أردوغان يغطي على خيبته في مواجهة كورونا بتوظيف نظرية المؤامرة وتلفيق الاتهامات الانقلابية

باشرت المعاضة التركية شن حملة جديدة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، حيث شككت في تقارير حول البطالة صادرة عن الحكومة، متهمة إياها بالتلاعب بالأرقام الحقيقية، كما وجهت انتقادات حادة لمدى هوس أردوغان بفكرة الانقلاب والدوران الدائم في فلك نظرية المؤامرة والتصرف على هذا الأساس باعتماد أساليب الترهيب والتخويف ضد الشعب التركي.
وكذبت المعارضة التركية الأرقام والبيانات التي وردت في تقرير رسمي بشأن البطالة في البلاد حيث شككت في تلك المعطيات مع اتهام الحكومة بالتلاعب بأعداد البطالة وبالتعتيم على الحقيقة.
وقال كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، إن الحكومة تلاعبت بالتقرير الأخير حول البطالة بهدف التخفيف من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها من قبل أزمة كورونا وزادت حدة مع تفشي الوباء في البلاد.

وذكر التقرير الحكومي أن عدد الذين فقدوا وظائفهم في تركيا بسبب جائحة كورونا وصل إلى 223 ألف شخص، فيما تشكك المعارضة في ذلك كاشفة أن العدد الحقيقي لأماكن العمل التي أغلقت وفق قرار حكومي بسبب كورونا بلغ 144 ألفا.
وأكدت المعارضة أن عدد الذين أحيلوا على البطالة يقدر بنحو 504 آلاف حلاق وحوالي 982 ألف عامل توصيل، و523 ألف موظف في المراكز التجارية. ويعد قطاع المقاهي والمطاعم أكثر القطاعات تأثرا بسبب الجائحة إذ نجم عن ذلك إحالة قرابة مليون و900 ألف شخص على البطالة.
ويتوقع الخبراء والمتابعون أن يتضاعف عدد العاطلين البالغ في الفترة الأخيرة 6 ملايين شخص بمجرد انتهاء الأشهر الثلاثة التي حددتها الحكومة لمنع الشركات الخاصة من طرد موظفيها.
ووجد أردوغان نفسه في مرمى انتقادات المعارضة مرة أخرى بسبب السياسة التي اعتمدها للتعامل مع أزمة جائحة كورونا، حيث يقول المعارضون إن الرئيس التركي تفنن في إهدار صناديق العاطلين عن العمل إذ وجهها للبنك المركزي.
ولا تقف الانتقادات والحملات التي تشنها الأحزاب والشخصيات المعارضة على الجوانب الاقتصادية لسياسات أردوغان وحزب العدالة والتنمية بل تشمل أيضا المسائل السياسية، خاصة في ما يتعلق بتعامل الرئيس التركي مع خصومه ومنتقديه معارضيه والرد عليهم دائما من خلال توظيف نظرية المؤامرة وتلفيق تهمة الانقلاب التي باتت جاهزة يخرجها أردوغان في كل مناسبة أزعجه فيها صوت معارضيه أو تحركاتهم ورعب في التخلص منهم.
وقال محرم إينجه، مرشح حزب الشعوب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية السابقة، وهو أكبر أحزاب المعارضة التركية، موجها كلامه لأردوغان “دعك من هذا الانقلاب، ونشط حركة التجارة، وطبق الديمقراطية، واعمل على استقلال القضاء، وآمن بسيادة القانون، ونمِّ الاقتصاد، ولو لم يحدث ذلك سيعطيك الشعب ضربة من خلال الصندوق”.
وأوضح إينجه، في تصريحات صحافية، أن “نظام أردوغان يسعى للمتاجرة بهوس الانقلاب، فنحن ندرك جيدا الفخ الذي نصبه العدالة والتنمية لبلادنا وشعبنا وجيشنا عندما كان شريكا لجماعة فتح الله غولن من ادعاء وهم الانقلاب والأدلة الزائفة”.
وخلال الفترة الماضية، عمد أنصار حزب العدالة والتنمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي للحديث عن محاولة انقلاب على النظام في تركيا.

ووصف صاروهان أولوتش، نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعوب الديمقراطي، الادعاءات حول وجود مخطط للانقلاب على نظام أردوغان بأنها “مجرد شائعات مقصود ترويجها”.
وأكد أولوتش، في تصريحات صحافية، “نحن نعلم جيدا ما تقوم به السلطة التنفيذية وما هدفها من تلك الشائعات، فقد أطلقت شرارة ادعاءات وجود محاولة انقلاب، ولكن لا أساس لها من الصحة نهائيا”.
واعتبر أن “النظام يحاول إظهار نفسه في موقف الضحية، من خلال الترويج لادعاءات وشائعات عن وجود محاولة انقلاب وهمي، في حين أنه لا يوجد شيء كهذا”.
وقال “أنتم تنهون أنفسكم بأيديكم، لا أحد يحتاج إلى التخطيط لانقلاب للتخلص منكم”.
وأثار حديث النظام التركي عن وجود خطط للانقلاب استياء واسعا في الأوساط الشعبية والسياسية التركية التي استنكرت هذا الأسلوب في التعامل مع كل رأي مخالف لتوجهات وسياسات أردوغان وحزب العدالة والتنمية، والذي تكون نتيجته قمع المعارضة وتوجيه الاتهامات بالتخطيط أو المشاركة أو التورط في الانقلاب إلى جانب عزل المسؤولين المحليين وإقصاء الخصوم من المناصب العليا في البلاد وكذلك حملات الطرد من الوظائف مثلما حدث إثر الانقلاب الفاشل في عام 2016.
وانضم إلى قائمة المنتقدين لاستعمال أردوغان وحكومته لغة الانقلاب حليف الأمس أحمد داود أوغلو الذي شغل في السابق منصب رئيس للوزراء في تركيا وكان أحد أبرز قيادات حزب العدالة والتنمية ثم اختار صفوف المعارضة عندما أنشأ حزب المستقبل.
وقال داود أوغلو “يحاولون جعل تركيا دولة أقزام عبر إشاعة مناخ الخوف في أوساط الشعب وتحويل السلطة الحاكمة إلى شركة دعاية”، مستنكرا ترويج النظام وأذرعه الدعائية للشائعات حول التخطيط لانقلاب جديد في تركيا.
وتابع، في مقابلة صحافية الثلاثاء، “هذا الوضع الذي يحول بلدنا إلى دولة أقزام، ويحول السلطة الحاكمة إلى شركة دعاية، يؤدي حقا إلى تكوين صور مأساوية، لأن الدول ينبغي أن تدار بالجدية وليس بالحملات الدعائية”.
واعتبر أن الخطاب الذي يستعمله الرئيس التركي والحزب الحاكم ليس سوى مساع ومحاولات لإضفاء شرعية على “ميولهم الاستبدادي”.
وأفاد بأن “من عجزوا عن إدارة المصائب الكبيرة التي حلّت بالبلاد منذ نهاية فبراير الماضي، ولا يعرفون كيف سيسيطرون على الأضرار والفاتورة الثقيلة خلال الأشهر المقبلة، يحاولون اللجوء إلى طرق ما من أجل التلاعب في الأجندة السياسية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى