ردود الفعل الرسمية العربية الانهزامية على نوايا إسرائيل بضم المستوطنات والأغوار

نجح بنيامين نتنياهو في إرضاء قوى اليمين المتطرف بتقديم تنازلات سياسية تتعلق بالعديد من المناصب الوزارية، وتمكن من تشكيل حكومة جديدة من تحالف ضم ” الليكود”، و”أزرق أبيض” وأحزاب يمينية متطرفة أخرى وقعت اتفاقا تم بموجبه تفويض الحكومة الجديدة باتخاذ الخطوات اللازمة لضم المستوطنات والأغوار، والبدء بتنفيذ الضم عمليا اعتبارا من الأول من تموز/ يوليو القادم.
الإسرائيليون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار متفقون على الضم وإقامة إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر، وخططوا ونهبوا الأرض، ومزقوا الضفة الغربية إلى مناطق محاصرة غير متواصلة، وزرعوا فيها ما يزيد عن نصف مليون مستوطن في أكثر من 100 مستوطنة تضاعف عددهم .. ثلاث مرات .. منذ توقيع اتفاق أسلو للسلام عام 1993، وغيروا بذلك الطبيعة الديموغرافية والجغرافية للضفة الغربية. ولهذا يمكن القول إن ضم المستوطنات والأغوار قادم، وأن الخلاف كان على توقيت التنفيذ لا أكثر ولا أقل؛ وإن الحكومة الإسرائيلية الجديدة هي حكومة الضم وتطبيق ” صفقة القرن ” وتصفية القضية الفلسطينية.
فقد أكد وزير الأمن بيني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي الجديدين في أول تصريحاتهما يوم الإثنين 18/ 5/ بأنهما سيعملان على تطبيق ” صفقة القرن” بكل ما تتضمنه، وأضاف اشكنازي ان الرئيس الأمريكي ” طرح أمام إسرائيل فرصة تاريخية لصياغة مستقبلها لعشرات السنوات القادمة، وأنها (صفقة القرن) تشكل فرصة تاريخية لإسرائيل.” أما سفير إسرائيل في واشنطن رون دريمر فقال ” يجب أن نمضي قدما في الضم الآن لأننا لا نعرف ما سيحدث في الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، قد يفوز بايدن. الآن هذه فرصة سانحة ولذلك يجب تطبيق ذلك الآن.”
والآن وبعد تشكيل حكومة الضم وتنفيذ ” صفقة القرن ” الصهيونية، وصدور إشارات من البيت الأبيض ” بحق ” إسرائيل في ضم الأغوار والمستوطنات، بدأت التصريحات الرسمية العربية تتوالى وكان من أهمها تصريحات الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية، واعلان الرئيس محمود عباس يوم الثلاثاء 19/ 5/ 2020، الذي جاء فيه” إن منظمة التحرير ودولة فلسطين أصبحتا الآن في حل من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية بما فيها الأمنية، وذلك ردا على قرارات الضم الإسرائيلية.”
لطالما سمعنا الرئيس عباس يهدد بإيقاف التنسيق الأمني والتعامل بالاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل ولا يفعل شيئا، لكننا نأمل، وعلى الرغم من ان القرار جاء متأخرا جدا، أنه سينفذ هذه المرة؛ فقد عقد رئيس الوزراء محمد اشتيه اجتماعا طارئا لحكومته أوعز خلاله لجميع الوزارات المباشرة باتخاذ خطوات عملية وإجراءات عاجلة لتنفيذ القرار على أرض الواقع، وأيضا نأمل ان يتحرك الرئيس عباس وهنية وقادة الفصائل والأحزاب الفلسطينية لإنهاء الانقسام البغيض، وتوحيد الصفوف للبدء بمقاومة جماهيرية فلسطينية تستخدم فيها جميع الوسائل المتاحة لشعبا في التصدي لدولة الاحتلال ومخططاتها التوسعية.
أما الملك عبد الله الثاني فقد حذر من ” صدام كبير ” ومزيد من الفوضى والتطرف في المنطقة إذا ما ضمت إسرائيل الأغوار والمستوطنات لسيادتها، وقال إن جميع الاختيارات مفتوحة، مما ..قد.. يعني إعادة النظر في اتفاقية السلام الاردنية الإسرائيلية؛ إننا نقدر عاليا موقف الملك، لكن المطلوب الآن اتخاذ بعض القرارات العملية كطرد السفير الإسرائيلي من عمان، واستدعاء السفير الاردني من تل أبيب، وإعادة النظر في اتفاقية الغاز، وإخبار الصهاينة أن اتفاقية السلام ستلغى إذا ضمت إسرائيل الأغوار وأصرت على التوسع ورفض السلام القائم على حل الدولتين.
وأما قادة بعض الدول العربية الأخرى الفاعلة وخاصة دول الخليج، باستثناء قادة دولة الكويت، فإنهم لم يفعلوا شيئا للتصدي لسياسات دولة الاحتلال التوسعية، بل انهم مستمرون في التطبيع والتنسيق والتعاون معها، وكانت أحدث إشارات العلاقات الخاصة المتزايدة بين قادة تلك الدول واسرائيل هي هبوط طائرة شحن إماراتية في مطار بن غوريون؛ والسودان انضمت مؤخرا لجوقة التطبيع؛ والمغرب طبع منذ زمن طويل؛ والرئيس السيسي صديق عزيز لإسرائيل ينسق سياسته معها لاستمرار حصار غزة، وسفير إسرائيل يصول ويجول ويتجسس في مصر العروبة بحرية؛ أليس من العار على مصر والأمة العربية ان يدخل صهيونيا واحدا لأي بلد عربي، خاصة بلد القائد الخالد جمال عبد الناصر؟ فمن الذي بقي في ساحة النضال ضد الصهاينة؟
لم يبقى لهذه الأمة سوى السواعد الفلسطينية والعربية التي تشكل محور المقاومة، ولا أمل لها في الخروج من مستنقع الذل والهزائم إلا في بذل المزيد من التضحيات والمقاومة: مقاومة الاحتلال الصهيوني، ومقاومة النفوذ الأمريكي، ومقاومة الحكام العرب الانهزاميين الاستسلاميين الذين يبطشون بشعوبهم، ويكذبون عليها ويضللونها، ويتآمرون عليها مع أعدائها للحفاظ على أنظمتهم وعروشهم وكراسي حكمهم المترنحة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى