تشومسكي ينصح الناشطين لصالح القضية الفلسطينية بالتصويت للمرشح بايدن
يقول الكاتب والمثقف البارز “نعوم تشومسكي” إن تغيير الأشياء يتطلب حراكا شعبيًا، ولهذا طلب من مناصري الحقوق الفلسطينية أن يواصلوا الضغط على السياسيين للنهوض بقضيتهم في الولايات المتحدة.
كما يحث “تشومسكسي” الناس على التصويت لصالح “جو بايدن” لمنع “دونالد ترامب” من الحصول على 4 سنوات أخرى في البيت الأبيض.
واعتبر أن تأييد (إسرائيل) بشكل غير مشروط هو الموقف الأسهل بالنسبة لأعضاء الكونجرس، لذا فإن على المدافعين عن الحق الفلسطيني الضغط عليهم من الناحية الأخرى للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في العدالة وتقرير المصير.
وفي مقابلة مع موقع “ميدل إيست آي”؛ استشهد “تشومسكي” بإنجازات الحركات المناهضة للحرب والمؤيدة لحقوق العمال والحركات النسوية، وقال: “هذه الأشياء لا تقدم كهدايا من السماء”.
ومع تعليق حملة “بيرني ساندرز” في أبريل/نيسان، دعا “تشومسكي” ناشطي القضية الفلسطينية إلى مواصلة الضغط بعد السباق الرئاسي.
وأشار إلى أن أفكار “ساندرز”، التي تحمس لها ناشطو اليسار والقضية الفلسطينية، تكتسب بالفعل نفوذًا داخل الحزب الديمقراطي.
تحويل الآراء بشأن إسرائيل
ساند “ساندرز”، “بايدن”، في أبريل/نيسان، مما جعل نائب الرئيس السابق المرشح المفترض للحزب الديمقراطي لمنافسة “ترامب” في نوفمبر/تشرين الثاني.
كانت الخسارة الانتخابية لـ”ساندرز” بعد الانتصارات الواعدة في السباقات المبكرة بمثابة ضربة لأولئك الذين اعتنقوا أفكاره؛ بما في ذلك الرعاية الصحية الشاملة، والكليات العامة المجانية، وسياسة أمريكية أكثر توازناً في الشرق الأوسط.
ورأى “تشومسكي” أن “ساندرز هو الشخص الوحيد في الساحة السياسية الذين لديهم قدر من الفهم والحساسية تجاه القضية الفلسطينية. ليس بقدر ما أريد، ولكن أكثر من أي شخص آخر”.
وقال “تشومسكي” لموقع “ميدل إيست آي” عبر مكالمة فيديو من منزله في توكسون بأريزونا، إنه بالرغم من ذلك، ما زالت هناك فرصة مفتوحة أمام ناشطي القضية الفلسطينية للضغط على “نقاط الضعف” في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
وأضاف أن (إسرائيل) كان يُنظر إليها قبل 20 عامًا على أنها “أنبل دولة في العالم” فيما تم نبذ الفلسطينيين باعتبارهم “حفنة من الإرهابيين”.
وتابع: “هناك شيء يجب أن نأخذه في الاعتبار؛ لقد تغير الرأي العام بشأن (إسرائيل) وفلسطين بشكل جذري. يوجد نقاش الآن في التيار اليساري الرئيسي حول الصراع، في حين أن الدعم القوي لـ(إسرائيل) أصبح محصورًا في الغالب على اليمين القومي المتطرف والمسيحيين الإنجيليين”.
وأردف: “اعتادت (إسرائيل) أن تكون محبوبة لليبراليين واليساريين. كان الدعم لـ(إسرائيل) قائمًا في الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي. وكان المثقفون اليساريون في حالة حب لـ(إسرائيل). حظت (إسرائيل) بتقدير وثناء أكثر من أي دولة أخرى في العالم في ذلك الوقت، لكن هذا تغير بشكل كبير، والآن يتعاطف الديمقراطيون الليبراليون مع الفلسطينيين أكثر من (إسرائيل)”.
واعتبر “تشومسكي” أن توافق السياسيين الديمقراطيين مع وجهات نظر مؤيديهم بشأن الصراع سيكون له آثار على أرض الواقع.
ومضى بالقول: “هناك فرصة في جعل أحد الحزبين يعكس الآراء التي تغيرت لدى قاعدته الشعبية وبالتالي أن يتحرك نحو سياسات مختلفة للغاية تجاه الشرق الأوسط”.
حجج مناصرة “بايدن”
بالرغم من تزايد تشكك الجمهور الأمريكي تجاه (إسرائيل)، فإن السياسات الأمريكية كانت أكثر دعمًا للحكومة الإسرائيلية من أي وقت مضى.
ففي عهد “ترامب”، نقلت واشنطن سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وقطعت مساعدتها للاجئين الفلسطينيين، وأشارت مؤخرًا إلى أنها ستقبل خطط الحكومة الإسرائيلية الجديدة لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.
انتقد “تشومسكي” سياسات “ترامب” المؤيدة لـ(إسرائيل)، بما في ذلك صفقة القرن التي أعدها صهر الرئيس الأمريكي، “جاريد كوشنر”، وتم الكشف عنها في يناير/كانون الثاني.
ستسمح الخطة لـ(إسرائيل) بالاحتفاظ بجميع مستوطناتها في الضفة الغربية، بينما سيحصل الفلسطينيون على دولة مفككة بدون قوات مسلحة أو سيادة على حدودها ومجالها الجوي.
وقال “تشومسكي”: “إدارة ترامب أكثر يمينية ورجعية من أي إدارة سابقة في التعامل مع القضية الفلسطينية. لقد تمت كتابة صفقة القرن على يد نتنياهو وسلمها إلى صهر ترامب ذي الوجه الطفولي، الذي نشرها للعالم”.
واعتبر أن أسوأ حدث للفلسطينيين سيكون ولاية أخرى لـ”ترامب”، بالرغم من دعم “بايدن” القوي لـ(إسرائيل).
وقال “تشومسكي”: “مع استمرار إدارة ترامب لمدة 4 سنوات أخرى، سيكون من الصعب جدًا القيام بأي شيء. في الواقع، قد لا نعيش حتى، ولكن هذه قصة أخرى”.
وأضاف: “لكن في مثل هذه القضايا، لا يمكنك الضغط على إدارة ترامب. في الماضي، كان من الممكن التأثير على الإدارات الجمهورية. كان ريجان ونيكسون رهيبين، لكن كان لديهما نصف إنسانية على الأقل. يمكنك أن تتعامل معهما كبشر، أما نحن فنتعامل الآن مع عصابة من المجانين السيكوباتيين. هذا شئ جديد خارج نطاق السياسة التقليدية”.
قارن “تشومسكي” إدارة “بايدن” بإدارة “ترامب”؛ قائلًا إنها على خلافها، ستكون عرضة لضغوط الناشطين، خاصة أن جزءًا كبيرًا من قاعدة التصويت للحزب الديمقراطي منفتح على فكرة محاسبة (إسرائيل) على انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وذهب “تشومسكي” إلى دعم التصويت لصالح “بايدن” في نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال: “ما معنى أن تقول أنه لا يمكنك التصويت لأحد الشرّين؟ هذا يعني أنك ستصوّت لصالح شرّ أكبر من كليهما”.
ودعا الناس الذين يفكرون بعاطفتهم إلى التفكير فيما يجب فعله لتجنب تداعيات ولاية جديدة لـ”ترامب” على الجنس البشري حتى لو كان ذلك يعني التحامل على نفسك والتصويت لـ”بايدن”.
ورأى أن الامتناع عن التصويت لـ”بايدن” هو بمثابة تصويت لصالح “ترامب” حتى وإن لم يحدث ذلك.
استهداف مساعدات إسرائيل
قال عدد من ناشطي حقوق الفلسطينيين الذين دعموا “ساندرز” لـ”ميدل ايست آي” في مطلع أبريل/نيسان إن تعليق الحملة الانتخابية للسناتور لن يكون نهاية لنضالهم من أجل العدالة والمساواة.
يقول “تشومسكي” إن هناك أرضاً خصبة للنشاط من أجل فلسطين في الولايات المتحدة الآن أكثر من أي وقت مضى. ودعا إلى استغلال نقاط الضعف القانونية للمساعدة الأمريكية لـ(إسرائيل).
وأضاف: “يجب أن يضغط الناشطون على نقاط الضعف في دعم الحكومة الأمريكية لـ(إسرائيل). إن هذا الدعم يعتمد بشكل كامل على الأكاذيب”.
وأردف: “لماذا لا تعترف الولايات المتحدة بأن لدى (إسرائيل) برنامج أسلحة نووية؟ بالطبع، الجميع يعرف. لكن الولايات المتحدة لا يمكنها الاعتراف بذلك. لماذا؟ لأنهم إذا اعترفوا، ستنشأ أسئلة جادة حول ما إذا كانت جميع المساعدات الأمريكية لـ(إسرائيل) غير قانونية بموجب القانون الامريكي”.
تحظر المادة 101 من قانون مراقبة تصدير الأسلحة الأمريكية تقديم المساعدة (بما في ذلك المساعدة العسكرية) للدول التي لديها تخصيب نووي أو مواد خارجة عن رقابة المجتمع الدولي.
يعد برنامج (إسرائيل) النووي سرًا مكشوفًا في المنطقة، لكن واشنطن لم تعترف به رسميًا أبدًا.
تقدم الولايات المتحدة حوالي 3.8 مليارات دولار كمساعدات عسكرية لـ(إسرائيل) سنويًا، وهي أموال ضرورية لاستمرار الجيش الإسرائيلي.
ودعا “تشومسكي” إلى الاستفادة من قانون “ليهي”، الذي يحظر المساعدة العسكرية للدول الضالعة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقال “تشومسكي”: “ما يتعين على الناشطين فعله هو الضغط من أجل اتباع القانون الأمريكي لإنهاء كل المساعدات لـ(إسرائيل). يبدو هذا مبالغة، لكنه ليس كذلك لسبب واحد؛ من المحتمل أن يوافق قطاع كبير على ذلك بالفعل. ويجب على اليسار أن يكون قادرًا على استغلال ذلك”.