“المجد” الناصرية وأنا.. قصة عشق لا تنتهي

 

لا زلت أذكر ذلك اليوم الجميل الموافق الاثنين 11/4/1994م ، فبينما كنت في مكتبة الرأي بمدينة الزرقاء أبحث عن بعض الصحف التي تعودت على قراءتها وإذا باسم جديد يغلب عليه اللون الأحمر الغامق يحمل اسم “المجد” وتزينه صورة للزعيم جمال عبد الناصر ،وشعار يضم السيف الذي يعّبر عن القوة، والشمس التي تمثّل حالة إشراق وتفاؤل بالغد العربي الواعد، فضلا عن ثلاث عبارات خالدة تعكس هويه هذه الصحيفة ورسالتها بشكل جلي وروحية نضالية رافضة لمساعي “السلام” التي كانت تملأ آفاق اتفاق اوسلو ومقدمات معاهدة وادي عربة.

اول العبارات آية من القرآن الكريم (( وأعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ))
الثانية آية من الكتاب المقدس العهد الجديد (( من لم يكن لديه سيف فليبع رداءه لشرائه ))
أما الثالثة فهي مقولة تختصر كل واقعنا للزعيم جمال عبد الناصر (( ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة )) .

وفي سعادة بحثت عن إدارة الصحيفة والجهة التي تقف خلفها، معتقدا أن العراق القومي في ذلك الوقت، أو سوريا العروبية أو ان الأحزاب ذات التوجه القومي قد اتفقت مجتمعة على إصدار هذه الجريدة ضمن صيغة ناصرية حيث أن الخط القومي للزعيم جمال عبد الناصر محل اتفاق واحترام كل القوى الوحدوية .

بعد تصفح هذه المطبوعة لفت انتباهي اسم رئيس التحرير الأستاذ فهد الريماوي وهو من الأقطاب الناصرية المعروفة، وصاحب المقالة الشهيرة في مطلع ثمانيات القرن الماضي حرب الوردتين (العراق وإيران) التي كادت أن تغلق جريدة الدستور التي نشرتها في ذلك الوقت .
وكانت المفاجأة الأكبر أن هذا الجهد كان فرديا نهض به الأستاذ فهد الريماوي “أبو المظفر” بمجهود ذاتي وامكانات شديدة التواضع فقط.. ومنذ ذلك التاريخ عرفت وحفظت اليوم الذي تصدر فيه صحيفة المجد صباح كل أثنين من كل اسبوع .

ونحن نتذكر ذلك اليوم الرائع من التاريخ لا نستطيع أن نعزله عن الواقع السياسي الذي يمر به وطننا العربي الكبير منذ جريمة كامب ديفيد، فبدلا من سادات واحد تخلصنا منه أصبح لدينا ساداتيون عرب كتر، بعضهم جاء مجلوبا بالأمر الواقع لطاولة التنازلات المؤلمة بعد مأساة حرب الخليج الثانية وما أفرزت من ضرب العراق الشقيق بعد إخراجه من الكويت وحصار ظالم استمر حتى غزو العراق بهدف إسقاط النظام القومي والعودة بالعراق لحظيرة كامب ديفيد ..والبعض الآخر أخرج علاقته مع الصهاينة من السر للعلن ،وهكذا انطلقت المجد لتشكل، في خندق المقاومة والصمود، منبرا قوميا متسلحا بالفكر الناصري، وهو من ارقى واغنى ثوابت الأمة .

وما هي إلا بضعة أشهر حتى أصبحت المجد قصة نجاح اثبتت ضمن الواقع الموجود انه لا يوجد مستحيل تحت الشمس ، وتصدت بعزيمة لا تلين لنهج كامب ديفيد وملحقاتها في أوسلو ووادي عربه .

مواقف المجد القومبة الباسلة لم تمر بلا ثمن، بل عرّضتها لمختلف صنوف العقاب والتنكيل من مصادرة ومحاكمة وتعطيل وتشويه وحرب اعلانية واعتقال لرئيس التحرير.. الخ،  ومع كل ذلك فقد قاومت المجد كل هذا العذاب، وبقيت صامدة تستمد العزم والصبر من مسيرة عبد الناصر وملحمة صموده، وتراهن على صحوة الاجيال العربية المقبلة مهما امتد الظلام.

من ورقية تحولت المجد الى الكترونية، ولكن المضمون القومي الثوري بقي كما هو، ولسوف تواصل رسالتها الناصرية المستمدة من ثوابت الأمة العربية (الحرية والوحدة والاشتراكية ) ذات الوجه الإنساني .

وفي هذه المناسبة نتقدم من الأستاذ والصديق العزيز” أبي المظفر” وكادر المجد وقرائها بأجمل آيات التهاني القلبية، وكل عام وانتم والأمة العربية كلها بألف خير .. والله غالب على امره ولو كره الاذلاء والمستسلمون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى