بعدما ركب موجة التصعيد.. اردوغان بين الانتحار او الاندحار في ادلب

موسكو – تجاهلت روسيا دعوات متكررة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعقد لقاء على مستوى قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إدلب، في خطوة قد تمثل قشة نجاة بالنسبة إلى الرئيس التركي الذي يبحث عن “خروج مشرّف” من ورطة إدلب في قالب “اتفاق جديد” مع نظيره الروسي الذي يبدو أنه يتمسك بالحسم العسكري على تقديم “تنازلات للإرهابيين” على حدّ قول وزير خارجيته سيرجي لافروف قبل يومين.
وقال الكرملين الخميس إن بوتين ليست لديه خطط للقاء أردوغان في الخامس من مارس لبحث الوضع في منطقة إدلب بسوريا، وذلك على الرغم من تصريحات الرئيس التركي التي رجحت عقد مثل هذا اللقاء.
وكان أردوغان قد ذكر، الأربعاء، أنه من المرجح أن يلتقي بوتين في إسطنبول الأسبوع المقبل لإجراء محادثات بشأن إدلب.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف “بوتين لديه خطط عمل أخرى ليوم الخامس من مارس”.
وبهذا الموقف الصارم، قطع الكرملين الطريق أمام الرئيس التركي للبحث عن مخرج لا يقود إلى المواجهة العسكرية التي تبدو الآن هي المخرج الوحيد لتهوّر أردوغان الذي وضع مهلة آخر فبراير للقوات السورية الروسية للانسحاب من الأراضي التي استعادتها في الهجوم الأخير.
ويرى خبراء عسكريون أن الروس يبدون في موقف من يشجع أردوغان على السير في اتجاه المواجهة، لكنها لن تكون شاملة وأن هدفها إشعار أنقرة بأن اللعبة في سوريا قد تكون باهظة الثمن، وأن المعارك لا تدار بالشعارات.
وأربك وزير الخارجية الروسي، الثلاثاء، مساعي أنقرة نحو وقف الهجمات الحكومية حين أعلن رفض بلاده الدعوات إلى وقف الهجوم السوري المدعوم من موسكو في إدلب، وقال إن ذلك سيكون بمثابة “استسلام للإرهابيين، بل وحتى مكافأة لهم على أفعالهم”.
وأورد التلفزيون الرسمي الروسي أن خبراء عسكريين أتراكا يهاجمون الطائرات الروسية في إدلب بصواريخ محمولة على الكتف، وهو ما يوحي بتجاوز أنقرة للخط الأحمر الذي رسمته لنفسها طيلة الأسابيع الأخيرة للأزمة، أي تجنب الاشتباك مع الروس.
كما ذكر التلفزيون الروسي أن الجيش التركي يقدم دعما بالمدفعية وغيرها من المساعدات للمعارضة المناهضة للأسد في إدلب.
ويأتي هذا التصعيد متزامنا مع روايات محلية عن أن طائرات روسية تولّت قصف قوات تركية ما أدّى إلى مقتل ثلاثة جنود، فيما اكتفت الرواية التركية بالاعتراف بمقتل الجنود عن طريق ضربة جوية ودون أيّ إشارة للجهة المنفذة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل جنديين تركيين وإصابة اثنين بجروح جراء ضربة جوية في محافظة إدلب.
وبمقتل الجنود الذين أعلن عنهم الخميس، يرتفع إلى عشرين عدد العسكريين الأتراك الذين قتلوا هذا الشهر في إدلب التي تشهد مواجهات عنيفة.
ورغم اللامبالاة الروسية، تستمر أنقرة في التمسك بخيار التفاوض والحوار على أمل أن تحقق بعضا من التنازلات الروسية.
ويجري مسؤولون أتراك وروس محادثات لليوم الثاني في أنقرة. ولم تحقق جولتان سابقتان في أنقرة وموسكو تقدما ملموسا.
وأعلن خلوصي أكار وزير الدفاع التركي أنه ناقش مع الوفد الروسي فتح المجال الجوي أمام الطائرات المسيّرة المسلحة وغير المسلحة في سوريا، كاشفا عن أن المحادثات مع الجانب الروسي “وصلت نقطة معينة، وستتضح نتائجها في أيّ من الساعات أو الأيام المقبلة، وسنحدد موقفنا على أساسها”.
ويحمل هذا الكلام اعترافا تركيّا بأن المحادثات تراوح مكانها وهي أقرب إلى الفشل، وأن البحث عن مخرج من بوابة الحوار لم يعد ممكنا، وأن المواجهة هي أقرب الاحتمالات.
وكان ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط، قال الأربعاء، إن موسكو تتوقع نتائج جيدة من المفاوضات مع تركيا بشأن إدلب.
لكن غياب النتائج حدا بأكار إلى القول إنه سيجري مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي مارك إسبر حول الأوضاع في إدلب، بمعنى أكثر وضوحا اللجوء إلى واشنطن طلبا لدعم سياسي وعسكري بمواجهة التشدد الروسي.
وكان أردوغان اعترف الأربعاء بأن واشنطن لم تبد أيّ استعداد لمنح منظومة صواريخ باتريوت لمواجهة السيطرة الجوية الروسية.
وفيما تقول وسائل إعلام تركية إن القوات السورية الحليفة قد استعادت مدينة سراقب الاستراتيجية، بمحافظة إدلب، فإن دمشق تنفي سقوط المدينة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وحدات من الجيش تصدت “لهجوم كبير تشنه المجموعات الإرهابية المدعومة من النظام التركي على محور سراقب، وقضت على العشرات من الإرهابيين”. كما نقلت وسائل إعلام روسية عن جهات عسكرية عن مصدر عسكري روسي نفيه هذا التطور العسكري، قائلا إن قوات الحكومة السورية صدت بنجاح هجوما للمعارضة على المدينة.
وقطعت دمشق شوطا كبيرا في حملتها العسكرية من أجل استعادة السيطرة على محافظة إدلب بدعم من الطيران الروسي منذ مطلع ديسمبر الماضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى