بعد اعلان صفقة القرن.. لماذا تسابقت الفصائل الفلسطينية على الحج الى موسكو؟؟

شهد شهر آذار الجاري حركة فلسطينية مكثفة نحو العاصمة الروسية “موسكو”، حيث زارها خلال هذا الشهر كبار قادة المقاومة الفلسطينية المتمثلة بـ”حركة حماس” و”الجهاد” ومؤخرا” الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”، وجاءت هذه التحركات بدعوة من روسيا لبحث مسائل حساسة تتعلق بجوهر القضية الفلسطينية ومحاولة تصفيتها عبر “صفقة القرن” وكذلك موضوع “المصالحة الفلسطينية” ومواضيع أخرى شهدتها اللقاءات الثلاثة، ويبدو أن تسارع وتيرة الزيارات الفلسطينية الى “موسكو” يأتي في اطار سعي الفلسطينيين للاستفادة من نفوذ روسيا المتنامي في منطقة الشرق الاوسط والذي يضع حدا للممارسات الامريكية في المنطقة.
الزيارة الأخيرة لـ”موسكو” قام بها الأمين العام لـ”الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” نايف حواتمة ووفده المرافق، والذين التقوا بوزير الخارجية الروسي وسيرغي لافروف، ومعه نائبه لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف.
واتفق الطرفان الروسي والأميركي، على أن رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما يسمى بـ”صفقة القرن”، “مخالفة للمعايير الدولية لحل القضية الفلسطينية، واستخفاف فظ بقرارات الشرعية الدولية”، مشيرين إلى أنها “تشكل خطراً على استقرار المنطقة، وتفتح الباب للمزيد من الصراعات الدموية، على حساب مصالح شعوب المنطقة، ومستقبلها”.
ووصف الطرفان السياسات الإسرائيلية في المناطق المحتلة، بأنها “انتهاكات لقرارات الشرعية الدولية، وترتقي في بعض جوانبها إلى مستوى جرائم الحرب، الأمر الذي يتطلب من المؤسسات الدولية تحمل مسؤولياتها نحو الشعب الفلسطيني”.
واتفقا على أن الأمر يتطلب من الأمم المتحدة والمجلس الدولي لحقوق الإنسان، ومحكمة الجنايات الدولية، تحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية نحو الشعب الفلسطيني.
كما شدّد الطرفان على “ضرورة إنهاء الانقسام في الصف الفلسطيني، وإعادة توحيد الحالة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال والاستيطان ورؤية ترامب”.
وأشارا إلى “حق الشعب الفلسطيني بالنضال بقيادة منظمة التحرير في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران 67، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات”.
واستعرض الجانبان الأوضاع المتحركة في المنطقة العربية، حيث أدانا “التدخل الأميركي في شؤون الدول العربية”.
وفي هذا اللقاء عرض حواتمة، بالتفاصيل الضرورية، خطة الجبهة الديمقراطية (الخطة الوطنية) لمجابهة وتقويض خطة ترامب – نتنياهو، بدءاً من الخروج من اتفاقات أوسلو وبروتوكول باريس، والتحرر من قيودهما، حيث يتوجب على السلطة الالتزام بقرارات المجلسين الوطني والمركزي بسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني معها، والانفكاك الاقتصادي عنها، واسترداد الأراضي والسكان من الإدارة المدنية للإحتلال، ومد الولاية القانونية والسيادية لدولة فلسطين فوق كل شبر من أرضها المحتلة بعدوان حزيران 67، وطلب العضوية العاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، فضلاً عن طلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأرضه ضد جرائم الإحتلال والسياسات الإستعمارية الإستيطانية ومشاريع الضم. وتفعيل الإحالات الفلسطينية حول جرائم الإحتلال ومتابعتها في محكمة الجنايات الدولية، ودعوة المجتمع الدولي إلى مقاطعة منتجات المستوطنات ونزع الشرعية عن الإحتلال، وعزل دولة إسرائيل، والطلب إلى الأمم المتحدة الدعوة لمؤتمر دولي برعايتها وإشراف مباشر من الدول الخمس دائمة العضوية، لوضع حد للتفرد الأميركي وبموجب قرارات الشرعية الدولية، وبسقف زمني محدد، تصدر عنه قرارات ملزمة تكفل للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية كاملة في قيام دولته الوطنية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، على حدود 4 حزيران 67، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.
وقدم حواتمة رؤية الجبهة لما تحمله خطة ترامب – نتنياهو من خطر على القضية الوطنية الفلسطينية، بإعتبارها خطة لتصفية القضية والحقوق الوطنية المشروعة في تقرير المصير واستبدالها بمعازل سكانية تحت مسمى “دولة” فلسطينية، في ظل هيمنة كاملة لدولة الآبارتهايد الإسرائيلية القائمة على التمييز العنصري، دولة قومية لليهود فقط، تسقط عن الشعب الفلسطيني، في كامل فلسطين التاريخية حقه في تقرير المصير.
وأكد حواتمة أن خطر صفقة ترامب يفيض عن المنطقة العربية، فهي تستهدف كذلك فرض الهيمنة الأميركية – الإسرائيلية المنفردة على المنطقة، ونهب ثرواتها، وإستغلال ميزاتها، وتوسيع دائرة الإحتلال ليصبح إحتلالاً أميركياً إسرائيلياً بشمل المنطقة العربية من مشرقها إلى مغربها. فضلاً عن كونها تشكل سابقة خطيرة في فرض حل يقوم على انتهاك المعايير وقرارات الشرعية الدولية.
لقاءات سابقة
زار وفد من حركة “الجهاد الإسلامي” برئاسة الأمين العام للحركة زياد النخالة، التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في العاصمة موسكو، في 11 آذار/ماس الجاي.
وكان اللقاء، وفق البيان، “إيجابياً ومعمقاً”، أكد خلاله الوزير الروسي “رفض بلاده لصفقة القرن”، مبدياً استعداد روسيا للمساعدة في تحقيق الوحدة الفلسطينية.
وكان رئيس المكتب السياسي في حركة “حماس” إسماعيل هنية زار موسكو في 3 آذار/ مارس الجاري، وكشف في حوار مع الميادين أنه تم التحدث بعمق وانفتاح في كل الملفات ذات الاهتمام المشترك مع المسؤولين في روسيا، وتمّ التركيز على أربعة ملفات مع لافروف، ونائبه بوغدانوف، إضافة إلى طاقم وزارة الخارجية.
وصرح رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أن روسيا لها دور متميز ومقدر في التعامل مع القضية الفلسطينية بشكل عام ومع حركة حماس وملف المصالحة بشكل خاص.
وأشار إلى أن “موسكو كانت دوما عامل جذب لهذه القوى ومحور إسناد في مواجهة محاولات التفرد في التعامل مع القضية الفلسطينية كما لعبت دورا مهما في ملف المصالحة وتعاملنا بإيجابية مع هذه المحاولات المقدرة”.
إن المخاطر الناتجة عن “صفقة القرن” تضع الشعب الفلسطيني بكل مكوّناته أمام تحدّيات ومخاطر كبرى وتداعيات خطيرة على مجمل القضية الفلسطينية حاضرًا ومستقبلا. كما أنّ لها تداعيات وتأثيرات سلبية تطال المواطن الفلسطيني في كل جوانب حياته. لذا من الواجب على الجميع العمل على مواجهة كل هذه المخاطر والتحديات بالوحدة والمقاومة، وعدم التنازل عن الحقوق التاريخية والثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني مهما كانت الظروف قاسية. وأكّدت “الجهاد” للقيادة الروسية أن “الطريق لاستعادة الوحدة الفلسطينية يكون ببناء مرجعية وطنية وفق اتفاق بيروت 2017، تأخذ على عاتقها التصدي لصفقة القرن، وأن المواقف الرافضة لهذه الصفقة من جميع الأطراف الفلسطينية يجب أن تُترجم إلى برنامج عمل نضالي للتّصدّي للمخططات الصّهيونية الهادفة لتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين والقدس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى