بعد اقتراف اثم التطبيع.. حكام البحرين يخسرون شعبهم وعروبتهم ولا يربحون اسرائيل

 

دبي (رويترز) – ربما حظيت البحرين بإشادة دولية عندما اقتدت بالإمارات وأقامت علاقات مع إسرائيل، لكن الخطوة التي اتخذتها الحليفة المقربة للولايات المتحدة أثارت موجة جديدة من المعارضة في الداخل.
وعلى الرغم من أن الاتفاق سيمكن الحكام السنة في النظام الملكي للبحرين من تلقي المزيد من الدعم من شركاء غربيين وإقليميين، إلا أنه يخاطر بتوسيع نطاق توتر سياسي وقد يشحذ قوى المعارضة بقيادة الأغلبية الشيعية بعدما أصابتها خيبة الأمل لفترة طويلة.
والبحرين هي مقر الأسطول الخامس الأمريكي وعمليات بحرية دولية أخرى وكانت الدولة الخليجية العربية الوحيدة التي شهدت انتفاضة مطالبة بالديمقراطية في 2011 ضمن ما عرف بالربيع العربي لكنها سحقتها بمساعدة من السعودية والإمارات.
لكن المعارضة استمرت على نطاق ضيق وتصاعدت في بعض الأحيان لمناوشات شهدت رشقا بالحجارة وهجمات بإطلاق النار وقنابل محلية الصنع مما وضع المملكة على الجبهة الأمامية للنزاع الإقليمي الأوسع نطاقا على النفوذ والسيطرة بين إيران والسعودية.
واستخدمت الحكومة سلطاتها المختلفة لقمع الاضطرابات بما شمل اعتقالات ومداهمات أمنية وإسقاط الجنسية وحظرا لأحزاب معارضة وإغلاقا لصحف، وقلل ذلك من مخاطر خروج احتجاجات شعبية حاشدة.
لكن الغضب بدأ في الغليان من جديد منذ إعلان الاتفاق يوم الجمعة الماضي.
وخرجت احتجاجات متفرقة للشوارع في كل ليلة تقريبا منذ الاتفاق الذي تصفه الحكومة بأنه يدعم السلام بين البحرين وإسرائيل وتتجنب استخدام مصطلح “التطبيع” إذ يعتبره البعض إشارة لترسيخ تفوق إسرائيل دبلوماسيا وعسكريا على الفلسطينيين.
وتداول البعض على مواقع التواصل الاجتماعي لافتات مثل “أنا بحريني والنظام البحريني لا يمثلني” و”التطبيع خيانة”.
ولدى سؤال متحدث باسم الحكومة البحرينية عن معارضة الاتفاق ومزاعم المعارضة بأن الحكومة حدت من نطاق النقاشات البرلمانية بشأنه، رد بالقول إن حرية الرأي والتعبير مكفولة بموجب الدستور وإن الحكومة مستمرة في احترام ذلك بقوة.
وقال المتحدث لرويترز في بيان “التنوع التاريخي في البحرين شكل مجتمعا يتقبل التعايش والتسامح. تلك المبادئ ضرورية لتأمين سلام واستقرار دائمين في المنطقة وتدعم إعلان السلام الذي وقعته المملكة مع دولة إسرائيل”.
* رجل دين شيعي
رفضت شخصيات بحرينية معارضة الاتفاق لكن أغلبهم يتحدثون من الخارج. ودعا رجل الدين الشيعي البارز في البحرين آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي يعيش في المنفى في إيران شعوب المنطقة للمقاومة.
وتتهم المنامة طهران بمحاولة تقويض استقرار البحرين. وتنفي حكومة البحرين قمع المعارضة وتقول إنها تحمي أمنها القومي من جماعات تصفها بأنها إرهابية وتدعمها إيران. وتنفي طهران دعمها لإثارة فتنة في البحرين.
ويقول محللون إن على الرغم من تنامي الغضب الشعبي فقد عزز الاتفاق على الأرجح موقف الحكومة، إذ يزيد من احتمالات غض حلفائها التقليديين للطرف عن أي حملات أمنية مقبلة.
وقال جراهام جريفيثز المدير المساعد في مؤسسة (كنترول ريسكس) للاستشارات “ستمنح الخطوة بعض المنزلة للبحرين لدى واشنطن وهو ما قد يحد الضغط، المحدود أصلا، من الولايات المتحدة على سياساتها الداخلية”.
وقال وزير الداخلية البحريني بعد فترة وجيزة من إعلان الاتفاق مع إسرائيل إنه سيؤدي لحماية مصالح البحرين في ظل ما وصفه بالخطر القادم من إيران.
وتعتمد البحرين منذ فترة طويلة وبشكل كبير على حليفتها المقربة السعودية وحصلت على حزمة إنقاذ مالي قيمتها عشرة مليارات دولار في 2018 من السعودية والإمارات والكويت.
وقالت كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن “البحرين تركز بشدة على علاقاتها الحيوية مع الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج في السعودية والإمارات. تشترط هذه التبعيات السياسية اصطفافا بحرينيا فوريا مع القيادة في أبوظبي وواشنطن بشأن هذه القضية الهامة”.
* قضية تدعمها الدولة
تقول شخصيات معارضة إن الحكومة استعدت للمعارضة التي سيلاقيها الاتفاق، إذ عدلت قبل أسبوع من إعلانه قانونا ليتسنى لها التحكم أكثر في مجريات الأمور في البرلمان. وكان مرسوم ملكي قد صدر في الثالث من سبتمبر أيلول يحد من عدد المتحدثين في مجلسي البرلمان يوميا ويحظر الانتقاد أو اللوم أو الاتهامات التي وصفها بأنها قد تضر بمصالح البلاد.
وقال علي الأسود وهو نائب سابق عن جمعية الوفاق المعارضة والذي يعيش الآن في المنفى “الانتقاص من صلاحيات البرلمان يجري منذ 2011 والمرسوم الملكي الأخير هو توقيع على شهادة وفاته”.
اعتُبر الدفاع عن الحقوق الفلسطينية قضية تقرها الدولة وحدت صفوف السنة والشيعة في البحرين لعقود، واتفاق المنامة مع إسرائيل وضع البعض في موقف حرج.
وقالت الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع، التي تأسست عام 2002 ومكتبها في المنامة، إن الاتفاق فاجأها.
وقال عضو مؤسس طلب عدم ذكر اسمه “بعض الشخصيات البارزة على مواقع التواصل الاجتماعي بدأت تتهمنا بعدم التسامح ودعت الحكومة لحل جمعيتنا”.
وأضاف “الاتفاق مع إسرائيل كان مفاجئة بالكامل بالنسبة لنا”.
وسعى مسؤولون من الإمارات والبحرين لطمأنة الفلسطينيين على أن الدولتين لم تتخليا بذلك عن مساندة سعيهم لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على الرغم من تنديد مسؤولين فلسطينيين بالاتفاقين بوصفهما خيانة للقضية.
وقال وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني لوسائل إعلام رسمية في 11 سبتمبر أيلول إن بلاده تدعم مبادرة السلام العربية المعلنة في 2002 والتي تنص على أن التطبيع مع إسرائيل سيتم مقابل انسحابها من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى