كلّف مصطفى أديب تشكيل حكومة جديدة.. الرئيس عون يدعو لقيام دولة مدنية بعيدًا عن عوائق نظام طائفي تجاوزه الزمن

 

كلّف الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الإثنين، سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب تشكيل حكومة جديدة، بعدما نال تأييد تسعين نائباً خلال الاستشارات النيابية التي أجراها.

وأعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهوريّة أنّ عون استدعى أديب لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، تزامناً مع وصول الرئيس المكلّف إلى القصر الرئاسي وفق مشاهد حية بثتها وسائل اعلام محلية. وبدا واضحا أن توافقا حصل خلال الساعات الماضية بين أبرز القوى السياسية لتسمية أديب.

وتعهّد رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة “في أسرع وقت ممكن” تضمّ فريقاً “متجانساً من أصحاب الكفاءة والاختصاص”، وبإجراء إصلاحات أساسية يشترطها المجتمع الدولي لدعم بلاده.

وقال أديب في بيان تلاه من القصر الرئاسي “الفرصة أمام بلدنا ضيقة والمهمة التي قبلتها هي بناء على أن كل القوى السياسية تدرك ذلك وتفهم ضرورة تشكيل الحكومة في فترة قياسية والبدء بتنفيذ الإصلاحات فورا من مدخل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.

وكان الرئيس اللبنانيقد دعا امس الأحد، إلى تأسيس دولة مدنية عصرية بعيدا عن عوائق النظام الطائفي القائم على المحاصصة.

جاء ذلك في كلمة وجهها الرئيس عون إلى الشعب اللبناني بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان دولة لبنان الكبير في الأول من سبتمبر/ أيلول 1920، حسب وكالة الأنباء الرسمية.

وقال عون، إن “النظام الطائفي القائم على المحاصصة كان صالحا لزمن مضى، وصار اليوم عائقا أمام أي تطور وأمام مكافحة الفساد، ومولدا للفتن والتحريض والانقسام لكل من أراد ضرب البلد”.

وأضاف: “هناك حاجة لتطوير النظام. لتعديله. لتغييره. سموها ما شئتم ولكن الأكيد أن لبنان يحتاج إلى مفهوم جديد في إدارة شؤونه يقوم على المواطنة ومدنية الدولة”.

وتعهد بالدعوة إلى حوار يضم القيادات الروحية والسياسية من أجل التوصل إلى صيغة مقبولة من الجميع تُترجم إلى تعديلات دستورية.

واعتبر الرئيس اللبناني، أن “الدولة المدنية وحدها قادرة على حماية التعددية وصونها وجعلها وحدة حقيقية”.

وشدد على “أن تحول لبنان من النظام الطائفي السائد إلى الدولة المدنية، يعني خلاصه من موروثات الطائفية البغيضة وارتداداتها، ومن الخطوط الحمراء والمحاصصات التي تكبل أي إرادة بناءة”.

وقال عون: “اللبنانيون يستحقون بعد طول المعاناة دولة تكون فيها الكفاءة هي المعيار، ويكون القانون هو الضامن لحقوق الجميع بالتساوي، والانتماء الأساس هو للوطن وليس لزعماء الطوائف”.

وأشار أنّ “لبنان يعيش اليوم في أزمة غير مسبوقة، حيث انفجرت تراكمات عقود في السياسة، في الاقتصاد، في المال وفي الحياة المعيشية”.

ويقوم النظام السياسي اللبناني على أساس اقتسام السلطات والمناصب السيادية على أساس الانتماءات الدينية والطائفية.

وكرّس اتفاق الطائف 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975 إلى 1990) معادلة اقتسام السلطة على أساس المحاصصات المكوناتية التي توزع المناصب الرئيسية بين المكونات الأساسية الثلاثة، المسيحيين والسنة والشيعة.

وتتوزع الرئاسات الثلاث بواقع، الجمهورية للمسيحيين ورئاسة الحكومة للسنة ورئاسة البرلمان من حصة الشيعة.

وفيما يتعلق بالذكرى المئوية لإعلان لبنان الكبير، قال الرئيس عون: “هذه المئوية، وإن كانت قد عرفت بعض حقبات من الازدهار والنهضة الاقتصادية والثقافية والمؤسساتية، إلا أنها وبمجملها كانت زاخرة بالأزمات والحروب”.

وأضاف: ” لم يعرف فيها شعبنا استقرارا حقيقيا ولا الاطمئنان إلا لفترات قصيرة تشبه الهدنة ما بين أزمة وأزمة”.

ويحتفل اللبنانيون في الأول من سبتمبر/ أيلول هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس دولة لبنان الكبير.

وفي هذا التاريخ من العام 1920، أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو (المندوب السامي للاحتلال الفرنسي على لبنان وسوريا) دولة لبنان الكبير، بعد إعادة ترسيم الحدود بين البلاد التي كانت خاضعة للحكم العثماني ومن بينها سوريا ومتصرفية جبل لبنان.

وتتزامن الذكرى المئوية لإعلان لبنان الكبير مع أزمة اقتصادية قاسية واستقطاب سياسي حاد يعيشه لبنان، منذ أشهر، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.

وزاد من حدة الأزمة، انفجار وقع في مرفأ العاصمة بيروت في 4 أغسطس/آب الجاري، خلف 182 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين، بخلاف دمار هائل بخسائر تُقدر بنحو 15 مليار دولار، وفقا لأرقام رسمية غير نهائية.

ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، بعد أن حلت منذ 11 فبراير/ شباط الماضي محل حكومة سعد الحريري، التي أجبرتها احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية على الاستقالة، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى