الانتخابات وتعزيز فرص الاستثمار

يقول الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو( رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب , بل في وعي الناس )
يعد البرلمان المؤسسة و الاداة الاساسية والفاعلة في النظام الديمقراطي، اذ يمثل الضامن الذي يعكس ارادة الشعب في العملية التشريعية والرقابية على الاداء الحكومي من خلال اختيار ممثلين منتخبين بطريقة حضارية، وتطبيقا للنصوص الدستورية عبر المادة الرابعة والعشرين والتي تؤكد على أن الامة مصدر السلطات، والمادة الاولى من الدستور التي تؤكد على شكل الدولة الاردنية ونظام الحكم فيها من انه – نيابي ملكي وراثي – .
لهذا فان اهمية الانتخابات البرلمانية تنبع في المقام الاول من انها استحقاق دستوري، وممارسة هذا الاستحقاق هو حق ايضا من حقوق المواطنه فالمواطن من حقه ان يغيير ويجدد نظامه السياسي كلما شعر ان التغيير ضرورة حياتية وليس ترفا سياسيا، وان تجديد اركان الدولة ومكوناتها التشريعية والرقابية والتنفيذية هو جوهر العملية الديمقراطية واستمراريتها وديمومة ذاتها ونخبها الحاكمة، حتى يتعزز مفهوم الحياة الديمقراطية ويترسخ بناؤها القيمي والسياسي والاخلاقي، وهذا لايتأتى الا بوجود وانتخاب رجال يؤمنون بالديمقراطية ويمارسونها على ارض الواقع، فالديمقراطية تحتاج للديمقراطيين الذين يسخرون جهدهم وعرقهم ووجودهم لبناء دولة المواطنة الصالحة، سلاحهم في ذلك العزم والصبر والرجولة والتضحية ضد الطغيان والاستغلال والسيطرة لقوى الشد العكسي المناهض للنهج الديمقراطي شكلا ومضمونا.
ان شعبنا العربي الاردني يجب ان لاتتوقف حياته السياسية نتيجة وجود جائحة الكورونا، او عدم قيامه بتنفيذ الاستحقاق الدستوري واعادة عجلة الحياة الاقتصادية الى طبيعتها المعتادة، فنحن وفي ظل هذه الظروف العصيبة علينا ان نخرج منها اكثر قوة واكثر صلابة من اي وقت مضى، فالاردن يقف اليوم في طليعة الركب العربي امام تحديات الصهيونية العالمية واعوانها، وهو بامس الحاجة الى ضرورة اعادة تصحيح المسيرة السياسية وتصليب جبهتة الوطنية الداخلية وبناء مواطنه ليكون اكثر التزاماً بقيمة الوطنية والعربية، وايماناً بقيم امته وتراثها المجيد الحفل بمبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع
ان الوقت مناسب وليس فيه متسع للتسويف او المماطلة، خاصة ونحن سنخرج من وباء الكورونا اكثر قوة وصلابة ومعرفة بمرتكزاتنا وحاجاتنا الاساسية السياسية والاقتصادية وسيادة القانون على الجميع وتعزيز مفاهيم حرية التعبير وشفافية الاجراءات والمساءلة والمحاسبة ومحاربة الفساد بكافة اشكاله ومسمياته، لكي يتحقق من خلال ذلك الاستقرار العام للفرد والمجتمع – فعامل الاستقرار السياسي وسيادة القانون هما الضامن الاساسي للبيئة الاستثمارية الحقيقية والجاذبة للاستثمار المحلي والاقليمي والدولي، فاصحاب رؤوس الاموال لايمكن لهم ان يستثمروا في بيئة مضطربة ولايسود فيها القانون.
من هنا تنبع اهمية اجراء انتخابات في الاردن كضرورة سياسية دستورية واقتصادية استثمارية تنموية، ومن منظور واسع وفهم عميق باهمية اجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها وعدم تأجيلها، وتكامل الرؤية الاصلاحية الشاملة من عدم امكانية فصل السياسة عن الاقتصاد، فكلاهما يكمل الاخر ويتناغم مع مكوناته وتفعيل العلاقات بين اركانه، وبناء الاقتصاد الوطني للدولة ووفق برامج انمائية زمنية محكمة تحقق الحياة الكريمة والامنة للمواطن والوطن الذي هو- الاس والمقام – في العملية الانتخابية والتنموية التي نعلق فيها الامال الكبار على وعيه في حسن اختيار النائب الذي يحمل هموم الوطن قولا وفعلا، والذي لاتحركه المصالح الشخصية او الفئوية الضيقه انما يكرس جهده وفكره ووجوده للدفاع عن كرامة مواطنه ووطنه ومقدساته وقضايا امته العربية الماجدة في كافة الظروف، ومن على كافة المنابر المحلية والاقليمية والدولية، سلاحه العزم والصبر والرجولة والتضحية من اجل سيادة القانون والتقدم والرخاء والمساواة والعدالة للجميع، والاخاء لبني الانسان .

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى