تكتب فلسطين منذ أكثر من قرن بدماء شعبها ملحة بطولية في الشهادة والاستشهاد والمقاومة والانتفاضات والتمسك بعروبتها ودفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة ومدينة الإسراء والمعراج وأولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والذي حررها رجال الصحابة من الغزاة الرومان أعظم الملاحم البطولية الخالدة في تاريخ الشعوب والأمم والإنسانية جمعاء .
رفض ويرفض الشعب العربي الفلسطيني الهزيمة والاستسلام والتنازل عن وطنه جنة الله والانسان الفلسطيني على كوكب الارض، وطن آباءه وأجداده للكيان الصهيوني والإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية وأتباعهم من الامراءوالملوك العرب في السعودية والامارات ، ويرفض التطبيع والاعتراف والتعايش مع كيان الاستعمار الاستيطاني اليهودي العنصري والإرهابي الغريب عن فلسطين والدخيل عليها، ويناضل بأشكال المقاومة كافة لتحريرها وإقامة الدولةالعربية الفلسطينية الديمقراطيةفي كل فلسطين لكل مواطنيها بدون تمييز بالدين أو اللون أو الطائفة أو العرق .
ويشكّل الكيان الصهيوني أبشع أنواع الاستعمار الاستيطاني اليهودي العنصري والارهابي والترحيل الجماعي والتطهير العرقي لإقامة دولة اليهود الاستعمارية والعنصرية في قلب الوطن العربي والمعادية لجميع شعوب المنطقة ولمبادئ الحق والعدالة والانصاف والقانون الدولي العام والانساني والقرارات الدولية وللاستقرار والسلام في الشرق الاوسط والعالم بأسرة.
إنّ ماجرى ويجري من تهويد لفلسطين العربية هو من صنع الدول الاستعمارية وأتباعها من حكام الإمارات والممالك التي أقامها الاستعمار ، وتحميهم الإمبريالية الأمريكية ، وترضى عنهم اليهودية الامريكية .
أدت اتفاقات الإذعان في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربةوأبوظبي والمنامة الى لاعتراف بإسرائيل وإقامة العلاقات الدبلوماسية معها والتنازل عن عروبة فلسطين والموافقة على تهويد وضم القدس والجولان والمستعمرات والاغوارو المشروع الصهيوني لتصفية القضية وإنهاء الصراع وإقامة اسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال نيوم السعوديةومشروع الشرق الاوسط الجديد والكبيركقائد ومركز للمنطقة.
وانحدرت قضية فلسطين الى الحضيض بسبب التمسك باتفاقات الإذعان والاعتراف بالعدو والتخلي عن المقاومة المسلحة والتمسك بالسلطة التي ابتكرتها دول الاحتلال من خلال اتفاقات الإذعان والتطبيع والتعاون الامني والعسكري السعودي والاماراتي لجعل الاحتلال الإسرائيلي ليس فقط أرخص احتلال في العالم بل وبقرة حلوب تدرّعليه الأرباح الهائلة من خلال الاتفاق الاقتصادي الذي وقّعه أحمد قريع في باريس وإتفاقات التطبيع الخليجية.
بدأ السقوط والانحدار العربي عندما وقع الخائن السادات إتفاقيتي الاذعان في كمب ديفيد والسقوط والتنازل والاستسلام الفلسطيني عندما وقّع ياسر عرفات اتفاق الإذعان في أوسلو باسم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 لوأد الانتفاضة الأولى والاعتراف بالعدو والتخلي عن المقاومة وإدانتها، إلغاء الميثاق بحضور الرئيس كلنتون ووقوفاً وبرفع الأيدي كما طالب الفاشي نتنياهو عام 1998 في غزة تنازل عرفات عن عروبة فلسطين وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم واعترف بإسرائيل وتخلى عن المقاومة المسلحة ، وقزّم منظمة التحرير الفلسطينية وحرفها عن خطها النضالي والتحرري والعروبي ، وأبعد المناضلين وشق فتح والعديد من الفصائل ونصّب قيادات هزيلة فاسدة وعميلة ومتصهينةومخترقة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول النفط العربية ، وهو مهندس ما آل إليه الوضع الفلسطيني اليوم ، إذ لايمكن لأي قائد أو حتى القيادة الفلسطينية بأسرها أن تقوم بهندسة وتنفيذ ماقام به ياسر عرفات ، روّضوه وصنّعوه بدولارات دول النفط العربية وإعلامها والإعلام الغربي والعبي والعالمي للقيام بما قام به والموافقة على الحكم الذاتي لكيان أولدويلة فلسطينية منقوصة السيادة والأرض والسكان والحقوق والمعابر ومجرّدة من السلاح كمصلحة إسرائيلية ولتمرير الحل الصهيوني للقضية من خلال رؤية الدولتين لتخليد وجود إسرائيل في فلسطين وإنهاء الصراع العربي الصهيوني وإقامة شراكة أمنية بين إسرائيل والسعودية ودول عربية أخرى للهيمنة على النفط والغازوأموال وإقتصادات بلدان الشرق الاوسط الكبير.
عصر الانتفاضات الفلسطينية
بدأت الانتفاضة الأولى انتفاضة الحجارة في كانون الأول عام 1987 عفوية في قطاع غزة ، وذلك على إثر قيام سائق شاحنة يهودي بدهس أربعة من العمال الفلسطينيين على حاجز ايرز ، ثم انتقلت الى القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية ، وعجزت إسرائيل عن إخمادها فجاء توقيع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية لاتفاق الإذعان في أوسلو بتاريخ 9/8/1993 وتوقيع أبو مازن لإعلان المبادئ في البيت الأبيض بتاريخ 13/9/1993 وقضى عليها .
وإشتعلت إنتفاضةالأقصى في 28 أيلول 2000بسبب دخول وتدنيس السفّاح شارون لحرمة المسجد الأقصى ، وفشل المفاوضات التي رعاها بيل كلنتون في كامب ديفيد بين عرفات وباراك في تموز 2000 م ، واستشهد فيها /4412/ وجرح /48322/ فلسطينياً ، وقُتل من الجيش الإسرائيلي /334/ وجرح /735/ فرداً ، وبلغ مجموع القتلى الإسرائيليين من الجيش والمدنيين /1069/ و /4500/ جريحاً ، وجاءت خارطة الطريق، وتضمنت رؤية الدولتين التي أخذها مجرم الحرب بوش من مشروع السفاح شارون للتسوية ووافق عليها الرئيس الفلسطيني وجامعة الدول العربية وأنهت انتفاضة الأقصى الانتفاضة الثانية .
تباشير الانتفاضة الثالثة ( الهبّة الشعبية في تموز2014 )
شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس والخليل وبيت لحم وداخل الأراضي المحتلة عام 1948 وفي قطاع غزة هبّة شعبية على إثر اختطاف وتعذيب وحرق الفتى محمد أبو خضير حيّاً على يد حاخام وثلاثة من أولاده .
وشملت الهبّة الشعبية كل فلسطين التاريخية ، حيث دارت مواجهات عنيفة ومظاهرات نظّمها الشباب الفلسطيني الغاضب مع جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية .
وهتفت جماهير المشيعين في جنازة الفتى أبو خضير في مخيم شعفاط بالقدس تصرخ “انتفاضة .. انتفاضة ” وارتفعت الأصوات تطالب باندلاع انتفاضة ثالثة ، ولكن التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن الفلسطينية والإسرائيلية والحرب العدوانية التي أشعلها الإرهابي نتنياهو على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة عام 2014 حال دون اندلاعها آنذاك ، ولعبت سياسات دول الخليج وفضائيتي الجزيرة والعربية وجامعة الدول العربية في الحيلولة دون تصعيد الهبّة الشعبية إلى الانتفاضة الثالثة .
وتحدّث جون كيري وزير الخارجية الامريكي عن إمكانية اندلاعها إذا ما بقيت إسرائيل متمسكة بمواقفها المعرقلة لتحقيق أي سلام ورؤية الدولتين ، وحذّر حتى جيفري فيلتمان السفير الأمريكي السابق في لبنان ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة من اندلاع انتفاضة ثالثة .
وقفت إسرائيل والسلطة الفلسطينية ودول الاعتدال العربي والتي وقّع بعضها اتفاقات إذعان مع العدو الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ضد اندلاع الانتفاضة الثالثة ، وطالبوا إسرائيل بتنفيذ رؤية الدولتين .
ظهر بجلاء أن هناك فجوة كبيرة بين الشارع الفلسطيني وقيادة السلطة وأجهزتها الأمنية التي تعاونت مع أجهزة الأمن الإسرائيلية ضد جماهير المقاومة والهبّة الشعبية والحركة الوطنيةبالضفة الغربية ، ولم تقم القيادة بواجبها تجاه شعبها في مواجهة الحرب الإسرائيلية السادسة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة في تموز 2014 ، وغدرت قيادة السلطة بشعبها عندما مدّ رئيس السلطة يده لاستمرار التنسيق الامني مع العدو الإسرائيلي الذي قصف قرى ومدن ومخيمات قطاع غزة براً وبحراً وجواً وبأحدث الأسلحة الأمريكية ، وإصراره على استمرار التنسيق الأمني مع المحتل والعودة إلى المفاوضات المدمرة ورفضه للانتفاضة الثالثة حتى لو كانت بالحجارة .
عجزت إسرائيل عن قمع انتفاضة الحجارة فوقعت اتفاق الإذعان في أوسلو مع عرفات، وعجزت أيضاً عن إخماد انتفاضة الأقصى فوافقت السلطةعلى خارطة الطريق ، وقام رئيس السلطة بإخمادها لقاء رؤية الدولتين ولم تنفّذ إسرائيل التزاماتها الواردة في اتفاق أوسلو وخارطة الطريق حتى اليوم، ما أدى الى تآكل الموقفين الرسميين الفلسطيني والعربي وتصاعد عنصرية وإستعماروإرهاب المحتل بضم القدس والمستعمرات بالضفة والاغوار والجولان وهرولة السعودية والامارات وعميلهما البرهان والبحرين في التطبيع والتعاون الامني والعسكري والتجاري والسياحي والاستثماري مع العدو الاسرائيلي، مما يفرض على القيادة الفلسطينية الاسراع بإشعال الانتفاضة الثالثة حتى إجتثاث الاحتلال والتحرير وزوال الكيان الصهيوني الاستعماري والارهابي وآخر نظام عنصري في العالم.