دور الإدارات الامريكية في تدمير هذه المنطقة

جعلت الولايات المتحدة الأمريكية من ما يسمى بالشرق الأوسط منطقة تعيش الحروب والأزمات خاصة بسبب احتضانها للكيان الصهيوني وإمداده بكل أشكال الدعم المادي والاقتصادي والعسكري وتوفير الحماية السياسية والأمنية لهذا الكيان الغاصب لأرض فلسطين العربية والذي أصبح يشكل قاعدة تهديد وانطلاق نحو خلق الأزمات والعدوان على الأقطار العربية والتدخل بشؤونها الداخلية ونشر خلايا التجسس والاغتيالات في العديد من هذه الأقطار والعمل على إجهاض أي مشروع نهضوي عربي يحقق للعرب آمالهم المشروعة عن طريق توحيد جهودهم الضرورية لمواجهة اخطار المشروع الصهيوني والمشاريع الامبريالية التي تعمل الإدارات الأمريكية على تنفيذها في المنطقة الغنية بالمادة الإستراتيجية “النفط” والغاز.

وقد تأثرت السياسة الأمريكية تجاه المنطقة والوطن العربي بالصهيونية العالمية واللوبي المؤيد لهذه الحركة في الكونجرس الأمريكي، فالصراع العربي – الصهيوني والعداء للقومية العربية وحركات التحرر العربية، حددت هذه العناصر وغيرها أسس السياسة الخارجية الأمريكية والمخططات والمشاريع التي عملت، وما زالت، تعمل الإدارات الأمريكية المتعاقبة على انجازها.

ومن هنا يأتي العداء والحقد الأمريكي ضد الجهات التي تشكل عقبة امام سياساتها ومشاريعها وبخاصة سورية والمقاومة وايران، وهي (أمريكا) تعمل على خلق الأزمات والمشاكل الحصار والتدخل السافر بكل أشكاله لإضعاف الرافضين لسياستها وشل قدرتهم على مواجهة المشاريع الامبريالية والصهيونية، وقد تجسد هذا العداء والتدخل العالي الوتيرة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش (الابن) حيث رفع شعار “من ليس معنا فهو ضدنا” واقدم على شن حرب عدوانية على العراق (آذار 2003) وإصدار القرار 1559 أيلول 2004، الذي استهدف سورية والمقاومة الوطنية اللبنانية وقام بحصار سورية، وهذا مهد لشن حرب عدوانية عليها في الخامس عشر من اذار 2011 ..هذه الحرب القذرة التي استهدفت سورية الدولة من تموز عام 2006 اكما استهدفت لبنان ومقاومته، عبر شريكها الاستراتيجي في المنطقة “الكيان الصهيوني” مثلما شجعت الحكومة الصهيونية برئاسة اولمرت على شن حرب عدوانية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عام 2008، وتبعتها اكثر من عدوان 2012، 2014 وحتى الان.

وجاء الرئيس باراك اوباما ليكمل السير على الطريق الذي سار عليه جورج بوش والمتمثل باستمرار وتصعيد العداء للعرب وبذل كل الجهود من اجل حماية امن الكيان الصهيوني ونهب ثروات العرب وبخاصة النفطية منها والتدخل العدواني في الشؤون الداخلية للعديد من أقطار الوطن العربي وبخاصة في لبنان وسورية وفلسطين والعراق طبعا، وإذا ما عدنا إلى التاريخ غير البعيد وبالتحديد لشهر شباط من العام 1982 نجد المشروع الأمريكي الصهيوني المعادي للعرب الذي أطلقه الشريكان الذي يستهدف تقسيم وتفتيت الأقطار العربية إلى كيانات هزيلة على أساس الأعراق والطائفة والمذهب من اجل إضعاف العرب خدمة للمشروع الصهيوني من جهة وفتح الطريق واسعا لتنفيذ المصالح والأطماع الأمريكية من جهة أخرى.

هذا إضافة إلى قيام الكيان الصهيوني وبدعم وإسناد من الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت بشن حرب عدوانية على لبنان واحتلال العاصمة بيروت بذريعة القضاء على الإرهاب، والمقصود هنا طبعا المقاومة الفلسطينية المتواجدة في لبنان وكذلك نجد مشروعا أمريكيا جاء تحت عنوان “الشرق الأوسط الكبير” تتجه الولايات المتحدة الأمريكية من خلاله إلى تفتيت الأقطار العربية وبعض الدول الإسلامية على الأسس نفسها (العرقية والطائفية والمذهبية).

وما زالت هذه المخططات والمشاريع سارية المفعول حيث يعمل الشريكان الصهيوني والأمريكي ومعهما الاتباع في المنطقة تنفيذها عبر خلق الأزمات والفوضى والفتن والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد في العديد من أقطار الوطن العربي ويأتي ضمن تطبيق هذه المشاريع وبخاصة المشروع الأمريكي الذي يهدف إلى تصفية قضية الشعب العربي الفلسطيني عبر ما يسمى “بصفقة القرن” وغيرها من المخططات التي تحاول الإدارة الأمريكية تمريرها عبر الضغط على الشعب الفلسطيني وقواه، وجعلها تقبل بها رغم سياسات حكومة الإرهابي نتنياهو في الاستمرار في نهب الأرض العربية الفلسطينية وإقامة المستعمرات الاستيطانية فوقها والإقدام على توسيع المستعمرات القائمة في الضفة الغربية بعامة، وكذلك سياسة الضم لأراض واسعة من الضفة الغربية بعامة وشمال البحر الميت وغور الأردن، بخاصة وحول مدينة القدس العربية حيث تستكمل حكومة نتنياهو تهويد المدينة المقدسة.

ولما كانت سورية والمقاومة الفلسطينية ومعهما المقاومة الوطنية اللبنانية يرفضون تصفية القضية الفلسطينية ويقاومون معا أية مشاريع لا تعيد الأرض العربية المحتلة والحقوق العربية المشروعة فلا بد من الإقدام على أعمال من شأنها إضعاف هذه الجهات لتصبح غير قادرة على منع تمرير هذه المشاريع والمخططات أقدمت حكومة العدو على العدوان تلو الاخر على سورية واقدمت إدارة ترامب على رفع وتيرة العقوبات على سورية عبر ما يسمى بقانون “قيصر”، كما لجأت الجهات المعادية (الأمريكية والصهيونية) إلى تحريك خصوم النظام في سورية والفئات التي لها مصلحة حقيقية في استهداف الدولة السورية التي تشكل ركيزة أساسية في دعم المقاومة وإمدادها بالقدرة على مواجهة المشاريع الصهيونية والأمريكية خاصة وان سورية والمقاومة تتصديان معا للمشاريع الامريكية- الصهيونية التي تستهدف اقطار الامة العربية.

وتصدت سورية للعصابات المسلحة ذات الأهداف التي تخدم المخططات المعادية أو تلك المرتبطة بالجهات المعادية. في الوقت الذي تعمل فيه القيادة في سورية على تلبية متطلبات شعبها بالإصلاحات اللازمة للارتقاء بالشعب والحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله وتحمل مسؤولياتها في هذه الظروف العصيبة واللحظات القاسية حيث تدرك القيادة السورية بأن ما يجري إنما يشكل امتدادا للصراع التاريخي ما بين المشروع الامبريالي الصهيوني الاستعماري والمشروع القومي العربي النهضوي وما يمثله هذا الصراع من تناقض في المصالح بين الامبريالية والقوى العربية المقاومة المنخرطة بشكل مباشر في هذا الصراع. وها هي سورية تحقق الانتصارات وتفشل المشاريع المعادية.

كما جاء اغتيال المجاهدين قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس ضمن المشروع الأمريكي الصهيوني لضرب المقاومة واضعافها وقد دانت منظمة حقوق الانسان إدارة ترامب بشكل مباشر في ارتكاب هذه العملية الاجرامية وتنشر الصحافة الامريكية هذه الأيام عن مشاريع ومخططات أمريكية صهيونية لالحاق الدمار والخراب في دول المنطقة الرافضة والمواجهة لمشاريعهما، ايران، سورية، العراق، اليمن، لبنان. حيث يشهد هذه الأيام أيضا عقوبات ومحاولات السفيرة الامريكية خلق الفتن والتحريض على حرب أهلية تخدم سياسات ادارتها والكيان الصهيوني.

نراهن على القوى الحية في امتنا العربية وهذا يجعلنا نؤكد على أن هذه المنطقة لن تصبح أمريكية التوجه ولن ترضخ للأنماط السياسية والاقتصادية والثقافية الأمريكية، مثلما نؤكد على أن سياسة الحرب والعدوان والبطش والإرهاب والتعذيب ونشر الفوضى المسماة “بالخلاقة” لن تحقق الأهداف والمخططات الأمريكية والصهيونية وهذا واقع نشاهده ونراه في سورية العربية حيث توقيع اتفاق عسكري مع ايران لمواجهة العدوان الصهيوني الامريكي.

وعليه فإننا نقول لكل من يراهن على أمريكا الشريك الأساسي للعدو الصهيوني من الفئات الضالة الخارجة على أمتها، لقد انتهت الحقبة الأمريكية في المنطقة والى الأبد وان المرحلة القادمة سوف تكون حقبة جديدة من تاريخ المنطقة وسيكون لقوى المقاومة العربية والإسلامية في المنطقة الدور الأساسي في صياغة هذه الحقبة وذلك من خلال ترسيخ الوحدة الوطنية في كل قطر عربي واعتماد المقاومة في مواجهة أعداء الأمة ومخططاتهم.

*الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
12/7/2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى