مبادرة السلام العربية لا قيمة لها! فلماذا يدّعي ” أولياء الأمر” التمسك بها؟

أعلن القادة العرب في مؤتمر القمة الذي عقدوه في بيروت في نهاية مارس/ آذار 2002، أن السلام العادل وإنهاء الصراع مع إسرائيل سلميا هو خيار الدول العربية الاستراتيجي؛ وبناء على ذلك طرح الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز مبادرة للسلام معها تطالبها بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان وحتى خط الرابع من يونيو / حزيران 1967، وجنوب لبنان، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ومقابل ذلك سوف تعتبر الدول العربية النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، وتدخل في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل، وتقيم معها علاقات طبيعية في إطار سلام شامل دائم!
فما الذي حدث عربيا وإسرائيليا خلال الثمانية عشر عاما التي مرت على عرض تلك المبادرة؟ الصهاينة لم يضيعوا يوما واحد إلا واستغلوه في الاعتداء على الشعب الفلسطيني وسرقة أرضه، والتوسع في الاستيطان، والعمل معا بيمينهم ويسارهم السياسي لخدمة دولتهم من خلال تطويرهم لاقتصادهم وجيشهم وعلومهم وثقافتهم وصناعاتهم وزراعتهم وبنيتهم التحتية، وتسخير اعلامهم لتزوير حقائق التاريخ وخداع العالم! فما الذي فعلناه نحن العرب؟ نحن لم نضيع يوما واحدا في تأزيم خلافاتنا القبلية والطافية والجهوية، وفي التآمر على بعضنا بعضا فأصبحنا شيعة وسنة وصوفية ومتشددين دينيا وعلمانيين ومنافقين ومستسلمين وخانعين “لأولياء الأمر”، ومتخلفين علميا وثقافيا وحضاريا وصناعيا وزراعيا وفقدنا البوصلة؛ ورغم كل هذا الانهيار ما زال معظم القادة العرب يتكلمون عن ” مبادرة السلام العربية” ويطالبون الصهاينة بقبولها!
ونحن نسأل ” أولياء الأمر” لماذا تقبل إسرائيل ” مبادرة سلامكم” بعد أن شرذمتهم الوطن العربي وأضعفتموه وأصبح دويلات قبائل وطوائف متصارعة تعاني من سفك الدماء والفقر والذل؟ إسرائيل تزداد قوة يوما بعد يوم، ودويلاتكم تزداد ضعفا وتفككا إلى درجة أنها لا تستطيع حماية نفسها وتلجأ لأمريكا وغيرها لحمايتها!
الشعوب العربية تدرك أن تصريحات معظمكم التي تلت خيانة الإمارات، والتي أعلنتم فيها عن … تمسككم بالمبادرة العربية … ليست سوى أكاذيب لا قيمة لها هدفها هو شراء الوقت لامتصاص غضب شعوبكم وانتظار الظروف الملائمة لتقفزوا على قطار التطبيع مع تل أبيب! أي إنكم ستتخلّون حتما عن مبادرة سلامكم كما تخلّيتم عن اللاءات الثلاث: ” لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل”، التي تبناها مؤتمر القمة العربية الذي عقد في الخرطوم بعد هزيمة حزيران 1967، إلا بعد ان تنسحب من الضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان.
إسرائيل ما زالت تحتل الضفة وغزة، وبنت مئات المستوطنات، وضمت القدس واعتبرتها “عاصمتها الأبدية “، وضمت الجولان، ورفضت مبدأ ” الأرض مقابل السلام ” الذي تطالبون به، واستبدلته بمبدأ ” السلام مقابل السلام “؛ أي إنها تتعامل معكم من مركز قوة، وتقول لكم بصراحة ووضوح بأنها لن تتنازل عن شبر واحد من الأراضي التي تحتلها ولا تعير اهتماما لمبادراتكم، بينما أنتم تستجدون سلامها وصداقتها! أليس هذا غريبا وعارا؟ نعم إنه غريب وعار ومرفوض عند القادة الذين … يمثلون شعوبهم … وعند الشعوب الحرة التي تعتز بنفسها وترفض الاستسلام؛ لكنه ليس غريبا على قادة دويلات مثلكم لا حول لهم ولا قوة، تخلوا عن كرامتهم، وتاجروا بشعوبهم وأوطانهم!
اليوم تطالبون بفلسطين والجولان وغيرهما، وإذا بقي ” الحال على هذا المنوال ” فسيأتي اليوم الذي تقدمون فيه … مبادرات عربية جديدة … تطالبون فيها الدولة الصهيونية بالانسحاب من أكثر من دويلة عربية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى