في دحض ادعاءات بندر بن سلطان!!

 
طارت العربية – الشهيرة بالعبرية – ومعها الحشرات الالكترونية فرحا وابتهاجا بما قاله بندر بن سلطان في 3 أجزاء وتم التطبيل لها إعلامياً وكأنه فتح من الفتوح…
بدأت الحشرات الالكترونية وعلى كل المنصات هجومها الموجه المعتاد محصورا بـ 3 أجوبة لا رابع لها:
1. كلام بندر بن سلطان موجه للداخل السعودي وليس لكم
2. كلامه كان مستنداً لوقائع وأدلة ومستندات – لو عندكم رد ردوا عليه
3. لو أردنا التطبيع لن ننتظر اذنكم
طبعا لا يفوتهم كم القذارة والبذاءة المعتاد تطبيقا للمثل: الناس على دين ملوكهم!
هذه الحشرات الالكترونية لا تهمنا لا من قريب ولا من بعيد لكن وجب التوضيح:
1. لم يوثق بندر بن سلطان شيئا مما قاله على الاطلاق، حديثه كان مرسلاً نقلاً عن أموات لا يستطيعون الرد: فهد، سعود الفيصل، عرفات، ريغان، مبارك وغيرهم – وكما يقول المثل الشعبي: ما أكذب من طالب متغرب إلا ختيار ماتو جيالو – ذكرني بهيكل وأحاديثه!
2. الشيء الوحيد الذي ظهر على الشاشة وهو يتحدث عنه هو رسالة من ملكه عبد العزيز لروزفلت في مارس 1945 حسب ما قال، ورد روزفلت عليها: لم يتحدث عن فحواها ولا ما ورد فيها، وعلى الشاشة لم نتمكن من قراءة اي جملة منها فلا يمكن أن تكون توثيقاً لما يقول
3. دون ذلك كانت فيديوهات أرشيفية لأحداث مرت على المنطقة لا علاقة لها بما يقول – هذا هو التوثيق المفترض الوحيد وهو ليس بتوثيق على الاطلاق
4. استخدم تعبيرات اسرائيلية 100%: حرب الأيام الستة، الوفد اليهودي عام 1948، الفرص الضائعة وتبنى روايات اسرائيلية كما هي – الحاج أمين الحسيني والنازية، عدوان العام 1956 الثلاثي ونتائجه، فلا عجب أن يعتبره الصحفيون الإسرائيليون بأنّه أفضل متحدث باسم “إسرائيل”، ويطالبون بترجمة لقائه الذي تهجَّم فيه على الفلسطينيين، وتدريسه في مدارسهم!
5. استخدم تعبيرات غاية في البؤس لمن يدعي الدبلوماسية: الانفصاليين في غزة، الفلسطينيين في قلوبهم مرض، أخلاقيات الشواذ من القيادات الفلسطينية، قطر شيء هامشي ودولة هامشية ولا تستحق أن نضيع وقت للحديث عنها – ولنا وقف مع باقي الأوصاف التي أنهى بها حلقاته
6. وقع في مغالطات تاريخية قاتلة منها أن “اليهود” وافقوا على قرار التقسيم 181 وتم الاعتراف بهم كدولة وهذا غير صحيح تاريخياً فلا هم وافقوا ولا تم الاعتراف في حينها بل أخذ فترة طويلة وبشروط لم يلبي الاحتلال منها شيء، مع ملاحظة أن حتى المؤرخين الاسرائيليين تراجعوا عن تلك الروايات التي يرددها بندر اليوم، ومنها أيضاً سؤاله لماذا لا يطرد أردوغان سفير الاحتلال بأنقرة؟ مع العلم أن السفير مطرود على الهواء في 15 مايو 2018
7. قام بتحريض بائس بادعائه أن الفلسطينيين فرحوا بقصف الرياض من قبل صدام حسين مدللاً على ذلك بخروج بعض الناس في نابلس ابتهاجاً – كررها 3 مرات – ومع أن روايته مطعون فيها لكن حتى لو افترضنا جدلاً خروج البعض فهل هذا يدين الشعب بأكمله أو يبرر ما يقول؟ انحراف الأقلية لا يشين الشعوب وإلا لأخذنا أحبابنا وأشقاءنا في المملكة بجريرة بندر وجريرة بنو سعود لكن نميز بين الحكام والطغاة والشعوب
8. حاول سرد مواقف بطولية بشكل مبتذل بكلامه عن ملكه عبد العزيز عام 1948 أو قصة فهد مع ريغان – وسبحان الله هو الشاهد الوحيد عليها – وباقي أطراف القصة توفوا جميعاً ولم يعلموا شيئاُ مما جرى حتى في وقتها – يا محاسن الصدف
9. خصص جزء مطول للحديث عن عرفات – وموقفي من عرفات معروف – لكن أن يستكثر على عرفات أن يضع شروطاً ويعيب عليه أنه لم يقبل ورقة كارتر كما هي، وأن يطالبه بالتوقيع على 3-4 أسطر ونخلص، أو حديثه عن “تبويس” عرفات، أو أخذه طائرته لمدة شهر وغيرها من الروايات المقصود منها الامعان في إهانة من ترحم عليه قائلاً اذكروا محاسن موتاكم ونحصرها في رحمة الله عليه ووصفه على لسان كلينتون بالكذاب!
10. حديثه المبتذل والذي رددت عليه في التسجيل السابق حول المساعدات غير المشروطة وأن الفلسطينيين اعتبروا أنه لا ثمن يُدفع للأخطاء بحق السعودية ولا أدري أين الأخطاء في حديثه إلا رفضهم بيع قضيتهم مراراً وتكراراً والذي عابه عليهم تحت مقولة أضاعوا الفرص أكثر من مرة – 242 – 338 – كامب ديفيد والحكم الذاتي – وهذا تسخيف وتسطيح لا يليق بمن يدعي أنه دبلوماسي مخضرم، فالمتغيرات والظروف تفرض مواقف مختلفة لكنه يجعل من ملوكه أصحاب فكر ورؤى أوصلتنا اليوم لمحمد بن سلمان، ناهيك عن مواقفهم التي ذكرها وأضعفت الموقف الفلسطيني حتى وصل إلى أوسلو المشؤومة
11. بل أنه ناقض نفسه تماماً عندما ربط دعم القضية وعبر كل مراحلها بالضغط على الفلسطيني لقبول ما لا يقبله ولمصلحة الأمريكي والاسرائيلي، وهو ما يثبت أن الدعم المفترض كان مشروطاً وليس لصالح القضية أبداً بل لتصفيتها
12. لم يطلعنا الدبلوماسي المخضرم في حديثه كم فرصة من تلك الفرص التي تحدث عنها وافق عليها الاحتلال؟ أو عن اي فرصة لم يذكرها! – ومن المفارقات أن المبادرة العربية التي طرحها ملكه عبد الله عندما كان أميراً رفضها وما زال يرفضها الاحتلال على ما فيها من سوء وتنازل وتفريط
13. أما حديثه عن الاستيطان وسرده الأرقام حول أعدادهم فنذكره بأنه عندما وافق عرفات على ما يطلبونه منه ووقع وتنازل كانت النتيجة مضاعفة الاستيطان 4 مرات، وبناء جدارالفصل العنصري، والطرق الالتفافية، وسرقة المياه وتهويد القدس وأخيراً صفقة القرن
14. الأكثر بشاعة في حديثه هو حديثه أن الفلسطيني أراد تحرير الأردن ثم لبنان وإقامة دولة فيهما – لا أنكر شخصيا وكل المؤرخين الممارسات المشينة للفصائل هناك لكن أحداً لم يذكر “تحرير الأردن ولبنان” لكنه التماهي مع الروايات الاسرائيلية
15. لن أتوقف كثيرا عند حديثه عن المصالحة الفلسطينية سواء اتفاق مكة أو الدور المصري لأن ما ذكره كذب بواح وافتراء بلا حدود
16. الجزء الثالث كان الأكثر إساءة بدأه بتفاصيل مؤتمر مدريد وكأنه هو الراعي والمخطط والمنفذ الذي لولاه لوقع الجميع في حيص بيص
17. ثم انتقل مرة أخرى لعرفات وحمله المسؤولية الكاملة عن فشل محادثات كامب ديفيد مع باراك، لكنه لم يجرؤ على القول بان ما أفشل تلك المحادثات كان ملف القدس، وبالتالي تبنى وبشكل تام الرواية الاسرائيلية رغم تفنيدها تماما من قبل المطلعين
18. أثبت بندر بن سلطان في حواره الطويل أن آل سعود ومنذ أربعينات القرن الماضي كانوا وما زالوا عرابي صفقات تصفية القضية الفلسطينية، وانحصر دورهم فقط في تركيع الفلسطيني تحت مسمى الفرص الضائعة
19. مرة أخرى حديثه كان مرسلاً عن أموات بلا دليل ولا توثيق يسيّره حقد واضح ودفين بسبب فشله شخصياً وفشل قيادته لعقود في ترويض الفلسطيني خدمة للأمريكي وهو ما تحدث عنه بوضوح شديد
20. الدقائق الأخيرة في حواره كانت الأسوأ عندما حاول تبرير سبب هذ الحوار ليقول بوضوح أن الأمن الوطني السعودي ومصالح ورفاهية شعوبنا أهم من كل شيئ، وربط ذلك بدعم القضية في تمهيد واضح للتطبيع
21. والسؤال هل رفاهية المواطن السعودي تستدعي شيطنة الفلسطيني؟ وهل المواطن السعودي معني بتفاصيل المفاوضات والصفقات خلال 100 سنة أم بوضعه الاقتصادي البائس؟
22. ولتبرير ما يقول وصف بندر الفلسطينيين بـ “كذابين، غشاشين، غير أوفياء وناكرين للمعروف”
لم يكن سهلاً الاستماع لقرابة الساعتين من الادعاءات المرسلة وبطريقة مملة ومبتذلة…
حاول بندر بن سلطان الظهور بمظهر المحاور البسيط السهل الذي يتحدث على سجيته وهو بالتأكيد ليس سهلا ولا بسيطاً، بل كان يسير بنقاط محددة ومعدة سلفاً…
لم يخلو كلامه من محاولة إثارة النعرات الشعبوية خاصة لدى المواطن السعودي وتكراره توجيه الكلام إليهم، لمحاولة حرف استيائهم من ممارسات بن سلمان، وتوجيه المسؤولية على دعمهم المفترض للقضية الفلسطينية التي يسيء إليها الفلسطيني حسب رأيه…
وتكرار قصة ابتهاج نابلس بقصف الرياض، وتحريض الكويتين بسبب موقف عرفات من صدام، وتوجيه الحديث للخليجيين ليقول رغم أن دولهم عملت للقضية وباخلاص ووجهت بنكران الجميل وعدم الوفاء من قبل القيادات الفلسطينية وهو اللي شفناه بالصوت والصورة، وهو كذب بواح فلم يصدر عن القيادة الفلسطينية التي أعارضها شخصياً ما يسيء لأي دولة عربية أو خليجية وكانت مواقفهم ضعيفة باهتة
لا التوقيت ولا طبيعة الحديث ولا طريقة العرض ولا الهجوم الالكتروني مصادفة…
بل جزء واستمرار لحملة التشويه والشيطنة للفلسطيني – للكل الفلسطيني – وليس أفراد أو قيادات…
خلا كلامه من تحميل اي مسؤولية للاحتلال في أي مرحلة، وبرأه تماماً من كل ما حدث بسكوته عن جرائمه…
كما لم يتطرق للعلاقات بين حكام الرياض والاحتلال والممتدة لعقود من الزمن وظهرت للعلن مؤخراً، ولا عن اللهاث نحو التطبيع مع الاحتلال والذي سبق ووثقته بتفاصيله…
كل مأخذه يمكن اختصاره: أهانوننا برفضهم البيع، خذلونا لأنهم رفضوا الاستسلام
بندر بن سلطان المطلوب في قضايا أمام المحاكم الأمريكية بتهم تتعلق بهجمات 11 سبتمبر يحاول إعادة تكرير نفسه والترويج لبن سلمان…
هي مرحلة بن سلمان الجديدة – مرحلة الردة والانقلاب على كل شيء: دين وأخلاق ومباديء
لكنهم لن ينجحوا بإذن الله
ولن تكون الوقيعة بين الشعوب والأشقاء…
كلمة أخيرة للقيادات الفلسطينية التي لم يترك بندر سبة إلا ووصفهم بها، ما هو موقفكم؟
ربما تقولون أنه رأي شخصي فردي لا يعبر عن موقف المملكة وأنتم تعلمون قبل غيركم أن هذا غير صحيح…
لكني أذكركم أنكم انتفضتم في مظاهرات برام الله لثلاثة أيام بلياليها عندما تحدثت شخصياً عن عرفات في شهر سبتمبر 2013، وتركتم الناس في موجات مفتوحة على تلفزيونكم لتسب وتنهش في شخصياً…
اليوم شرّد بندر بن سلطان عرفات وألبسه كل الموبقات، ووصفكم بأبشع وأقذر الأوصاف…
أرونا مراجلكم!
لن تسقط القلاع ولن تخترق الحصون…
لا نامت أعين الجبناء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى