اردوغان يأمر باحتجاز 118 شخصا معظمهم ينتمون لقوات الجيش والأمن، للاشتباه بصلتهم بشبكة غولن

اسطنبول – شنت حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا حملة اعتقالات جديدة واسعة، اامس الثلاثاء، ضد عدد كبير من الضباط والعسكريين برتب عليا تحت ذريعة المشاركة في “محاولة انقلاب” عام 2016 التي أصبح يستخدمها الرئيس رجب طيب أردوغان لسجن معارضيه من السياسيين أو حتى من الصحفيين والناشطين المدنيين.

وقال مكتب الادعاء في اسطنبول الثلاثاء إنه أمر باحتجاز 118 شخصا، معظمهم ينتمون لقوات الجيش والأمن، للاشتباه في صلتهم بشبكة فتح الله غولن التي تزعم تركيا إنها وراء “محاولة الانقلاب” في عام 2016.

وتنفذ السلطات حملة مستمرة على من تشتبه بأنهم من أنصار غولن، رجل الدين المقيم بالولايات المتحدة، منذ محاولة الانقلاب التي سقط فيها 250 قتيلا. وينفي غولن الذي كان يوما حليفا لأردوغان أي صلة له بتلك المحاولة.

وقال مكتب الادعاء إنه أصدر أوامر باعتقال 42 من قوات الجيش والأمن بناء على اعترافات أشخاص سبق احتجازهم وتحليل محادثات جرت عبر هواتف عامة. ومن بين هؤلاء 24 فردا في الخدمة.

وقال المكتب إنه طلب القبض على 76 من قوات الجيش والأمن ومن المدنيين في عملية أخرى بعدما توصل إلى أنهم استخدموا هواتف عامة للاتصال بأعضاء الشبكة. ومن هؤلاء 74 في الخدمة.

واشتملت أوامر الاحتجاز أسماء أعضاء بالقوات البرية والجوية والبحرية، إضافة إلى ضابط برتبة كولونيل وثلاثة برتبة لفتنانت.

ويقول مراقبون أن سياسة الرئيس التركي في السنوات الأخيرة، عبر التدخل في شؤون الدول ودوره في الزج بتركيا في عداوات وتوترات مع الخارج، قد خلفت خسائر بشرية في صفوف المؤسسة العسكرية آخرها التدخل العسكري في شمال سوريا وخاصة في ليبيا.
وأثار مقتل عشرات الجنود الأاتراك في فبراير الماضي في حادثة قصف من قبل الجيش السوري استياء كبيرا في المؤسسة العسكرية التركية أدت إلى موجة استقالات تمّت السيطرة عليها لاحقا، بالإضافة إلى التستر عن مقتل عناصر من الجيش برتب عليا خلال الحرب الدائرة في ليبيا ما ينذر بانشقاقات كبيرة تفسر الحملة الحالية على مؤسستي الجيش والأمن.

وفي إطار صلاحياته الدستورية المُطلقة، تمكّن أردوغان من تعزيز سيطرته بشكل كامل على القوات المسلحة التي كانت حتى وقت قريب أحد أهم عوامل الحكم في تركيا، لكنّ أردوغان نجح في السنوات الأخيرة من تحييدها أولا ومن ثمّ ضمان موالاة كبار ضباط الجيش له.

ومنذ محاولة الانقلاب، تم سجن حوالي 80 ألفا إلى حين محاكمتهم وفصل نحو 150 ألفا من موظفي الدولة ومن الجيش وغيرهم أو أوقفوا عن العمل. ونالت وحدات الجيش التركي البرية والبحرية والجوية، الحصة الأكبر من حملة الاعتقالات الضخمة تلك.

وقد أدت تلك الحملات المتكررة في صفوف الجيش إلى استقالات كبار الضباط الأتراك ما ينذر باختلال خطير في توازن القوات المسلحة، حيث أصبحت أغلب قياداتها المتبقية تنتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، وهو ما يثير مخاوف أردوغان من تشكيل قوة تخرج عن سيطرته وتضع أمامه شبح انقلاب حقيقي من جديد.

ويشبه مراقبون الاستقالات في صفوف المؤسسة العسكرية بالانشقاقات التي حصلت في حزب العدالة والتنمية عندما انسحب كبار قادته وتوجّهوا لتشكيل أحزاب مُنافسة بعيداً عن هيمنة الرئيس التركي وسياساته الانفرادية الداخلية والدولية.

وتعجّ السجون التركية بالمعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، حيث استغل النظام التركي محاولة الانقلاب الفاشلة لإطلاق حملة أمنية واسعة تستهدف خصومه السياسيين ومنتقديه.

وانتقد حلفاء غربيون أنقرة بسبب الحملات المستمرة على أنصار غولن أو غيرهم ممن يعارضون أردوغان، حيث لا تزال الشرطة تنفذ مداهمات بشكل روتيني تستهدف مشتبها بهم.

وقال منتقدو أردوغان إنه يستخدمها كذريعة لقمع المعارضة لكن السلطات التركية تزعم أنها ضرورية لمواجهة تهديدات الأمن القومي متعهدة بالقضاء على شبكة غولن.

وتوجه منظّمات دولية تدافع عن حقوق الإنسان من وقت لآخر انتقادات كبيرة بسبب القمع الذي أصبحت حكومة العدالة والتنمية تنتهجه مع المعارضين لسياسات أردوغان وتطويعها القوانين لصالحها دوريا حتى أن تهمة “الإرهاب” أصبحت جاهزة على المقاس وتوجه جزافا للصحافيين والمعارضين والنشطاء على حد سواء.

وتتم أغلب حملات الاعتقال التي تتعلق بمحاولة الانقلاب بموجب مراسيم حالة الطوارئ التي استمرت لعامين عقب الانقلاب، وتوجه لأغلب المعتقلين تهم “الإرهاب”.

وقدم عمر فاروق جرجيرلي أوغلو نائب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في مدينة كوجالي وعضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التركي منذ أيام استجوابا برلمانيا حول المعتقلين في السجون التركية منذ فترات طويلة دون أن يصدر حكم قضائي ضدهم.

وطالب جرجيرلي أوغلو باستجواب وزير العدل عبدالحميد جول، مرفقا طلب الإحاطة بخطابات ورسائل أهالي الضحايا، وأشار إلى أن العامل المشترك بين جميع الخطابات والرسائل أن أصحابها ينتظرون قرارات المحكمة العليا التي تتراخى في استكمال مراحل التقاضي منذ مدة طويلة.

ووفق تقرير منظمة هيومن رايتس وتش لعام 2019، فإن العديد من محاكمات الإرهاب في تركيا تفتقر إلى أدلة دامغة عن وجود نشاط إجرامي أو أعمال معقولة يُمكن اعتبارها إرهابية. كما توجد بواعث قلق بشأن الحبس الاحتياطي المطول للمتهمين بجرائم إرهابية، ومن تحوّله إلى شكل من أشكال العقاب الجماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى