بعدما باع تيران وصنافير.. السيسي يخون النيل ويخذل الفراعنة في مواجهة الأحباش

ضعفٌ ووهن ومهانة وقلّة حيلة، هذا هو الحال الذي أوصل به السيسي مصر، التي باتت أُلعوبة بين الدول بعد أن كان لها اليد العليا في الشرق الأوسط وإفريقيا، فنهر النيل الذي يُعدُّ أطول نهر في العالم وشريان الحياة الرئيسي في مصر بات مهدد بالجفاف، وبات أكثر من مائة مليون مصري مُعرّضون للجوع والعطش والبطالة، ناهيك تدير كافة المحاصيل الزراعيّة في مصر.
فإثيوبيا وبعد أن علمت حالة الوهن التي أصابت دولة الفراعنة بدأت ببناء السدود على نهر النيل، بهدف الاستفادة من كلِّ قطرة من مياه النهر، وبعد أن هددت مصر برفع “شكوى” ضد إثيوبيا في الأمم المُتحدة كان الردُّ الحبشي أنّهم علموا بتلك الشكوى وأنّ مصر لن تستفيد شيئًا منها، حيث طلبت مصر من مجلس الأمن “تقديم المشورة” إلى إثيوبيا وحثِّها على التوقيع على الاتفاق الإطاري، الذي تم التوصل إليه في ختام المباحثات، لتتنصل إثيوبيا من كافة التزاماتها وتبدأ عملها دون الالتفات إلى أي “مناشدات” دوليّة.

سياسية الأمر الواقع
من جديد نؤكد أنّ مسألة نهر النيل في مصر مسألةً جوهرية بل أكثر من ذلك، فمن دون النيل لا يوجد مصر، غير أنّ مصر اليوم تختلف عن مصر قبل وصول العسكر إلى سُدّة الحكم، واستعدادهم للتفريط بأي شيء في سبيل البقاء في أماكنهم، ولهذا السبب لعبت إثيوبيا على هذا الوتر، وباشرت بأعمال بناء السد وهي موقنةً أنّ أكثر ما ستفعله القيادة المصرية هو رفع شكواها للأمم المُتحدة.
ليس غريبًا أن يكتفي السيسي برفع شكوى للأمم المُتحدة علّه يستطيع أن يحصل على بعض مياه النيل، خصوصًا وهو الذي طلب من “أبي أحمد” رئيس وزراء إثيوبيا أن “يحلف يمينًا” أنّه لن يقوم بالإضرار بحصة مصر من مياه النيل، رُبّما لو رويت هذه القصة لطفل لن يُصدقها، فمنذ متى يتم الأخذ بالأيمان في عالم السياسة!، لكن حالة الوهن المصرية المُرافقة للانقلابي السيسي تفرض أكثر من ذلك، فكلُّ ما يهمّه هو البقاء على كرسيّه، ولنا ما يفعله مع فلسطينيي غزة أكبر عبرة.
كثر من ذلك؛ وفي زيادة بالإذلال المصري؛ فبعد أن تأكدت إثيوبيا من أنّ مصر لن تنتهج طريقًا آخر غير طريق مجلس الأمن والأمم المُتّحدة، وردًا على الشكوى المصرية؛ بدأت أديس أبابا ببناء سد ثاني على نهر النيل، في الوقت الذي ما تزال فيه مفاوضات السد الأوّل مُعلّقة، وسيكلف السد الجديد ما قيمته 74 مليون دولار أمريكي، وسيكون جاهزًا خلال السنوات الأربعة القادمة.

دور خليجي مشبوه
في الوقت الذي يُعلن فيه وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود دعم بلاده لمصر في مشكلتها مع إثيوبيا، تقوم حكومته وحكومة أبو ظبي بدعم إثيوبيا ماديًّا لبناء السد، حتى أنّ رئيس وزراء إثيوبيا شكر الدولتين علنًا لما يُقدمانه من دعمٍ في بناء السد.
قد يُجادل البعض بأنّه ما مصلحة السعودية والإمارات من دعم إثيوبيا في موجهة الحليف “الاستراتيجي” مصر، والإجابة على هذا التساؤل بسيطة للغاية، فالسعودية وبعد رفض مصر إرسال جنود في حربها إلى اليمن باتت تتوجس من مصر، فآثرت دعم إثيوبيا لُتبقي مصر أبد الدهر بحاجة إلى المال السعودي والإماراتي، خصوصًا إذا بعد تدهور الوضع الاقتصادي المصري إثر نُضوب نهر النيل.
أكثر من ذلك، السودان الذي يُعتبر مُتضررًا بشكلٍ أو بآخر، غير أنّه قرر الوقوف بجانب إثيوبيا، بعد أن علم أنّ الإجراءات المصرية لن تكون ذات أهميّة، وأنّ إثيوبيا ستربح المعركة في نهاية المطاف، فقررت الخرطوم الانضمام إلى أديس أبابا أملًا بتحصيل الكثير من الكهرباء المجانيّة التي سيُنتجها السد.
يدّعي بعض المصريين أنّ الطائرات المصرية إبّان حكم الرئيس محمد أنور السادات قامت بقصف مشروعًا إثيوبيًا لبناء سد على نهر النيل، وبالطبع هذا محضُ خيال، ومحاولة للهروب من الواقع الذي فرضته أديس أبابا، ومن ناحيةٍ أخرى هم يطلبون بشكلٍ غير مباشر من السيسي اتباع تجربة السادات الخياليّة، لكن وكما تقول الوقائع فإنّ حلُّ مسألة السدود على نهر النيل ليس لها من حلٍ آخر، ولو أنّ حكومة مصرية تستمدُّ شرعيتها من الشارع المصري لتمكّنت من الوقوف بوجه تلك المشاريع، ولم تلجأ إلى الأمم المُتحدة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، حتى إنّ أحد الدبلوماسيون المصريين يقول: “لقد خسرنا، لم نستطع أن نحول دون تشييد السد، ولم نتمكن من تحصيل التعديلات على المشروع، خصوصًا فيما يتعلق بخفض سعة تخزينه، أملنا الوحيد، والضعيف، هو أن تتم تعبئة بحيرة السد على فترة زمنية تتجاوز الثلاث سنوات التي أعلنت عنها أديس أبابا، وإن حدث العكس، فإن مصر ستكون مهددةً بنقص شديد في حصتها المائية، ربما بدءاً من العام المقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى