ذكريات رجل ثمانيني عن الزمن العمّاني الجميل

 

خطر لي ان اذهب لتفقد معالم جبل عمان القديمة، لأرى كيف صارت بعد حوالي خمسين سنة على عهدي بها، عندما كان جبل عمان زينة العاصمة، وخاصة في المنطقة الأخيرة والمتوسطة منه.

بدأت من شارع الرينبو حيث تُرى عند أول المدخل وعلى اليمين منه السفارة السعودية القديمة، وقد هالني انها صارت بناية مهجورة ومتروكة تعلوها الاتربة والاوساخ وبابها مغلق وتعلوه القاذورات، والبناء بأكمله يثير الغضب على هذا الوضع.

أما الجانب المقابل للسفارة من الشارع فهو في حاله حسنة، حيث توجد دكاكين بقالة وحلاق وخضار، كما هو الحال في سوق مطروق. وتقدمت فوجدت مكان سينما الرينبو بناية مغلقة ولا اعرف بماذا تستعمل، ومن الجهة المقابلة يوجد مقر شركة مصفاة البترول المعروفة على ما اذكر، وبعدها يوجد مقر المركز البريطاني للتعليم ولا ادري إذا كان صالحا للعمل أم انه مهجور.

وعند التقدم قليلا يوجد منزل الأمير طلال ولي العهد في ذلك الحين وهو مهجور أيضا، وفي مقابله دخلة أو شارع كان في بدايته منزل الوزير السابق عبد الرحمن رشيدات، والد ممدوح وصلاح وخالد ونعمان وسعاد رشيدات، ويليه قصر إسماعيل البلبيسي الفخم الذي كان الأمير عبد الله يطلب من صاحبه استضافة ضيوفه فيه من الملوك والرؤساء والوزراء الذين يحضرون لزيارته أو تسليم رسالة له، ومقابل قصر البلبيسي كان هناك منزل صدقي القاسم محافظ عمان الذي كان شديد السمرة.

بعد ان مشيت مسافة أربعين أو خمسين مترا وجدت على يساري منزل دولة سعيد المفتي وهو متروك ومغلق وحالته سيئة، وبعده بأمتار وعلى الجهة المقابلة كان قصر أسرة مانكو الثرية وهو أيضا مهجور ومتروك وأشجار الحديقة ذابلة وصفراء، وباب مكتوب عليه بالانجليزية “فيلا مانجو”.

ونزلت قليلا فلم أجد منزل رئيس الوزراء السابق إبراهيم هاشم بل وجدت مكانه دكاكين مؤجرة بقالات وما شابه، أما منزل دولة توفيق أبو الهدى الذي كان يبعد عنه عشرين مترا فغير موجود، ونزلت قليلا إلى منزل صبري الطباع فوجدته مهجورا والدكاكين التي تحته بعضها مغلق وبعضها فيه سيارات بأرقام صغيرة، وقد حاوت النزول من هناك الى شارع السينمات فوجدت أزمة سير منعتني من المرور، فعدت أدراجي الى الدوار الأول، ثم الى البيت بعد جولة أعادت إلي الذاكرة بعضا من ذكريات أيام بعيدة ولكنها كانت ممتعة وسعيدة.

وفي اليوم التالي خطر لي ان اذهب الى منطقة أخرى لي فيها ذكريات، وهي منطقة شارع الطلياني وجسر الحمام حيث سكنا هناك بضع سنوات في الأربعينات وما بعدها، قبل ان ننتقل الى جبل اللوبيدة حيث أقام والدي -رحمه الله- منزلا في شارع كلية المسجد، وكان يوجد في هذا الشارع في ذلك الزمن بجانبنا من اليمين بيت بديع يعيش – المبنى من الحجر الأحمر – وهو قصر مهجور الان، وعن اليسار بيت أبو حسان وهو تاجر، وفي المقابل بيت عبد الرزاق الدباس الموظف في وزارة المالية، ويبعد عنه قليلا بيت الضابط أديب القاسم، وبيت خير الدين المعاني المحامي، وبيت المحامي حنا نده، وبيت القلعجي، وبيت محمود صلاح القاضي والمحامي، وبيت عيسى دلل المحامي، وبيت سهيل نعناعة وإخوانه، وبيت عبده شموط والد رفعت شموط – رئيس محكمة التمييز والعدل العليا / فيما بعد-.

وقد وصلت الى الدكاكين التي كان والدي قد بناها مكان الغرفة التي تطل على شارع تجارين وكان بعض اصدقائه قد نصحه ببناء دكانين على الشارع وخلفهما غرفة وبذلك يكسب أجرة دكانين شهريا.

وقد اضطر للذهاب للبنك العقاري المصري حيث رهن المنزل واخذ قرضا وبنى دكانين وخلفهما غرفة وكذلك بنى طابقا ثانيا حيث سكنت وحدي في هذا الطابق الثاني للدراسة واستقبال الأصدقاء.

وقد دخلت للدكان التي تبيع تسجيلات أغاني وبطاريات ولمبات إضاءة وقد عرفني صاحب الدكان ورحب بي، وقال لي ان ابن اختي الضابط المتقاعد امجد خريسات هو صاحب هذه الدكاكين والدار حيث اشتراها من أخواتي اللواتي كن يملكنها بعد ان تقاسمنا التركة، حيث اخذت البنات الخمس دار شارع الطليناني، وأخذت أنا وأخي حسين دار اللويبدةن ثم تنازلت عن حصتي لأخي وعمرت المنزل الذي اقطن به حاليا في الشميساني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى