الجمهورية العربية المتحدة في ذكراها الــ 62

 

 

تريثتُ قليلاً في نشر هذا المقال لافساح المجال امام الزملاء الكثر الذين تطوعوا بمقالاتهم الرصينة لاحياء ذكرى قيام دولة الوحدة المصرية – السورية التي ما زالت عزيزة على قلب كل عروبي شريف، رغم أن الزمن قد تغير فلم يعد هذا زمناً عربياً ولا وحدوياً، بل بات رهين النصب والكذب والتزوير والارتماء في حضن العدو الصهيوني- الامريكي البغيض، حتى توهم اصحاب “السوابق الانبطاحية” انهم سابقون لعصرهم وعالمون ببواطن الامور .. اما من يقاوم الصهينة والأمركة ويدافع عن الأمة فهو إرهابي وتخريبي وخارج عن إجماع “القطيع” .

انظروا الى العربية، او بالحرى جامعة ايدن، التي أصبحت مصدر مصائب الأمة العربية، فقد احتل العراق ودمر وأصبح مسرحا لحرب الطوائف، بينما هي خارج نطاق الخدمة، بل وساهمت في إعطاء شرعية للاحتلال الأمريكي الذي انطلق من بعض دول عربية أعضاء في تلك الجامعة ، واحتلت ليبيا ودمرت بموافقة من الجامعة العربية ، وسوريا أرادوا إعطاء مقعدها لمرتزقة البترودولار، وما زالت صورة الراحل غير المأسوف عليه سعود فيصل وزير خارجية ماثلة في الاذهان وهو يقدم أحد المرتزقة من السوريين الخونة بقوله: تفضل يا سيادة الرئيس !!!

في هذه الظروف الاستثنائية تمر علينا الذكرى الــ62 لقيام الجمهورية العربية المتحدة.. اتحاد مصر وسوريا، وكان الامل أن تشكل تلك الجمهورية نواة للوحدة العربية الشاملة، نظرا لاستقبال الشعب العربي في كل أقطاره لتلك الوحدة الوليدة، الأمر الذي أحرج كل الأنظمة العربية بلا استثناء حيث كان الاستقبال فوق ما يتصوره العقل، ولا سيما بوجود قائد وزعيم وقائد استثنائي وهو جمال عبد الناصر على رأس تلك الوحدة، وهو فارس القومية العربية، ومفجر ثورة الأمة بنضاله وكفاحه ضد الاستعمار، ودعمه لحركات التحرر العربية، حتى أنه لم يبق بلد عربي واحد تحرر من الاستعمار إلا وكانت بصمة مصر عبد الناصر تطبع نضاله .

لقد ساهمت مصر بقيادته بدعم حركات التحرر في القارات الثلاثة، وجاءت الوحدة المصرية السورية لتكون ثمرة كفاح أمة وأملها في التحرر والنهوض، ولكن منذ قيام تلك الوحدة الوليدة والعالم كله يتآمر عليها حيث اتفق قطبا العالم: أمريكا والاتحاد السوفيتي، ولثاني مرة في التاريخ بعد اتفاقهم في الحرب العالمية الثانية، ضد تلك الوحدة الوليدة، ناهيك عن عرب الاعتلال ومأ أصابهم من خبل سياسي وهوس من قيام تلك الوحدة التي رأووا فيها نهاية محمياتهم التي أقامها لهم الاستعمار القديم ويدعمهم الاستعمار الجديد .
وبذلك اتفق الأعداء وأتباعهم من الخونة والموازين الدولية التي أوجدت السرطان الصهيوني على هدف واحد، وهو إفشال تلك الوحدة ، وكان لا بد أن تفشل خاصة مع ملايين الدولارات التي أغدقت على ضعاف النفوس هنا وهناك، وكانت مأساة الانفصال نهاية ذلك الحلم الجميل في 28 من أيلول سبتمبر عام 1961م ، حيث مهدت دبابات الانفصال الخياتية الطريق لجيش العدو الصهيوني كي يحقق ما حقق بعد ستة أعوام من الانفصال وبنفس تاريخ الانفصال بعد تسعة أعوام رحل الزعيم جمال عبد الناصر لجوار ربه، لتبقى تلك الوحدة تاريخا ودروسا وعبّرة لاجيال المستقبل، وأرادت لها أمريكا الصغيرة، أو الكيان الصهيوني وعملائه، ان تشكل دليلاً على فشل أي حلم عربي بالوحدة والتحرر .

لذلك أصبح الحديث عن الوحدة العربية في هذا العصر الصهيو أمريكي الأسود ضرباً من الخيال، أو البحث في علم ما وراء الطبيعة، مع أن الحقائق والشواهد كلها تؤكد أن الوحدة هي الوجود والقوة لكل أمة تحترم ذاتها، ولا يوجد أمة تقدمت وأصبح لها مكان بين الأمم إلا بوحدتها الجغرافية والسياسية، وبقيت أمتنا العربية هي الاستثناء للأسف لأن هناك من لهم مصلحة في بقائها مجزأة متخلفة والحديث عن وحدتها كأنه عن إحدى المستحيلات .
وعلى هذا الأساس كان الله في عون كبارنا مما عاشوا حلم الوحدة ونقيضها اليوم ، ومع ذلك ستبقى الوحدة العربية هي أمل الأمة في النهوض والوجود والطريق الوحيد للتقدم الحضاري والثقافي ومواكبة العصر .. فتحية اعتزاز وتقدير لفرسان تلك الوحدة، الزعيم جمال عبد الناصر، والرئيس أو المواطن الأول شكري القوتلي.. وتعظيم سلام لكل القابضين على جمر المبادئ في عصر التنازلات الصعبة.. وستبقى الوحدة دائما هي الحل .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى