الانتفاضة الشعبية الامريكية تتجذّر سياسياُ وتتحول تدريجياً الى ثورة ثقافية تحاكم رموز العنصرية وتاريخ العبودية

قام المتظاهرون في نيو أورليانز الأمريكية، اليوم الاحد، بتحطيم تمثال جون ماكدونو، ورميه في نهر المسيسيبي بعد نقله على متن شاحنة من مكانه إلى النهر.

وبحسب ما نقلت قناة “فوكس نيوز” الأمريكية فإن المتظاهرين قاموا بتحطيم تمثال ماكدونو، والمعروف بـ”مالك العبد”،قبل أن يقوموا بنقله إلى نهر المسيسيبي حيث تم إلقاء التمثال في النهر، في الوقت الذي أدان فيه عمدة نيو أورليانز، لاتويا كانتريل، الاحتجاجات ووصف العمل بغير قانوني.

وتمت إزالة عدد من التماثيل في عدد من الولايات بقرار من السلطات وتعرض بعضها للتخريب في الأسابيع الأخيرة وسط احتجاجات واسعة النطاق بعد وفاة الأمريكي الأفريقي جورج فلويد على أيدي الشرطة في مينيابوليس.

ويعود بعض تلك التماثيل لجنود وجنرالات امتلكوا عبيدا خلال فترة الحرب الحرب الأهلية الأمريكية، بالإضافة لتماثيل مكتشف أمريكا كولومبوس، الذي يتهمه الناشطون اليساريون بالإبادة الجماعية للسكان الأمريكيين الأصليين.

ازاحة تمثال كولومبوس

وأزيل التمثال البرونزي للمكتشف الإيطالي كولومبوس الذي بلغ طوله ثلاثة أمتار في سانت بول في ولاية مينيسوتا الأربعاء الماضي، كما تعرضت تماثيله في كل من بوسطن وماساشوسيتس وميامي للتخريب.

ويحتفي الكثيرون في الولايات المتحدة بذكرى كولومبوس إذ ينسب له اكتشاف “العالم الجديد” أي الأمريكتين في الكتب المدرسية في القرن الخامس عشر.لكن نشطاء من السكان الأصليين كثيرا ما اعترضوا على تكريم كولومبوس، قائلين إن بعثته أدت إلى الاستعمار وإبادة أجدادهم.

وكان بين التماثيل التي أطيح بها تمثال رئيس الولايات الكونفدرالية جيفرسون ديفيز، وذلك في ريتشموند في ولاية فرجينيا.

وقد أعادت الاحتجاجات ضد العنصرية إلى المشهد الجدل حول التماثيل المتعلقة بتاريخ الولايات المتحدة.

وكانت تماثيل الكونفدرالية، وهي مجموعة من الولايات الجنوبية التي قاتلت خلال الحرب الأهلية التي دارت بين 1861-1865 من أجل الحفاط على العبودية، بين التماثيل التي استهدفها المحتجون الذين خرجوا إلى الشوارع بعد مقتل جورج فلويد في مينيابوليس أثناء إلقاء القبض عليه.كما

كما اتخذت مدن ومنظمات عدة خطوات لإزالة رموز الكونفدرالية، التي كثيرا ما أثارت الجدل بسبب ارتباطها في أذهان بعض الناس بالعنصرية، فقد أعلن حاكم فرجينيا رالف ترمب نورثام أن تمثال جنرال الكونفدرالية روبرت لي سيتم إزالته من ريتشموند، لكن قاضيا أصدر أمرا احترازيا بمنع إزالة التمثال.

ترامب.. والارث الامريكي

في هذه الأثناء رفض الرئيس دونالد ترامب دعوات بتغيير أسماء قواعد عسكرية أطلق عليها أسماء قادة عسكريين من الكونفدرالية قائلا إنهم جزء من الإرث الأمريكي.

وقال في تغريدة على تويتر “لقد دربت الولايات المتحدة الأمريكية ونشرت هؤلاء الأبطال في تلك البقاع ، وقد كسبوا حربين عالميتين. لذلك لن تبحث إدارتي أو تعيد النظر في بقاء هذه التماثيل والمنشآت العسكرية”.

وجدد ترامب تهديداته الأربعاء باتخاذ خطوات ضد المحتجين الذين يحتلون ساحات عامة.

وطالب ترامب على تويتر عمدة سياتل “باستعادة مدينتها” من المحتجين، الذين نعتهم بالفوضويين والإرهابيين المحليين.

ومن جهتها، قالت عمدة المدينة في ردها على ترامب عبر تويتر إنه يستطيع المساهمة في أمن المواطنين بالعودة إلى قبوه في البيت الأبيض.

شابة سوداء تُغيّر تعريف العنصرية 

هذا ويعتزم واحد من أعرق القواميس المرجعية في الولايات المتحدة، تحديث معنى وتعريف كلمة “العنصرية” في نسخته الجديدة، وذلك تلبية لمقترح من شابة سوداء ، تدعى “كينيدي ميتشوم”، من ولاية ميزوري.

الفتاة التي تخرّجت حديثًا من جامعة دريك في ولاية آيوا، أرادت أن تعكس بشكل أفضل اضطهاد الأشخاص من ذوي البشرة الملوّنة، في قاموس “ميريام ـ ويبستر” الذي يُنشر منذ عام 1847.

وبحسب “ميتشوم”، البالغة من العمر 22 عامًا، فإن التعريف الحالي للكلمة لا يضم القمع الممنهج للبعض حسب لونهم، حيث ترى أن العنصرية ليست فقط كراهية، فهي ترى أن هذا التعريف ليس كافيًا.

وقالت: “هذا ليس مجرد بغض لشخص بسبب عرقه، هذه الحرب التي نشهدها دليل على أن الحياة على المحك بسبب نظم القمع التي تسير جنبًا إلى جنب مع العنصرية”.

من جهتها؛ فإن الجهة المشرفة على القاموس قد نشرت بيانًا، جاء فيه أن اللجنة المسؤولة عن النشر تعيد مراجعة تعريف العنصرية في القاموس، وأضاف البيان أن الأمر لا يقتصر على مفردة عنصرية وحدها، بل يشمل مفردات أخرى متعلقة بالعنصرية أو كلمات لها دلالات عنصرية.

وتواصلت “ميتشوم” مع إدارة القاموس عبر البريد الإلكتروني قبل أسابيع، في أعقاب مقتل المواطن من أصول أفريقية “جورج فلويد”، حيث أوضحت لهم أن القاموس يقدم حاليا 3 تعريفات للعنصرية، حيث يتم تعريف العنصرية على أنها “عقيدة أو برنامج سياسي يقوم على افتراض العنصرية مصممة لتنفيذ مبادئها” و”نظام سياسي أو اجتماعي يقوم على العنصرية”.

وقالت إدارة القاموس أن التعريف الثاني قريب من وجهة نظر “ميتشوم”، لكن أضافت: “سنجعل ذلك أكثر وضوحًا في إصدارنا التالي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى