“جوبلز “يتدنى أمام فضائياتنا الممولة بالبتر ودولار

بقلم : محمود كامل الكومى*

تمهيداً لعاصفة الصحراء … سرى طائر إل CNN غير قادر على أن يفرد جناحيه، وبدا في انكماش على سطح مياه الخليج العربي، مستكيناً لا يقوى على الطيران وهو المغرد الحر الطليق في كل أوان، لأن صدام حسين قد بلل جسده بزيت البترول الذي أساله في مياه الخليج العربي من آبار الكويت.. هكذا كان تصوير قناة المخابرات الأمريكية من صنع خيالها ومن تصنيع خبراء فى سيكولوجية الشعوب لإرهابها وتسخيرها وإبهارها فى آن واحد .
ظلت إلcnn تبث تلك الصورة وتبعتها كل الفضائيات الخليجية بهدف التأثير على الرأي العام العالمي والعربي خاصة – الذي صدق الصورة إلى الدرجة التي رسخت في عقلة لا تفارق خياله- وشعوب العالم جمعاء للإيهام بأن صدام هذا الذي أفقد الطيور تغريدها في الفضاء فلابد من القضاء على وحشيته ، فمن يخلص الإنسانية منه ويرد إليها روحها؟! سوى هؤلاء القابعين يحيكون المؤامرات في واشنطن وتل أبيب، ويبثون عبر الأثير ما يثير الشجون والأحزان ويلهب العواطف عند السذج من العُربان، فتسيل ريالاتهم وبترو دولاراتهم تمول حملات الدمار الإمبريالية والصهيونية على عالمنا العربي فتقتل شعوبه ثأراً لطائِرهم المُصَنع والمفبرك ليبدو حزيناً كما تفتق العقل الشيطاني لمافيا قناة إل C N N التي تبث بمعرفة إل C I A.
منذ ذلك التاريخ بدا أن كل الحقائق والوقائع والقيم والمبادئ والأعداء بالطبع لابد من قلبها رأساً على عقب، فطالما قبِل الإنسان العربي منطق التعامل مع الشيطان، فلابد أن يقبل مغرياته الشيطانية وقد نحى الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم جانباً، ومن هنا سكت البعض عن محاولات قبول «إسرائيل» كصديق، في حين تماهوا في اعتبار إيران والشيعة عدواً، وأن التمسك بالمبادئ والقيم تؤدي للعزلة، واندمجوا مع الترويج للفساد ومنطق دعه يمر ولا تقاوم كي لا تنهار، وبدا ما يقبله العقل والمنطق وطبائع الأشياء غير صحيح وغير جدير بالقبول، وصار تصديق الإشاعات والتماهي مع الأكاذيب وقلب الحقائق يسري بين الناس من خلال قنوات الأثير والفضاء الممولة بالبتر ودولار والمجسدة لأفلام وصور الشيطان.
هل فُتِحت مدرسة جوبلز أبوابها من جديد؟! – أبدا فجوبلز لم يكن يملك إلا إذاعة مارك ونى القديمة , وهم الآن يملكون الأثير , الفضاء الرحيب ,تكنولوجيا معقده من خلال فضائيات تبث ووسائل تواصل اجتماعي تمحو الصحافة الورقية , ليُنقل الخبر والمقال والصورة والحوار على الهواء فى كل الأنحاء , والأرجاء, فيصير الكون فى ثوان قرية صغيرة تسمع وتشاهد وتتحرك فى ذات وقت الإرسال ولحظة الأوان , لدرجه يفقد معها الإنسان العقل والتفكير ’ بل والوجدان , ليصبح أسير الأعلام والبروباجندا والإعلان ويسيل اللعاب ويُشل الإنسان , ليتجمد عند ما يثيره أعلام مافيا الامبريالية والصهيونية والبتر ودولار فى عالمنا العربي , الذي افقدوه القدرة على الحراك وأوقفوا تفكيره عند حد النسيان , فأصيب بالصمم وصار كالعميان .
وإذا كان جوبلز أحد أساطير الحرب النفسية وابرز من وظف وسائل الأعلام فى الحرب ومبدع الكذب الممنهج الذي يعتمد على الترويج لمنهج النازية وتحطيم الخصوم , وهو مؤسس فن الدعاية -وفى شرعِه الدعاية الناجحة تحتوى على نقاط قليلة وتعتمد على التكرار- فكلما كبرت الكذبة سهل تصديقها ,وشعاره أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس.
لكنهم الآن فى عصرنا الحالي عصر السماوات المفتوحة غدوا هم طواغيت الحرب النفسية , فأبدعوا بعيدا عن جوبلز حتى كشفوا عن أنفسهم كمصدر لجوبلز , وأستاذ , لو كان جوبلز فى عالم الحياة الآن لصار تلميذا فاشلا فى مدرسة الكذب والديماجوجية والحرب النفسية المروجة للصهيونية والامبريالية ,فتلك صادراتهم فى الرياء والنفاق والكذب الذي مما جعلهم جديرين بمنصب الشيطان الذي غزا شعوب العالم يفكك لُحمتها ويقضى على فكرها وأمالها وعقلها ووجدانها ويثير غرائزها , وفى عالمنا العربي صَدَرَت الآلة الآعلاميه الامبريالية والصهيونية أذنابها من مافيا رجال الأعمال وتجار البتر ودولار , لتكوين فضائيات ووسائل أعلام وصحافة وإعلان وبروباجندا توجه إلى شعوب عالما العربي , فتمارس عليه الديماجوجية والكذب ثم الكذب وتظل تلح فى كذبها , حتى يصدق الكذبة الشعوب العربية فتنساق دون وعى ولا تفكير ولا أدراك إلى ماتريده الحكومات المُشكلة من مافيا رءوس الأموال فتفقد الشعوب أرادتها وتكبل الأوطان فتتنازل عن الاستقلال وترضخ بلداننا العربية لما تريده الصهيونية من وطن لها كبير من النيل للفرات وحديقة لها خلفية من المحيط للخليج .
فى أعلام البتر ودولار – نتاج الأعلام الصهيو أمريكي – الهرم عندهم مقلوب وقد يكون من إبداع بني صهيون , والكذب موصول.. فالزعيم( ناصر) الذي أقام مشروعه القومي العربي على أن الصراع مع إسرائيل صراع وجود ( قد يكون عميل امريكى صهيوني) والسادات الذي وبرز نجمه مع كمال أدهم رجل المخابرات الامريكية , وحقق حلم إسرائيل وهو مالم تحققه منذ وعد بلفور, هو فى دينهم ( قائد وزعيم)- برز لجو لدا مائير في عقر دارها دون خوف ولا ضيم ,فقدتتخذه أسيرا ( لاحظوا مدى استهتار هذا الإعلام بعقول الناس)- ويواصل هذا الإعلام الرديء تصوير كل من كان على خلاف مع سلاطينهم, فيرمونه بالتعامل مع الصهيونية , متناسين أن حكوماتهم فى أحضان إسرائيل ,لكنهم يسدلون الغشاوة على عيون الجماهير .
لقد غدت فضائيات البتر ودولار عنوانا لإثارة غرائز الشعوب العربية، ومصدرا لتسطيح وعي الجماهير ولبيع الأوطان, وانتشرت الغوازي والعاريات ومقدمات البرامج ومعوجي اللسان الذين يسفهون لسان الضاد ولا يملكون اِلا عُرِي الساق وصباغة الشَعَرِ, وأثاره الحواس , تلك مقومات أعلام العار لكي يجنى مقدمو البرامج ملايين الدولارات .
وهنا لا بد من توجيه تحية باحترام إلى برنامج العباقرة , ومقدمه عصام يوسف , فهو سليل أسرة كانت نتاج عصر التنوير الناصري فى الخمسينات والستينات من القرن الماضي فوالده الكاتب عبد التواب يوسف و ووالدته ماما لبنى – وتحية لكل صاحب كلمة حرة تفضح هذا الأعلام الرديء وترسل إلى عقول شعبنا ومضة أمل على الطريق
وتحية الى إذاعة القرآن الكريم التي مازالت ومنذ افتتحها جمال عبد الناصر ,تواصل التنوير ,وتبتعد عن النفاق والرياء لتسرى من خلال أثيرها الآيات البينات .

كاتب ومحامى – مصري

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى