط وتونس، تكثفت العلاقات التجارية والسياحية والثقافية والأمنية المغاربية –الصهيونية بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، حتى أن أحد المصادر، الذي رفض الكشف عن هويته، اعتبر أن العلاقات لا ينقصها سوى رفع العلم فوق المكاتب التمثيلية التي عادت لتعمل بوتيرة أعلى مما كانت عليه في العقد الماضي، أسوة بنشاط السفارة الإسرائيلية في موريتانيا، ولم يكن هذا الجزء الخافي من جبل الجليد غائبا ً عن المراقبين.
ويخطئ من يعتقد أن التطبيع مع الكيان الصهيوني كفيل بتحسين أوضاع الحكومات العربية المطبعة داخليا ً وخارجيا ً بمجرد أن تفتح أبواب منطقة الخليج والمغرب العربيين في وجه الوجودالصهيوني .لذلك لا يمكن أن يكون التطبيع مع الكيان الصهيوني بديلا عن الإصلاح السياسي في منطقة المنطقة العربية، بل إِنَّ الصلح مع الداخل هو ملاذ الأنظمة العربية الوحيد في وجه أخطار التهاوي والسقوط  بعد أن أضحى إصلاحها على رأس أجندةالولايات المتحدة الأمريكية.
العرب لن يجنوا أي ثمار من التطبيع
والحال هذه، فإن الهرولة العربية باتجاه الكيان الصهيوني تصبح غير مبررة، و لن تجني منها البلدان المعنية شيئاً لأن الصهاينة لا يقدّمون هدايا لأحد.وتدل هذه العلاقات العربية – الصهيونية النشطة الى أن الكلام الذي كان يقال في القمم العربية والاجتماعات الوزارية في وادٍ والسياسات الفعلية في وادٍ آخر. وهي سياسات خفية تُصَاغُ وتُنَفِّذُ في ظلِّ التكتم والتستّر الشَدِّيدَين لأنَّها مقطوعة عن الداخل ولا تعكس سوى الاستجابة للضغوط الأمريكية والابتزازالصهيوني . واستطراداً فالدول العربية المطبعة لم تعد ترى أنَّ أيًّا من درجات الخلاف يفصل بينها و بين الكيان الصهيوني ،ماداما يعملان كليهما لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، و مادامت أهدافهما موحدة على صعيد مواجهة التحولات الديمقراطية التي تطالب بها الجماهير العربية ، لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية.- الصهيونية الشرق أوسطية، التي تنص على تفتيت الدول العربية القائمة إلى دويلات طائفية وعرقية وإثنية الخ…و استهلاك قواها في حروب داخلية وتدمير قواها المنتجة،وإنهاكها في صراعات أليمة تحول دون الدفاع عن حقوقها ووجودها، وتجعلها تنشد الأمان في أحضان السياسة الأمريكية – الصهيونية.
و في مثل هذا التطبيع يصبح الكيان الصهيوني حكما ً في النزاعات العربية-العربية، وبذلك لا يكون طرفا ً مقبولا ً من العرب فحسب،بل يصبح أيضا ً طرفا ًمرغوبا ً بالصداقة معه و التحالف بحيث يتم الاستقواء به ضد أي طرف عربي آخر من خلال إدماجه الضمني أو المعلن في صلب الخلافات العربية، وضمن ميزان القوى الداخلي في المنظومة العربية .
وكانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض تعتبر أنَّ دعم إسرائيل والحفاظ على تفوّقها العسكري والتكنولوجي ثابت من ثوابت الاستراتيجية الأميركية. والحال هذه فإنَّ أمريكا أي كانت الإدارة التي تحكمها جمهورية كانت أو ديمقراطية،ملتزمة بأمن إسرائيل، ومنع أي تحوّلات عربية أو إقليمية، تقلب ميزان القوى الراهن. وهذا يعني أن النظرة الأمريكية متطابقة مع النظرة الإسرائيلية، التي تعتبر أن مصادر التهديد، في الوقت الحالي، وفي المستقبل، تكمن في القدرة العسكرية وو النووية الإيرانية حالياً.
فبعد الغزو الأمريكي للعراق، وإزالة التهديد الاستراتيجي الذي كانت القوة العسكرية العراقية كفيلة بتشكيله على إسرائيل في حال بقائها، فإن إسرائيل ظلّت تنظر الى المحيط الاستراتيجي الإقليمي (سوريا وإيران وحزب الله) على أنه مفعم بمصادر التهديد، بسبب رفض إيران مسيرة السلام الأمريكية ـ الصهيونية،وعدم توصل سورية الى إبرام اتفاق مع إسرائيل،على غرار مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، وخروج العراق عن هذه الدائرة كلها.
إسرائيل ما زالت متحكمة فيها عقدة سبي اليهود من قبل الملك العراقي القديم نبوخذ نصر، قبل قرون عدة من بداية الميلاد، فكان لا بد من وجهة النظر الصهيونية والأمريكية ليس فقط تدمير القوة العسكرية العراقية بل تدمير البنية التحتية المادية والبشرية للشعب العراقي حتى لا يتمكن لأجيال قادمة من إعادة بناء ذاته. وليكن ما جرى للعراق ولسورية درساً لمن يفكر من شعوب المنطقة في التمرّد على الإرادة الأمريكية، أو المس بمصالحها أو التعرض لأمن إسرائيل.
ولهذا، كانت هزيمة العراق في حرب الخليج الثانية، والحرب الكونية لإسقاط الدولة الوطنية السورية، واستقطاب الدول الخليجية في استراتيجية العداء المكشوفة ضد إيران بتعلة تمددها الإقليمي و برنامجها النووي ،قد أطلقت العنان لمسيرة الهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني في المنطقة العربية ، بل لإجبار الدول العربية على توقيع اتفاقات مع إسرائيل بإشراف إدارة ترامب الحالية.
خاتمــــــة
في كل مرّة يحصل التطبيع بين دولة عربية و الكيان الصهيوني ، تتعالى الأصوات العربية ،لا سيما من أوساط شعبية ، ومن أحزاب سياسية وطنية تندد بهذا التطبيع مع العدو الصهيوني،لكنَّها تظل ردود أفعال يائسةلا تغير من الأمر شيء في واقع الصراع العربي-الصهيوني ، حتى بعد أن انطلقت ما بات يعرف في الخطاب السياسي العربي “ثورات الربيع العربي” ، إذ إنَّ هذه الثورات لم تطرح قضية تحرير فلسطين و مجابهة العدو الصهيوني على برنامج جدول أعمالها.
ويأتي هذا التسونامي العربي من التطبيع مع الكيان الصهيوني في ظل مناخ جيوسياسي و إقليمي موات لإسرائيل أكثر من أي وقت مضى ، حتى منذ إنشائها في عام 1948، فمصر أكبر دولة عربية المقيدة بمعاهدات كامب دافيد تعتبر معركتها الرئيسة مع الإخوان المسلمين، وسورية كدولة مواجهة أصبحت الآن ضعيفة و منقسمة بسبب الحرب التي تدور رحاها على أرضها منذ عشرسنوات، أما حزب الله فهو “مشغول” في هذا الوقت بسورية وحتى لبنان، وهو أيضا على شفا حرب أهلية أخرى،والعراق بات محطمًا بعد الاحتلال الأمريكي له منذ عام 2003،أما إيران فهي معنية بالتسوية لبرنامجها النووي مع إدارة الرئيس الديمقراطي جوبايدن ،لتعزيز دورها الإقليمي،والتحرر من العقوبات الاقتصادية الصارمة ضدها.
صورة الوطن بعد عشر سنوات من تداعيات ممن سمَّته الدعاية الغربية ب”ربيع الثورات العربية”محطمة الآن،لم يحصل أي ربيع عربي، والآمال الكبرى التي علقتها الجماهير الثائرة في شبكات التواصل الاجتماعي، في صعود أنظمة ديمقراطية، وانتشار الروح الليبرالية الحرَّة في أوساط الشعوب العربية، ونتيجة لذلك الازدهار الاقتصادي، كل ذلك تبدَّد أمام الواقع الوحشي.
فالوطن العربي بعد الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، والحرب الكونية على سورية لإسقاط دولتها الوطنية، واستمرار حرب اليمن ل بتدخل سعودي –إماراتي ،وبمساعدة إيرانية، ووانقسام ليبيا بسبب الحرب في داخلها المتواصلة في ظل تدخل تركي من جهة، وأيضا إماراتي ومصريمن جهة أخرى ،لم يعد قوة سياسية – عسكرية ودبلوماسية واقتصادية شديد القوة، وفاعلة في النظام الدولي كما كان زمن الحرب الباردة، بل أصبح وطنًا عربيًا منشقًا ومفككًا، وأكثر فقرًا، وغير مستقر، وقابلاً للاستعمار من جديد في ظل هيمنة القوة الأمريكية-الصهيونية،وبروز قوتين إقليميتين مؤثرتين وغير عربيتين،من الشرق إيران، كقوة مؤثرة مركزية على الهلال الخصيب وشبه الجزيرة العربية، ومن الغرب تركيا، كقوة مؤثرة مركزية على مصر، ليبيا وعلى القاطع الشمالي من الهلال الخصيب في سوريا والعراق.
في ظل هزيمة المشروع القومي العربي أمام المشروع الإمبريالي الأمريكي و المشروع الصهيوني،وتهاتف الدول العربية على التطبيع، هل تحل تركيا وإيران محل الجهتين المؤثرتين في الماضي وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، مع وجود جهة مؤثرة جديدة هي الكيان الصهيوني الطامح لقيادة النظام الشرق أوسطي الجديد قيد التشكل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى