“النهاية”.. دراما مصرية وسط الركام تتوقع نهاية الكيان الصهيوني

تموج قنوات الفضاء المصري خاصة قنوات مافيا رجال الأعمال بركام الأعمال التي تثير الغبار, حول الزعماء الذين رفعوا رايات البلاد ,وتحاول جاهده على الدوام , أن تقتل روح المقاومة في وجدان الشعب والإنسان , تغلغلت الصهيونية وصار رجال الأعمال أذناب للرأسمالية العالمية , فتدنوا بالأعلام إلى الدرك الأسفل وانتهك العقل الجمعي للشعب , عن طريق إنتاج برامج فضائية وأعمال درامية تخاطب الغرائز وتثير الفتنه بين الشعب , وتحض على الإسراف والإسفاف معاً.
تزداد جرعة السفاهة والبلاهة ,وإثارة الغرائز والتدني في الحوار,خاصة في شهر الصيام , وهذا العام خصيصا , من اجل أن يستقر كل فرد في بيته , كطريق لمقاومة كورونا , في معادلة طردية بديلا عن البرامج الدينية والدعاء بأن يرفع الله عنا الغلاء والوباء.
وسط هذا الجو الرمضاني على طريقة فضائيات البتر ودولار في أنتهاك حرمة الشهر الفضيل , وَمِضت نقطة ضوء أسيرة ببطلها الذي درج على بطولة الأعمال التي تخاطب العقل وتثير الفكر وترتقي بالإنسان , فقد تعلقت به الجماهير من خلال عمله الدرامي الرمضاني في 2017 ” كفر د لهاب” , ليعود مجددا في رمضان هذا العام , بعمل درامي جديد , بداياته تبشر بتفوق , وأحترام لعقل المشاهد ومساعدته على التطور الفكري والنظرة المستقبلية لما سيكون عليه العالم , لينتشل الدراما المصرية من القاع , ومن مسلسلات رقص الغوازي والغواني , التي تعرت وانحطت بالذوق العام , وقدمت الإيحاءات الجنسية , حتى صارت وكأنها الذوق العام .
وسط هذه الأجواء ومضت “النهاية,”وهو عنوان مسلسل مصري، بطولة يوسف الشريف وعمرو عبد الجليل من إخراج ياسر سامي و تأليف عمرو سمير عاطف ,و يندرج تحت مسمى الخيال العلمي .
تدور أحداث المسلسل في المستقبل بعد مرور مدة زمنية من العصر الحالي حيث يعرض التغيرات الحادثة على العالم في قصة تشويقية وسيطرة التكنولوجيا على العالم في تلك الفترة والتي يتصدى لها بطل العمل يوسف الشريف الذي يقوم بدور مهندس و اسمه (زين). و تدور الأحداث في العام 2120 و بالتحديد في القدس بعد تحرير فلسطين بواسطة دولة عربية و استخدام السلاح النووي و بالرغم من عدم ذكر اسم الدولة إلا أن اللهجة المصرية بين أبطال المسلسل تشير أنها مصر و إنشاء مدن و ناطحات سحاب تضم مواطنين عرب تعرف بالتكتل و تغير العملة إلى مكعبات الطاقة التي تملأ بالنقاط و تعرف ب (الآي سي).
بين السنوات , ومنذ اتفاق بيجين السادات وبينما نظم الحكم الرجعى والصهاينة وقد تأكدوا أن الشعب المصري قد استكان للتطبيع يخرج من يهز الكيان الصهيوني من الوجود , فكان سليمان خاطر وسعد إدريس حلاوة , ثم تنظيم ثورة مصر بقيادة البطل محمود نور الدين وخالد عبد الناصر, وعلى المستوى الدرامي , كان الفنان محمد صبحي ومسلسلة الرمضاني ” فارس بلا جواد”مسلسل تاريخي مصري يدور في حقبة الاحتلال الإنجليزي لمصر من تأليف وبطولة محمد صبحي تم عرضه لأول مرة في رمضان 2002، و من أخراج أحمد بدر الدين و ناقش المسلسل بطريقة كوميدية الصراع العربي الأسرائيلى ليعرى الاحتلال الأسرائيلى لفلسطين وتضمن مقتطفات من بروتوكولات حكماء صهيون وهو الكتاب الذي أثار جدلا منذ صدوره أول مرة عام 1905 وهو ما أثار حكومة الكيان الأسرائيلي وكذا حفيظة جماعات يهودية واتهمته بأنه معاد للسامية وطالبت الحكومة الإسرائيلية رسمياً منع عرض المسلسل ولكن رفضت الخارجية المصرية الطلب وتم عرضه في شهر رمضان, وان كان جُمِد بعد ذلك .
وأخيراً وليس آخراً يأتي مسلسل الخيال العلمي(النهاية) الذي توقع إزالة إسرائيل من الوجود من خلال حرب تحرير القدس وتفكك حاضنتها أمريكا , ليجن جنون إسرائيل , ووفقًا لبيان نقلته صحيفة “جير وسالم بوست” قالت الخارجية الإسرائيلية إن توقع نهاية إسرائيل الذي جاء في المسلسل “أمر مؤسف وغير مقبول، خصوصًا أنه يأتي بعد 41 عامًا من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل”، في إشارة إلى المعاهدة التي وقعها الرئيس الراحل أنور السادات ورئيس وزراء الكيان الصهيوني الراحل مناحم بيغن عام 1979 بعد حرب أكتوبر، بين البلدين في كامب ديفيد – وطالب الصهاينة بوقف المسلسل .
رد عمرو سمير عاطف، مؤلف المسلسل ، في حديث مع بي بي سي: “إسرائيل تنتج بشكل متواصل أعمالا فنية تهاجم العرب والفلسطينيين وتصورهم كإرهابيين”، متسائلا “لماذا يصادرون على حقنا في العمل الإبداعي الحر؟”
وقال ياسر سامي، مخرج مسلسل النهاية، في تصريحات صحفية إن “المسلسل يحكي عن حلم عربي نؤمن به ونحلم به أيضا، فلسطين أرض عربية إسلامية محتلة، وأنا وفريق العمل عبرنا عن هذا بالصورة، ولكن يبدو أن الصورة التي صنعتُها كانت صادقة فأزعجتهم”.
فيما بدت الشركة وهى شبه حكومية التي تتبعها القناة التي تعرض المسلسل ,تشكك في بيان الخارجية الإسرائيلية , بما يثير الجدل حول وقف المسلسل !!.
وفى جميع الأحوال يبقى العمل الدرامي (النهاية) ومضة أمل تحفظ للدراما المصرية وجهها الناصع البياض خلال الستينات والخمسينات بل وحتى بعد ذلك بقليل , والذي افتقدته مؤخراً, بل وتحفظ للشهر الفضيل رونقه باحترام عقل المشاهد , وسط تدنى وصل حد الإسفاف ,و الحقارة والاستخفاف بعقل المشاهد .
ويبقى للفنان يوسف الشريف , انه الممثل القدير , الذي كسر قاعدة العرى والنفاق والجمهور عاوز كده , ليثبت للجميع أن الجمهور إذا ما أُحترم عقلة ,زاد احترامه للفنان والأعلامى وكل صاحب إبداع , ويوسف الشريف دائما يتطور ويخاطب العقل ويكون للمستقبل عنوان , بل أنه يتفوق على يوسف شاهين في ميزة تشغيل العقل من خلال العمل الدرامي , الأول من خلال التمثيل والأخير من خلال الإخراج .
المسلسل نقله فنيه توجه عقل المشاهد إلى المستقبل وهو ما نحتاجه كثيراً في ثقافتنا العربية , ليتواصل اعتدادنا بتاريخنا الحضاري الذي يمتد إلى الخلف آلاف السنين , فيكون لنا نبراسا نحو المستقبل والتقدم , الذي يجب إن نوجه عقل المشاهد وفكرة وروحه له, بما يوجب علينا أن نقدم كل تحيه وتقدير لكل فرد من أفراد طاقم هذا العمل الفنى .
مسلسل (النهاية ) يطرح نهاية التخلف العربي ونهاية الكيان الصهيوني
وحين تزال هذه العقبات , فالآفاق إلى مستقبل واعد للعقل العربي نحو التقدم وللفكر القومي نحو الوحدة العربية سيتحقق بأذن الله .
كاتب ومحامى – مصري

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى