المفكر اليهودي شومسكي: الشعب الامريكي يتغير باتجاه اليسار، بعكس الاسرائيلي المتجه نحو اليمين المتطرف

قال المفكر الأمريكيّ-اليهوديّ نعوم شومسكي (92 عامًا)، الممنوع من دخول الأراضي المُحتلّة من قبل إسرائيل بسبب مواقفه الداعِمة للقضيّة الفلسطينيّة: إنّ الرئيس دوانالد ترامب هو أكثر من مهرّج وأقّل من مريضٍ نفسانيٍّ، مُضيفًا أنّه لا يهتّم بتاتًا بالحملة الإعلاميّة ضدّه، أيْ ضدّ حومسكي، في كلٍّ من الدولة العبريّة وأمريكا، مؤكِّدًا أنّ المُهّم هو المضمون، وليس الشعارات الفضفاضة.

شومسكي الذي تحدّث لموقع (WALLA) الإسرائيليّ، قال إنّه في كلّ عامٍ يجتمع العلماء لفحص مدى خطورة القضاء علينا، وهذا الخطر ازداد منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض العام 2017، إذْ أنّ الخبراء باتوا على قناعةٍ تامّةٍ بأنّ بتنا قاب قوسيْن أوْ أدنى من انتهاء البشريّة، مُضيفًا أنّ مواجهة وباء كورونا بالولايات المُتحدّة هو مأساة، وأنّ مئات الآلاف قضوا بفعل إصابتهم في أمريكا، والعدد مرشح للارتفاع، وفي إسرائيل الوضع سيئ جدًا، لأنّ الأخيرة عمليًا لم تُعالِج تفشّي الوباء، بسبب ضغوط القوى الداخليّة وفي مُقدّمتها خشية نتنياهو من اليهود المتزمتين (الحريديم)، فهم شركاء له في الحكومة، وبالتالي فإنّه في حال دخول العامِل السياسيّ في اتخاذ القرارات فإنّ الفشل سيكون حتميًا، كما قال.

وهاجم المُفكّر، الذي يُعتبر من أشهر المُفكّرين في العصر الحالي، الرئيس الأمريكيّ بشدّةٍ، وقال إنّ ترامب يسعى لتدمير كلّ شيءٍ، ولذا انسحب من منظمّة الصحّة العالميّة ومسّ مسًا سافِرًا بحظوظ إيجاد اللقاح، مُعتبِرًا أنّ ترامب لا يهتّم إلّا بعدد الأصوات التي سيحصل عليها بالانتخابات الرئاسيّة، يوم الثلاثاء القادِم، وإرضاء الشركات الكبيرة والقويّة، مُستدرِكًا إنّ تهديد الـ(كورونا) الذي تُواجِهه البشريّة الآن هو الأقّل خطرًا، ذلك أنّه إذا لم تقُم الدول بخطواتٍ عمليّةٍ فسنتعرّض لوباءٍ أخطرٍ يكون هدّامًا، وفق رؤيته.

وشدّدّ المُفكّر الأمريكيّ على أنّ ثلاثة أخطارٍ تُهدّد حاضر ومُستقبل الإنسانيّة، وهي حسب ترتيبه: الأوّل، القنبلة النوويّة، والذي تنامى خطرها منذ وصول ترامب للحكم، والثاني، وقوع كارثةٍ بيئيّةٍ، والثالث هو انتهاء الديمقراطيّة، وإذا لم يتّم التعامل الآن لكبح هذه المخاطر قبل وقوعها بمُساعدةٍ من الخبراء والمُختّصين، أوضح حومسكي، فإننّا عمليًا نُواصِل التقدّم نحو نهاية الإنسانيّة، على حدّ قوله.

وردًّا على سؤالٍ حول حصول التغيير في حال فوز المرشّح الديمقراطيّ جو بايدن، أكّد شومسكي إنّ ذلك يتعلّق إلى حدٍّ كبيرٍ بالضغط الجماهيريّ، إذْ أنّ سُكّان أمريكا تغيّروا وباتوا أكثر يسارًا في تفكيرهم، وذلك خلافًا لإسرائيل، حيثُ أنّ سُكّان دولة الاحتلال يتجّهون إلى التطرّف اليمينيّ، مُشيرًا إلى أنّ إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم، التي غدا فيها الشباب أكثر رجعيّةً من الجيل المُتقدّم بالعمر، هذه الدولة هي بمثابة حالةٍ خاصّةٍ، وأكّد أنّ أوباما هو الرئيس الأكثر دعمًا لإسرائيل في تاريخ الولايات المُتحدّة، على حدّ تعبيره.

شومسكي وهو يهوديّ، قال إنّ العالم أمام نشوء قوّةٍ رجعيّةٍ كبيرةٍ ومؤثرةٍ، واضاف: “هذا التحوّل بدأ في البيت الأبيض، وما زال مستمّرًا بالبرازيل، ووصل إلى الديكتاتوريّات العائليّة في منطقة الخليج، وفي مصر المحكومة من قبل السيسي، وهو المُستبِّد الأكثر وحشيّةً في تاريخ بلاد الكنانة، وأيضًا الهند بقيادة رئيس الوزراء مودي، الذي تقوم حكومته بقتل المُسلمين في إقليم كشمير”.

وتطرّق لاتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين، مُعتبِرًا ذلك خطوةً إضافيّةً في تطوير القوى الرجعيّة، والإعلان عن هذا الاتفاق علنيًا، هو تتويج للعلاقات التي كانت قائمةً وسريّةً بينهم منذ سنواتٍ طويلةٍ، ونحن اليوم أمام وضع القضيّة الفلسطينيّة على الجانب الآخر من التاريخ، ومثالاً على ذلك (صفقة القرن)، فلو طُرِحَت من قبل دولةٍ أخرى، لكانت تحولّت الدولة إلى مثارٍ للسخرية، هذا إنْ اهتّم العالم فيها، كما قال.

ورأى شومسكي أنّ إسرائيل تحصل على التأييد من أكثر القوى رجعيّةً في أمريكا وهي: الإنجيليون والقوميون والصناعات العسكريّة، ويقتصِر التأييد على النخبة وليس عامّة الشعب، علمًا أنّه في سنوات السبعين والثمانين من القرن الماضي كان التأييد لإسرائيل يصِل إلى 80 بالمائة من السُكّان، الذين آمنوا باللبراليّة،

وقد وصف هذا المُفكِّر الإنجيليين بالرجعيين واللا-ساميين الذين يؤمنون بتفوّق العرق الأبيض، وقال ان السياسة الإسرائيليّة القاضية بتفضيل المستوطنات والأمن على أيّ اعتبارٍ آخر جلبت إسرائيل إلى بيت الطاعة الأمريكيّ، وباتت مصيرها مرهونًا بدعم الولايات المُتحدّة لها، مُنبّهًا إلى أنّه من غير المُستبعد بتاتًا أنْ تتغيّر سياسة الدعم الأمريكيّة لإسرائيل، التي ستجِد نفسها في مشكلةٍ.

وعن التهديد الإيرانيّ قال شومسكي إنّه من المُمكِن جدًا وقف البرنامِج النوويّ في الجمهوريّة الإسلاميّة، ولكنّ هذا مشروط بتحويل الشرق الأوسط لمنطقةٍ خاليّةٍ من الأسلحة غير التقليديّة، مُشيرًا إلى أنّ الدول العربيّة تؤيّد الطرح المذكور منذ أكثر من ربع قرنٍ، وأوروبا لا تُعارِض نزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط، وأيضًا دول القارّة السمراء، وحتى إيران نفسها، ولكن لمَ لا يحدث هذا الأمر؟ الجواب، لأنّ إسرائيل ترفض وتحصل على دعمٍ لموقفها من أمريكا، لذا التهديد الإيرانيّ قابِلٌ للحلّ عن طريق مُوافقة تل أبيب وواشنطن على تحويل الشرق الأوسط لمنطقةٍ خاليّةٍ من الأسلحة النوويّة وغيرها من الأسلحة غيرُ التقليديّة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى