هل فشلت زيارة الوزير بومبيو للمنطقة في تسريع التطبيع مع دولة الاحتلال؟

 
أنهى وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو الخميس 27/ 8/ 2020 جولته التي استمرت يومين في المنطقة، وشملت الدولة الصهيونية والإمارات العربية المتحدة والسودان وسلطنة عمان ومملكة البحرين، وكان من أهم أهدافها الاحتفاء بالتطبيع الاماراتي – الإسرائيلي، وبحث بيع طائرات ” أف 35 ” وأسلحة أمريكية متقدمة أخرى للإمارات تقدر قيمتها بعشرة مليارات دولار، والضغط على السودان وعمان والبحرين للتسريع في عملية التطبيع، ودعم حملة ترامب الانتخابية للفوز بفترة رئاسية ثانية، وتنفيذ خطة تطويق إيران وزيادة الضغط عليها وعلى حلفائها في المنطقة، ومناقشة الجهود المبذولة لإعادة الوحدة لدول مجلس التعاون الخليجي.
بالنسبة لبيع طائرات ” أف 35″ للإمارات، لا توجد هنالك عوائق أو معارضة أمريكية أو إسرائيلية حقيقية لأسباب عدة من أهمها أن هذه الطائرة المقاتلة الأمريكية الأكثر تطورا تنتج في ثلاث نماذج مختلفة في تقنيتها وأدائها وهي ” أف 35 أي، أف 35 بي، أف 35 سي ” وفي الغالب ستعطى الإمارات … أكثرها كلفة وأقلها فاعلية قتالية … مقارنة بالنموذج الذي حصلت عليه إسرائيل، ولن تستخدم ضدها، وقد تستخدم ضد إيران، أو في حروب عربية – عربية، وكما كتب أهرون بأبو في صحيفة معاريف الإسرائيلية ” واضح أنه لا يمكن لإسرائيل أن تؤيد إعطاء سلاح متطور للعرب، ولكن إذا كان السلاح في أياد أمريكية، أو خاضعا لسلطتها فلا يوجد أفضل من هذا” وهو ما ينطبق تماما على صفقة الإمارات في حال إتمامها!
أما فيما يتعلق بتطبيع السودان وعمان والبحرين مع الدولة الصهيونية فقد كانت الإدارة الأمريكية تتوقع خطا أسرع، ومما لا شك فيه أن بومبيو ضغط على تلك الدول للإسراع في التطبيع، لكن يبدو أن هذه الدول تقاعست إلى حد ما، وفضلت التريث قليلا حتى تهدأ العاصفة التي أثارها التطبيع مع الإمارات، وهناك احتمال أن تعلن سلطنة عمان ومملكة البحرين موافقتهما على التطبيع خلال الشهرين القادمين، أي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر القادم لمساعدة حملة ترامب الانتخابية؛ ومن ناحية أخرى فإن السودان، الذي اجتمع رئيس مجلسه السيادي الحاكم عبد الفتاح البرهان مع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو يواجه خلافات بشأن التطبيع بين الحكومة ومجلس السيادة؛ ولهذا لم ينجح بومبيو بضمه الى قائمة المطبعين، ولكنه، أي السودان وافق على دفع 330 مليون دولار لأمريكا كتعويضات لضحايا تفجيري سفارتيها في نيروبي ودار السلام في عام 1998 مقابل رفع اسمه من قائمة الإرهاب.
وفيما يتعلق بتطويق إيران وحل خلافات دول مجلس التعاون فقد قال بومبيو بعد اجتماعه بولي عهد البحرين” ناقشنا أهمية وحدة الخليج ومواجهة النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة.” إيران هي العدو اللدود لأمريكا وإسرائيل وبعض الدول الخليجية والعربية الأخرى، ولهذا فإن بيع أسلحة حديثة للإمارات وتطبيع البحرين وعمان مع إسرائيل يمكّن الصهاينة من التواجد العسكري بالقرب من إيران، ويعزز محاصرتها وتطويقها ومهاجمتها عسكريا إذا قررت إسرائيل وأمريكا وبعض العرب ذلك.
وأخيرا فإن وحدة مجلس التعاون التي يتكلم عنها بومبيو ليست سوى كذبة أمريكية الهدف منها استغلال وابتزاز دول المجلس؛ فمنذ متى تحرص أمريكا على نجاح وحدة دول الخليج، أو تشجع أي تقارب أو تنسيق حقيقي بنّاء بين الدول العربية؟ أمريكا تبتز دول مجلس التعاون، وتدعم تقارب وتعاون الدول العربية التي تخدم مصالحها الاستراتيجية وتقيم علاقات مع تل أبيب، وتحارب بشراسة دول ومنظمات محور المقاومة، وتبذل قصارى جهدها لإفشال أي محاولات لحل الخلافات العربية – العربية وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الأقطار العربية!
لقد فشل بومبيو في إقناع قادة السودان وعمان والبحرين بأن يحذو حذو قادة الإمارات ويعلنوا عن رغبتهم في التطبيع بين بلادهم وتل أبيب؛ ربما بسبب رفض الفلسطينيين والشعوب العربية والإسلامية، وخوفا من ردود فعل مواطنيهم؛ لكن ذلك لا يعني انهم عارضوا إملاءات بومبيو، وتخلوا عن رغبتهم في الهرولة لتل أبيب!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى