أردوغان يستفز ايران ويوظف حتى “الشعر” لاشعال نيران الفتن والاحقاد بين الشعوب

أعلنت إيران أن وزير خارجيتها محمد جواد ظريف تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، على خلفية الخلاف بين الدولتين بسبب تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وذكرت الخارجية الإيرانية في بيان لها أن ظريف وتشاووش أوغلو “أكدا على العلاقات الودية الوثيقة بين تركيا وإيران وشددا على سياسة حسن الجوار الثابتة التي تنتهجها أنقرة”، كما قدم أوغلو إلى ظريف تطمينات بشأن “احترام الرئيس أردوغان سيادة إيران الوطنية ووحدتها الترابية”.
وأوضح الوزير التركي أن أردوغان لم يكن على دراية بالتفاصيل الحساسة المحيطة بقصيدة الشاعر بختيار وهاب زاده التي تلاها مؤخرا خلال زيارته إلى باكو، مشيرا إلى أن الرئيس كان مقتنعا بأن القصيدة التي تتحدث عن نهر آراس تتعلق بمنطقة لاتشين وإقليم قره باغ.
وكان  أردوغان قد اثار غضب إيران بتلاوته قصيدة تتضمن إشارات إلى أن المناطق الشمالية الغربية الإيرانية هي جزء من أذربيجان، وهو ما فهمته طهران على أنه تحريض للأقلية ذات الأصول الأذرية في البلاد.
وتأتي هذه الخطوة لتظهر أن أردوغان لا يعطي أهمية لتصريحاته ومواقفه التي تحتكم إلى المزاج الشخصي أكثر من تفكيرها في مصالح تركيا وعلاقاتها الخارجية، خاصة أن الأزمة الجديدة مع إيران تزامنت مع إقرار عقوبات على تركيا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
بدا الرئيس التركي منتشيا بالانتصار الذي حققته أذربيجان في معارك ناغورني قره باغ، والذي ساهمت فيه المسيّرات التركية بشكل حاسم، فتلا قصيدة لشاعر إيراني من أصل أذري تتحدث عن تقسيم أرض أذربيجان بين روسيا وإيران في القرن التاسع عشر.
واستفزّ أردوغان الإيرانيين وأغضبهم بإطلاقه سباق القومية في مواجهة المذهب، وأطلق بذلك سباقاً قومياً لتأليب الأذر على النظام الإيراني بطريقة غير مباشرة، متجاهلاً عن عمد الجانب المذهبيّ الشيعيّ بين الأذر والفرس، والذي يكون قوياً في الحالة الإيرانية، ولاسيما أنّ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي ينحدر من شيعة أذربيحان، من أب أذري وأمّ فارسية.
ومن الواضح أن القصيدة التي قرأها أردوغان قد وجدت صدى سريعا لدى المسؤولين الإيرانيين ليس فقط بسبب التحريض العرقي، ولكنها، تظهر أن إيران منزعجة من المكاسب التركية على حدودها، وهي مكاسب قومية وأمنية واقتصادية لقوة منافسة بدا وكأنها تخطط لمحاصرة إيران في محيطها.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تسعى تركيا فيها لاستهداف النفوذ الإيراني، وقد ظهر ذلك بشكل جليّ في سوريا، حيث أعاقت تركيا، التي دعّمت الطيف السني المتشدد من المعارضة السورية، استراتيجية إيرانية للتمركز في سوريا عبر دعم الرئيس بشار الأسد والعمل على نشر الثقافة المذهبية بين السوريين بما يلائم خططها للبقاء طويل المدى هناك.
كما تثير الأنشطة التركية العسكرية شمال العراق، والأدوار التي تلعبها أنقرة في دعم أطراف سنية، غضب الإيرانيين الذين يكافحون لإظهار أن العراق صار ملعبهم الخاص، وهم يضغطون لإخراج القوات الأميركية من هناك.
ويقول مراقبون أتراك إن أردوغان يستمر في خلق الأزمات الخارجية لبلادهم التي باتت معزولة في محيطها الإقليمي بعد الخلافات مع اليونان وقبرص وتوتر علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول شرق أوسطية مثل السعودية ومصر والإمارات.
ويعيش الإيرانيون حالة من الاستنفار تحسبا لتطورات غير ملائمة لخططهم، سواء من هجمات أميركية مفاجئة على أهداف لهم في إيران أو العراق، أو استهداف إسرائيلي روتيني لوجودهم في سوريا ولبنان، وهذا يمكن أن يفسر ردودهم القوية على القصيدة التي قرأها أردوغان.
واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير التركي للاحتجاج على التدخل في شؤون البلاد. وتمّ إبلاغ السفير التركي أن “حقبة ادّعاء السيادة على الأراضي والترويج للحرب والإمبراطوريات التوسعية قد ولّت”.
وقالت الوزارة على موقعها الإلكتروني “أبلغنا السفير التركي بأن حقبة المطالب المتعلقة بالأرض والإمبراطوريات التوسعية قد انقضت. لن تسمح إيران لأحد بالتدخل في وحدة أراضيها”.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر “لم يجر إخطار الرئيس أردوغان بأن ما أساء ترديده في باكو يشير إلى الانفصال القسري للمناطق.. عن الوطن (الإيراني) الأم”. وأضاف “لا أحد يمكنه الحديث عن منطقتنا الأذرية الحبيبة”.
وتعيش في إيران جماعة كبيرة من السكان من القومية الأذرية، وخاصة في المحافظات الشمالية الغربية المحاذية لأذربيجان وأرمينيا والتي يفصلها عن أذربيجان نهر آراس.
ووفقا لوكالة “إيسنا” الإيرانية فإن القصيدة تعد “واحدة من رموز الانفصاليين الأتراك”. ولفتت إلى أن الأبيات تشير إلى نهر آراس و”تشكو من المسافة بين الأشخاص الذين يتحدثون بالأذرية على ضفتي النهر”.
بدورها استدعت الخارجية التركية سفير إيران لدى أنقرة، وفق ما ذكرت وكالة الأناضول التركية الرسمية.
وأبلغت الخارجية السفير الإيراني أن الادعاءات بحق أردوغان “لا أساس لها” وأنه “من غير المقبول” بالنسبة إلى ظريف أن يغرّد بدلا من استخدام قنوات أخرى للتعبير عن “انزعاجه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى