ضربتان في رأس الغنوشي.. مساءلة برلمانية حول تبعيته لاردوغان، ومبادرة لإزاحته عن رئاسة النهضة

تونس – لم تَحُلْ أزمة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في البرلمان، وإقرار مساءلته عن مواقفه الخارجية المثيرة للجدل، دون زيادة الضغوط عليه داخل حركة النهضة ومن قيادات في الصف الأول تقدمت بمبادرة تحث على عقد مؤتمر الحركة قبل نهاية العام وانتخاب قيادة جديدة، في تناقض مع ما يخطط له الغنوشي بتأجيل المؤتمر إلى موعد غير محدد والاستمرار في القيادة رغم رئاسته للبرلمان وصعوبة الجمع بين المهمتين.
وتداولت صفحات مقرّبة من حركة النهضة مبادرة لعدد من القيادات تحت عنوان “مجموعة الوحدة والتجديد” قدمت خارطة طريق من سبع نقاط بشأن دور رئيس الحركة راشد الغنوشي وموعد المؤتمر الذي تعطل عقده في موعده بسبب عدم تحمّس الغنوشي لعقده قبل ضمان تعديلات تُقدَّم في المؤتمر وتتيح له الاستمرار كرجل رقم واحد في الحركة.
وتضمّ “مجموعة الوحدة والتجديد” التي تبنت المبادرة، كلا من رئيس مجلس الشورى عبدالكريم الهاروني، ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية رفيق عبدالسلام (صهر الغنوشي)، ومسؤول المكتب السياسي نورالدين العرباوي، ومسؤول مكتب الانتخابات محسن النويشي، ونائب رئيس مجلس الشورى مختار اللموشي، ومسؤول مكتب المهجر فخرالدين شليق، ونائب رئيس مكتب العلاقات الخارجية سهيل الشابي، ومسؤول المكتب النقابي محمد القلوي، وآخرين.
ودعت المبادرة إلى “ضمان التداول القيادي في الحركة بما يسمح بتجديد نخبها”، وذلك وفق “مقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات” في إطار تجديد عميق للحركة استجابة لمتطلّبات الواقع وحاجيات البلاد، فضلا عن التوافق على إنجاز إصلاح هيكلي عميق للحركة بما يضمن وحدتها.
وتواجه الحركة عدّة مشاكل، خصوصا في ما يسمي بـ”الانتقال القيادي”، في أجواء مشحونة بالتجاذب والمغالبة، بين نفوذ الغنوشي وتمسّكه بكرسي الرئاسة، وبين شق آخر يضم وجوها بارزة على رأسها وزير الصحة الحالي عبداللطيف المكي.
وقال مراقبون إن ظهور هذه المبادرة، وتبنيها من شخصيات قيادية محسوبة على الغنوشي مثل صهره عبدالسلام، أو رئيس مجلس الشورى الهاروني، يكشف أن فزاعة التخويف من المؤامرة الخارجية لم تعد تفيد، خاصة أن هذه الفزاعة استثمرها الغنوشي لسنوات طويلة ما جعله يكون رئيسا مدى الحياة للحزب منذ تكونه تحت عنوان “الاتجاه الإسلامي” وصولا إلى الآن.
وبدأت حسابات على مواقع التواصل تهاجم المبادرة والقائمين عليها بسبب تزامنها مع الدعوات إلى مساءلة الغنوشي عن اتصالاته ومواقفه الخارجية، فضلا عن مصدر ثروته المتراكمة والمثيرة للجدل قياسا بوضعه كرجل متفرغ للعمل السياسي لسنوات طويلة.
وتقول أوساط مقربة من حركة النهضة إن قيادات معروفة باتت تتهم الغنوشي بأنه يفكر في أجندات تركيا أكثر من تفكيره في تأمين وضع الحركة داخليا والحفاظ على التوازنات السياسية التي سمحت لها بأن تستمر كقوة رئيسية في البلاد، وأن حسابات الغنوشي تهدد بخسارة التحالفات التي صنعتها الحركة داخل البرلمان والحكومة.
وفي موفى نوفمبر 2019، خسرت الحركة الإسلامية أمينها العام زياد العذاري الذي استقال من كافة هياكل الحزب وتخلى عن منصبه القيادي، ثم لاحقا استقالة عبدالحميد الجلاصي، الرجل المؤثر في مختلف الهياكل، فضلا عن استقالة أسماء شبابية مثل نجل وزير الداخلية الأسبق علي العريض، هشام العريض عضو مجلس الشورى، وزياد بومخلة عضو مجلس الشورى والقيادي في الجامعة لسنوات.
وزاد الجدل حول المؤتمر القادم الذي تنتهي فيه عهدة راشد الغنوشي (كونه قضى مدتين كحد أقصى بعد المؤتمر التاسع). وتتحدث الأوساط القريبة من الحركة عن وجود معارضة شديدة لاستمرار الغنوشي في القيادة تحت أي عنوان أو مخرج قانوني، يقودها عبداللطيف المكي وعبدالكريم الهاروني ونورالدين البحيري (رئيس الكتلة البرلمانية).
ويتزامن صعود المعارضة داخل الحزب ضد سيطرة الغنوشي مع نجاح كتلة الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي في التوصل إلى توافق مع أربع كتل أخرى لاستصدار طلب من البرلمان لعقد جلسة عامة لمساءلة الغنوشي بسبب تجاوزاته المتكررة منذ تقلده منصب رئاسة البرلمان، وخاصة رغبته في مصادرة موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد ووزارة الخارجية، والظهور كرجل أول في البلاد، وربط مصيرها بتحالفاته الحزبية الخارجية مع تركيا وقطر وفروع الإخوان في المنطقة، وخاصة في ليبيا.
وقرر مكتب البرلمان، امس الجمعة، قبول مطلب كتلة الحزب الدستوري الحر عقد جلسة عامة لمساءلة الغنوشي في الثالث من يونيو القادم، حول اتصالاته الخارجية ودعمه للعدوان التركي على ليبيا.
وقالت سميرة السايحي، عضو مكتب البرلمان، في تصريحات إعلامية، إن قرار عقد الجلسة جاء على خلفية تقديم كتلة الحزب الدستوري الحر (16 مقعدا من 217)، لائحة تهدف إلى “رفض البرلمان للتدخل الخارجي في ليبيا”.
وأضافت أن اللائحة “تأتي على ضوء اعتصام نفذته كتلة الدستوري الحر داخل البرلمان، إثر رفضه لطلب تقدمت به الأسبوع الماضي، ويهدف إلى مساءلة الغنوشي حول اتصالاته الخارجية والتدخل في شؤون دول أخرى”.
وأوضحت أن “الكتلة أعادت تقديم طلبها للبرلمان، وتم قبول لائحتها”.
ولفتت السايحي، وهي نائبة عن كتلة الدستوري الحرّ، إلى أن أربع كتل نيابية ساندت اللائحة وهي كتل “تحيا تونس” (14 مقعدا) و”قلب تونس” (29 مقعدا) و”الإصلاح” (16 مقعدا) و”المستقبل” (8 مقاعد).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى